أشار العلامة المختار السوسي إلى عدم وجود هذا الكتاب، قائلا: " وأما نوازله الفقهية إن كان المعنِي بها مؤلفا خاصّا، فإني لم أقف عليها قط، وإنما رأيت له فتاوى متفرّقة " (2).
المبحث الثاني: دراسة تنبيه العطشان كنموذج من مؤلفاته.
أ- نسبته لمؤلفه:
تحقّقت من صحة نسبة هذا الكتاب إلى حسين بن علي بن طلحة الرجراجي الشوشاوي، من خلال كتب التراجم وفهارس المخطوطات.
فقد أطلقت عليه كتب التراجم اسم: "شرح مورد الظمآن" (1)، و جاء في فهارس المخطوطات باسم: "تنبيه العطشان على مورد الظمآن" (2).
وثبت اسم الحسين بن علي بن طلحة الرجراجي الشوشاوي، في أوائل النسخ التي وقفت عليها، وكذلك في آخرها، مع اختلاف النسّاخ والعصور، مما يؤكّّد نسبة الكتاب لمؤلّفه.
ب- منهجه وأسلوبه:
ممّا لا شك فيه أن منهجيّة الشرح لنظم ما يرجع إلى طبيعة النظم، وإلى اختيار الشارح طريقة معينة في شرحه، ومن ثَمّ تتعدد المناهج في الكتاب الواحد بين مطوّل – كما حصل في هذا الكتاب – ومختصر ومتوسط.
استهلّ الشوشاوي شرحه بمقدّمة مسهبة، لم يبيّن فيها أسباب تأليفه للكتاب، ومصادره، وهي طريقة اتّبعها في مؤلّفاته الأخرى التي اطّلعت عليها.
تقوم منهجيّة الشوشاوي في أغلب مؤلّفاته على طريقته السؤال والجواب، إلا أنه في شرحه لهذا الكتاب، قد تخلّى شيئا مّا عن طريقته المعتادة، إلى حصر الكلام في مطالب، ثم يجيب عنها بأجوبة متتابعة.
مثال ذلك: قوله في صدر الكتاب: " قال الناظم أبو عبد الله محمد بن محمد بن إبراهيم الأموي الشريشي – عفا الله عنه –: هكذا ثبت في نسخة الناظم بخطّ يده – رحمه الله تعالى –، وفي هذه المقدّمة عشرة مطالب:أحدها: ما اسم الناظم؟، ثانيها: ما نسبه؟، ثالثها: ما بلده؟، رابعها: ما فنونه من العلم؟ ......... " (3).
وإنني من خلال دراستي لهذا الشرح حاولت تلخيص منهجه وأسلوبه في النقاط التالية:
* يمتاز أسلوبه بالسهولة والوضوح في أغلب الأحيان لولا الإطناب الذي يعتري أغلب موضوعاته، من ذلك – مثلا – شرحه لقول الناظم: ((جمعه في الصحف الصدّيق كما أشار عمر الفاروق))، تطرق للحديث عن الأحرف السبعة، واستغرق منه أكثر من أربع ورقات (1).
* تتبعه لألفاظ الناظم بالشرح والتحليل والنقد أحيانا.
* حصره لعناصر الموضوع الذي يعالجه وذلك بإيراد الأسئلة المتوالية التي قد تصل إلى عشرين سؤالا، ثم يعقبها بأجوبة متتابعة، كشرحه لقول الناظم: ((وبعده جرّده الإمام في مصحف ليقتدي الأنام))، حيث قال: " وهاهنا عشرون سؤالا .............. الخ " (2).
* تعليله وتوجيهه لأغلب الأحكام كما يتضح ذلك في تعليله وتوجيهه لحذف الألف من: ? أَيُّهَ ? حيث ذكر في تعليله ثلاثة أوجه: حملا للخط على اللفظ، الاكتفاء بالفتحة عن الألف، الإشارة إلى القراءة الأخرى (3).
* ذكره مناسبة البيت الذي يشرحه بما قبله، وربط كلام الناظم الذي يشرحه بالمواضع الأخرى.
* وفرة الأمثلة في هذا الكتاب، فلا تكاد تخلو مسألة من مثال أو أكثر.
* تعرض الإمام الشوشاوي لأمور أهملها الناظم أو أغفلها ولم يشر إليها، ونبّه عليها بقوله: تنبيه أو تنبيهان أو تنبيهات، مثال ذلك عند شرحه لقول الناظم: ((وللجميع السيئات جاءا بألف إذ سلبوه الياءا))، حيث قال: " تنبيه: ينبغي أن يذكر هاهنا قوله تعالى:? وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشََاتُ فِي الْبَحْرِ كَالاْعْلامِ ? فإن أبا داود قال في التنزيل: " وكتبوا في بعض المصاحف المنشئات بألف ثابت"، ثم قال: " فعلى الناظم درك، لأنه لم ينبّه عليه، فينبغي أن يذكر هاهنا هذا البيت:
عن بعضها في المنشئات الثبتُ حكاه في التنزيل خبر ثبتٌ (4)
* تفسيره لأغلب الكلمات الغريبة في المتن، مثل: السندس، القسطاس، الطلح (5)، وغيرها
* ترجمته أحيانا للأعلام في المتن، كأبي عمرو الداني، وأبي داود، والشاطبي،
وغيرهم (6).
* استدراكه على الناظم وإصلاحه لبعض الأبيات، مثل قوله: " وينبغي أن تزاد هذه الأبيات هاهنا، بعد قوله: ((ما لم يكن شدّدا أو إن نبرا)).
وما تصدر من الجموع بهمزة شهر في المسموع
إثبات ثانيه كآمنين وآخرون قل ولا آمّين
كما هو المعروف في الهمزات في مرتضى الكتاب والنحاة (1)
¥