تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

تفضيل بعضهم على بعض واستدل به أيضا على أن الخضر ليس بحي لأنه لو كان حيا مع ثبوت كونه نبيا للزم تفضيل غير النبي على النبي وهو باطل فدل على أنه ليس بحي حينئذ وأجاب من زعم أنه حي باحتمال أن يكون حينئذ حاضرا معهم ولم يقصد إلى تفضيل بعضهم على بعض أو لم يكن على وجه الأرض بل كان في البحر والثاني جواب ساقط وعكس بن التين فاستدل به على أن الخضر ليس بنبي فبنى الأمر على أنه حي وأنه دخل في عموم من فضل النبي ? أهل الشجرة عليهم وقد قدمنا الأدلة الواضحة على ثبوت نبوة الخضر في أحاديث الأنبياء وأغرب بن التين فجزم أن إلياس ليس بنبي وبناه على قول من زعم أنه أيضا حي وهو ضعيف أعني كونه حيا وأما كونه ليس بنبي فنفى باطل ففي القرآن العظيم وان إلياس لمن المرسلين فكيف يكون أحد من بني آدم مرسلا وليس بنبي قوله ولو كنت أبصر اليوم يعني أنه كان عمى في آخر عمره قوله تابعه الأعمش سمع سالما يعني بن أبي الجعد سمع جابرا ألفا وأربعمائة أي في قوله ألفا وأربعمائة وهذه الطريق وصلها المؤلف في آخر كتاب الأشربة وساق الحديث أتم مما هنا وبين في آخره الاختلاف فيه على سالم ثم على جابر في العدد المذكور وقد بينت وجه الجمع قريبا وقيل إنما عدل الصحابي عن قوله ألف وأربعمائة إلى قوله أربع عشرة مائة للإشارة إلى أن الجيش كان منقسما إلى المئات وكانت كل مائة ممتازة عن الأخرى إما بالنسبة إلى القبائل وإما بالنسبة إلى الصفات قال بن دحية الاختلاف في عددهم دال على أنه قيل بالتخمين وتعقب بإمكان الجمع كما تقدم.

وينبغي التنبه إلى القاعدة المعروفة في تقدير الناس لسابقتهم ولما قدموه ولو فرضنا جدلا أنه حدث أخطاء للبعض فإنهم غير معصومين وغيرخاف الأدلة على هذا والتي حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله ? كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه

20 - ومن الذي لم يخط قط ومن له الحسنى فقط

من المسلمات في النهج السوي الذي يتواءم مع الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها أن الإنسان معرض لأخطاء تعتوره في سيرته في هذه الحياة فهو مركب من جسم وروح ويحمل شهوة ورغبات ناتجة عنها، ويمر بلحظات تتراوح بين القوة والضعف، والصعود والهبوط، فيعلو الإنسان بالروح إلى مصاف الملائكة، في أوقات تتجلى فيها مرحلة الصفاء، وتهبط إلى الأرض عندما تنتابه فيها مراحل ضعف. فكان أن تضمن المنهج مراعاة ذلك وفتح باب التوبة على مصراعيه للأوبة ومراجعة النفس، ولا تغلق أبواب التوبة حتى تقوم الساعة، والوقوع في الخطاء تتفق مع قاعدة التوبة وإلا لما كان لوجود التوبة معنى؛ هذا ألمنطلق في ذهن المؤمن السوي يقيه التيه التطبيقي العملي الذي ينحرف به عن النظرة السوية إلى الأمور فيقع في مضيعات الإفراط والتفريط والتبديع والتفسيق والشطط الذي يخرج عن الجادة؛ فالصحابة الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم ليسوا معصومين من الخطأ الذي لا يسلم منه أحد ولكنه خطأ يختلف عن خطأ غيرهم ممن أتى بعدهم لقربهم من النبي صلى الله عليه وسلم الذي جعلهم خير القرون ... ولقد كان يحدث أخطاء في عصر النبوة وكان عليه الصلاة والسلام يعالجه ويسدد ما يبدر من أصحابه لكنه لم يكفر أحدا ولم يطرد أحدا، ولم يبغض أحدا ولم ينتقص أحدا بل ورد النهي عن تناول العاصي بما يعين عليه الشيطان بل الأمر أكبر من ذلك حيث جاء النص بميزة الخطأ والتوبة منه ولو لم يكن ذلك لذهب بمن ليسوا كذلك وأتى بقوم يخطئون ويتوبون ... والعصمة من الخطأ فيما يتعلق بالدين للأنبياء عليهم السلام - فقط – ليبقى المنهج المنطلق من الوحي معصوما وأما غيرهم فليس أحد معصوما منه، ومن انطلق من عصمة غيرهم فإنه يبني أحكامه وتصرفاته على انحراف عن النهج السوي والفطر السوية على أن الخليفة الأول الصديق خطأه نادر في سيرته الصحيحة والمواقف المتعددة. والأخطاء الواردة على سيرته رضي الله عنه تأويلات اجتهادية متعسفة من أصحاب الأهواء لا تثبت أمام البحث العلمي. وتصيد الأخطاء باب ولوجه سهل وميسور لمن ابتلي بهذا نسأل الله أن يحفظنا والمسلمين من ذلك.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير