تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[أصول غربية لنظرية التناص]

ـ[غير مسجل]ــــــــ[30 - 09 - 2006, 01:49 ص]ـ

ـ أصول غربية لنظرية التناص: [ Intertext].

تبين لنا ـ في ضوء مسيرة الحركة النقدية الغربية ـ أن كل نظرية نقدية كانت تمهد لأختها دون أن تلغيها؛ وإن اتجهت اتجاهاً مغايراً لها في أحيان كثيرة. بل إن كثيراً من النظريات ولدت في أحضان نظرية سابقة فكانت أشبه بالبنت لها كالتشريحية والتركيبية اللتين ولدتا في قلب البنيوية، وهما آخر ما انتهت إليه الحداثة في مرحلة ما بعد البنيوية؛ ( Post - structuralism).

أما نظرية التناص ـ وهي نظرية من نظريات ما بعد الحداثة ـ فإنها ولدت في أحضان السيمولوجية (السيميائية) والبنيوية ابتداء بالشكلانية وانتهاء بالتشريحية، وإن كانت مدينة بكثير من ملامحها لغيرهما.

وقد رصد حركتها التاريخية كل من الناقد مارك أنجينو في بحثه (التناصية) (7)، وليون سُمفل في بحثه الذي يحمل العنوان نفسه (8). وقد انطلقت شرارتها الأولى من الشكلانيين كما في كتابات (شلوفسكي) ومن ثم (باختين) الذي اتجه بها نحو النص. ثم تسلمتها جوليا كريستيفا واستخدمت للمرة الأولى مصطلح (التناص) في كتاباتها وكانت تهتم بالإنتاج وتهمل التلقي والقارئ (9).

وإذا كنا سنعرض لهذا كله في الصفحات القادمة فإننا ننبه هنا على أن مصطلح (التناص) كان في بداياته يتسم بعدم القصدية والمباشرة، فالنصوص تتقاطع فيما بينها بشكل عفوي غير واعٍ ولا شعوري، وكذا هو عند أغلب أصحاب نظرية التناص من بعدُ ... علماً أن بعضهم الآخر لم يمنع فيه القصدية والوعي فاقترب من مفهوم التأثر والتأثير، ومن مفاهيم العرب في السرقة والأخذ وغيرها، وهو ما عرف بالتناص المقصود والمباشر والظاهر ...

وكان بارت قد بدأ سيمولوجياً في كتابه عن راسين سنة 1963م وعناصر السيمولوجيا سنة 1964م، ثم ظهر مصطلح التناص في بحثه (لذة النصّ سنة 1973م) (10). والقراءة السيمولوجية "تقوم على إطلاق الإشارات كدوالَّ حرة لا تقيدها حدود المعاني المعجمية، ويصير للنص فعالية قرائية إبداعية ... ويصير القارئ المدرب هو صانع النص" (11).

ويقول بارت: "ليس النص مقترن الوجود بالمعنى ولكن بمروره وعبوره ... ولا تتعلق تعددية النص في الحقيقة بغموض مضمونه ولكن بما نستطيع تسميته بالتعددية المضخمة للدوالّ التي تنسجه" (12). وأصبحت القراءة على يد (لاكان) اتجاهاً جديداً "يقوم على مبدأ أن البنية الشاملة للغة هي بنية لا شعورية" (13). ففي التحليل الدلالي ( Semanalyse) تتشكل دائماً الإشارات اللغوية بفعل الدالّ الدائم الذي ينتج مكونات جديدة.

ويرى العديد من النقاد العرب وغيرهم أمثال عبد الله الغذامي ولاسيما في كتابه (الخطيئة والتكفير ص 64 ـ 74)؛ أن (رولان بارت) يظل له القِدْح المعلى في التناصية ... فقد صار بجدارة من رواد البنيوية السيمولوجية؛ وكان أخرج أبحاثه الأولى في ضوئها؛ ثم تحول عنها إلى البنيوية التشريحية بعد ست سنوات في كتابه (الكتابة في درجة الصفر) سنة 1970م. فصار رائداً لها؛ ومن بعدُ غدا فارساً للنص حين أصبح رائداً للتناص في كتابه (لذة النص) الذي ظهر سنة 1973م وغير ذلك من الأبحاث التي رأت أن تطوير النّص لا يتم إلا بالاستغناء عن المؤلف؛ إذ بات موته ضرورة ملحة إن لم يكن موته فضيلة كبرى.

أما (لاكان) ـ كما يرى الغَذَّامي وغيره ـ فقد حرر الدال من قيد المدلول الثابت؛ فصار المدلول متحركاً ومتغيراً فأحدث صَدْعاً بين الحقيقة واللغة حين تركنا وجهاً لوجه مع الإشارات العائمة؛ وهي إشارات اعتباطية عند بارت.

وكان جاك ديريدا (رائد البنيوية) قد رفع لواء علم النقد التشريحي، ولمع اسمه حين صدر كتابه (في النحوية) سنة 1967م. وقد دعا إلى إحلال النحوية محل السيمولوجية، وادعى أن "هذا العلم لم يوجد بعدُ" (14). وكان كتاب (ديريدا) قد ترجم إلى اللغة الإنكليزية سنة (1983م)، وصدر عن جامعة (كولومبيا).

فالتشريحية أكدت بعد السيمولوجية قيمة النص؛ لأنه أساس النقد ومنطلق عملية التلقي. ولهذا قال (ديريدا): "لا وجود لشيء خارج النص" (15). ومن ثم شدد في دعوته على قيمة اللغة باعتبارها دوالَّ حرة لا نهائية من المعاني ولاسيما في كتابه (الانتشار) سنة (1972م).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير