تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ [21]]

قال الأحوذي: " فإنه ليس المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته صلى الله عليه وسلم من جهاد الأعداء وتقوية شعائر الدين ونحوها، فإن الحديث عام لكل خليفة راشد لا يخص الشيخين. ومعلوم من قواعد الشريعة أنه ليس لخليفة راشد أن يشرع طريقة غير ما كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم. ثم هذا عمر رضي الله عنه نفسه الخليفة الراشد سمى ما رآه من تجميع صلاته ليالي رمضان بدعة ولم يقل إنها سنة فتأمل. على أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم خالفوا الشيخين في مواضع ومسائل، فدل أنهم لم يحملوا الحديث على أن ما قالوه وفعلوه حجة.

وقد حقق البرماوي الكلام في شرح ألفيته في أصول الفقه، مع أنه قال إنما الحديث الأول يدل على أنه إذا اتفق الخلفاء الأربعة على قول كان حجة لا إذا انفرد واحد منهم. والتحقيق أن الاقتداء ليس هو التقليد، بل هو غيره كما حققناه في شرح نظم الكافل في بحث الإجماع. انتهى كلام صاحب السبل.

فإذا عرفت أنه ليس المراد بسنة الخلفاء الراشدين إلا طريقتهم الموافقة لطريقته صلى الله عليه وسلم لاح لك أن الاستدلال على كون الأذان الثالث الذي هو من مجتهدات عثمان رضي الله عنه أمراً مسنوناً ليس بتام، ألا ترى أن ابن عمر رضي الله عنه قال: الأذان الأول يوم الجمعة بدعة، فلو كان هذا الاستدلال تاماً وكان الأذان الثالث أمراً مسنوناً لم يطلق عليه لفظ البدعة لا على سبيل الإنكار ولا على سبيل غير الإنكار، فإن الأمر المسنون لا يجوز أن يطلق عليه لفظ البدعة بأي معنى كان فتفكر. [22]

" لأن سنة الخلفاء الراشدين المهديين كلهم بلا خلاف منهم ألا يقلدوا أحدا وألا يقلد بعضهم بعضا، وأن يطلبوا سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث وجدوها فينصرفوا إليها ويعملوا بها، وقد أنكر عمر رضي الله عنه أشد الإنكار على رجل سأله عن مسألة في الحج، فلما أفتاه قال له الرجل: هكذا أفتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضربه عمر بالدرة وقال له: سألتني عن شيء قد أفتى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي أخالفه. رويناه من طريق عبد الرزاق. وقال عمر رضي الله عنه: "إن الرأي منا هو التكليف، وإن الرأي من النبي صلى الله عليه وسلم كان حقا".

قال أبو محمد: فمن كان متبعا لهم فليتبعهم في هذا الذي اتفقوا فيه من ترك التقليد وفيما أجمعوا عليه من اتباع سنن النبي صلى الله عليه وسلم، وفيما نهوا عنه من التكلف؛ فإنه يوافق بذلك الحق وقول الله تعالى وقول رسوله صلى الله عليه وسلم، وهؤلاء الخلفاء قد خالفهم من في عصرهم، فقد خالف عمر زيد وعلي وغيرهما، عدا عثمان وعمر، عدا عمر أبا بكر في قضايا كثيرة؛ فما منهم أحد قال لمن خالفه لم خالفتني وأنا إمام؟ فلو كان تقليدهم واجبا لما تركوا أحدا يعمل بغير الواجب، وأما تمويه من احتج بقوله تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} [(النساء:59)]

فهذه الآية مبطلة للتقليد إبطالا لا خفاء." [23]

أقول: وبهذا يتضح بأن لا حجة لمحتج ببالحديث.

الهوامش:

[1]- أخرجه الدارمي في المقدمة باب التورع عن الجواب فيما ليس فيه كتاب ولا سنة.

[2]- مفتاح الجنة لعبد الرحمان السيوطي، دار النشر الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة سنة 1399، ط3, ج 1/ ص 59.

[3]- لسان العرب مادة حمل.+

[4]- النهاية في غريب الحديث والأثر. للإمام ابن الأثير. المجلد الأول. حرف الحاء. باب الحاء مع الميم.

[5]- سنن الدارقطني ج: 4 ص: 144 حديث رقم: 8. -14 - وانظر حاشية أبي الطيب محمد آبادي في نفس المصدر المسماة التعليق المغني على الدراقطني. وانظر علل الحديث لأبي حاتم رقم: 1764، وانظر الجامع في الجرح والتعديبل جمع وترتيب لأبي المعاطي النوري ومن معه.

[6]- الفردوس بمأثور الخطاب ج: 3 ص: 228.

[7]- أخرجه أبو نعيم في الحلية.

[8]- كتاب الضعفاء ج2/ 442.

[9]- لسان الميزان ج2/ 560.

[10]- راجع فتح المغيث للسخاوي ج1/ 154 وتوجيه النظر غلى أصول الأثر للجزائري ج2/ 561.

[11]- توجيه النظرج2/ 561.

[12]- البرهان في علوم القرآن ج: 2 ص: 163.

[13]- الإتقان في علوم القرآن ج2/ 475.

[14]- نفس المصدر ص 410

[15]- الإتقان ج: 1 ص:411 - 412

[16]- الإحكام لابن حزم ج: 3 ص: 281.

[17]- جامع بيان في تأويل القرآن.

[18]- في تفسيره المسمى: " تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام الديان:.

[19]- لمزيد بيان عن عرض السنة على الكتاب انظر كتابنا: دراسة الحديث النبوي على نور السنن الإلهية.

[20]- فيض القدير ج1/ 12.

[21]- قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

[22]- تحفة الأحوذي للمباركفوري، 4 ـ كتاب الجمعة (عن رسول الله صلى الله عليه وسلم). 368 ـ باب ما جاءَ في أذانِ الجمعة. الحديث رقم: 513 ـ

[23 - الإحكام لابن حزم ج: 6 ص: 241

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير