تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقوله ذو وجوه يحتمل معنيين: أحدهما أن من ألفاظه ما يحتمل وجوها من التأويل، والثاني أنه قد جمع وجوها من الأوامر والنواهي والترغيب والترهيب والتحليل والتحريم.

وقوله فاحملوه على أحسن وجوهه يحتمل أيضا وجهين:

أحدهما: الحمل على أحسن معانيه؛

والثاني: أحسن ما فيه من العزائم دون الرخص والعفو دون الانتقام.

وفيه دلالة ظاهرة على جواز الاستنباط والاجتهاد في كتاب الله وقال أبو الليث: النهي إنما انصرف إلى المتشابه منه لا إلى جميعه، كما قال تعالى:

{فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} (آل عمران: 7)

لأن القرآن إنما نزل حجة على الخلق، فلو لم يجز التفسير لم تكن الحجة بالغة، فإذا كان كذلك جاز لمن عرف لغات العرب وشأن النزول أن يفسره، وأما من كان من المكلفين ولم يعرف وجوه اللغة فلا يجوز أن يفسره، إلا بمقدار ما سمع فيكون ذلك على وجه الحكاية لا على سبيل التفسير فلا بأس به، ولو أنه يعلم التفسير فأراد أن يستخرج من الآية حكمة أو دليلا لحكم فلا بأس به " [12]

وتبنى السيوطي [13] هذا المعنى من غير إشارة إلى مصدره، كما ساق السيوطي له شواهد:

" 2838 وقد أخرجه ابن عساكر في تاريخه من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي الدرداء قال: "إنك لن تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها". قال حماد: فقلت لأيوب: "أرأيت قوله حتى ترى للقرآن وجوها أهو أن يرى له وجوها فيهاب الإقدام عليه؟ قال نعم، هو هذا".

2839 وأخرج ابن سعد من طريق عكرمة عن ابن عباس أن علي بن أبي طالب أرسله إلى الخوارج فقال: "اذهب إليهم فخاصمهم ولا تحاجهم بالقرآن فإنه ذو وجوه، ولكن خاصمهم بالسنة"

2840 وأخرج من وجه آخر أن ابن عباس قال له: "يا أمير المؤمنين فأنا أعلم بكتاب الله منهم، في بيوتنا نزل! قال: صدقت! ولكن القرآن حمال ذو وجوه؛ تقول ويقولون، ولكن خاصمهم بالسنن فإنهم لن يجدوا عنها محيصا. فخرج إليهم فخاصمهم بالسنن فلم تبق بأيديهم حجة".

أمثلة: (بعد أن ساق الشواهد ساق الأمثلة أنقل منها نموذجا واحدا)

2841. وهذه عيون من أمثلة هذا النوع من ذلك الهدى يأتي على سبعة عشر وجها:

1 - بمعنى الثبات اهدنا الصراط المستقيم؛

2 - والبيان- أولئك على هدى من ربهم؛

3 - والدين- إن الهدى هدى الله؛

4 - والإيمان- ويزيد الله الذين اهتدوا هدى؛

5 - والدعاء- ولكل قوم هاد وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا؛

6 - وبمعنى الرسل والكتب- فإما يأتينكن مني هدى؛

7 - والمعرفة- وبالنجم هم يهتدون؛

8 - وبمعنى النبي - إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى [14]؛

9 - وبمعنى القرآن- ولقد جاءهم من ربهم الهدى؛

10 - والتوراة- ولقد آتينا موسى الهدى؛

11 - والاسترجاع- وأولئك هم المهتدون؛

12 - والحجة-لا يهدي القوم الظالمين بعد قوله تعالى ألم تر إلى الذي حاج إبراهيم في ربه، أي لا يهديهم حجة؛

13 - والتوحيد- إن نتبع الهدى معك؛

14 - والسنة- فبهداهم اقتده وإنا على آثارهم مهتدون؛

15 - والإصلاح -وأن الله لا يهدي كيد الخائنين؛

16 - والإلهام- أعطى كل شيء خلقه ثم هدى أي ألهمهم المعاش؛

17 - والتوبة- إنا هدنا إليك؛

18 - والإرشاد- أن يهديني سواء السبيل " [15].

وفي فعل السيوطي هذا دليل على التبني والقبول له، وجاء بالشرح الوافي وبالشواهد للمتن تنزيها له عن السند الذي تكلم فيه.

أضف إلى ذلك بأن المحدث إذا استدل بحديث فقد رفع عنه الشبهة –كما أصل المحدثون ذلك –.

ابن حزم ورأيه في الحديث:

قال ابن حزم: " [إن القرآن ذلول ذو وجوه، فاتقوا ذله وكثرة وجوهه]، وبه إلى ابن وهب أنبأ مسلمة بن علي عن هشام عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذكر حديثا وذكر فيه القرآن وفيه: "وما منه آية إلا ولها ظهر وبطن وما فيه حرف إلا وله حد ولكل حد مطلع" قال علي: هذه كلها مرسلات لا تقوم بها حجة أصلا، ولو صحت لما كان لهم في شيء منها حجة بوجه من الوجوه لأنه لو كان كما ذكروا لكل آية ظهر وبطن لكنا لا سبيل لنا إلى علم البطن منها بظن ولا بقول قائل، لكن ببيان النبي صلى الله عليه وسلم الذي أمره الله تعالى بأن يبين للناس ما نزل إليهم، فإن أوجدونا بيانا عن النبي صلى الله عليه وسلم بنقل الآية عن ظاهرها إلى باطن ما صرنا إليه طائعين، وإن لم يوجدونا بيانا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير