[ذكورية الخطاب القرءاني وهم بصري أم حقيقة موضوعية؟]
ـ[غير مسجل]ــــــــ[15 - 02 - 2007, 12:23 م]ـ
[ذكورية الخطاب القرءاني وهم بصري أم حقيقة موضوعية؟]
"يأيها الناس إنّا خلقناكمـ
من ذكر و أنثى
و جعلناكمـ شعوبا و قبائل لتعارفوا،
إنّ أكرمكمـ عند الله أتقاكم؛
إنّ الله عليم خبير"
الحجرات:13
هل خطاب القرءان موّجه للذكور طبيعة و خطاب الأنثى فيه تابع لخطاب الذكر و لا تميّز الأنثى في هذا الخطاب إلاّ بقرينة قوّية دالة على تمييزها بالخطاب. و هل أدوات التمييز بين الجنسين في القرءان من تاء مربوطة و ضمائر متصلة و منفصلة و بنى الجموع المؤنثة و ما قاله اللغويون صحيح في هيكلة هذا التمييز في جعل الأنثى تبع.
هل هذه الأيات موجهّة للذكر حصرا:
"و زوجناهم بحور عين"
"أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيد طيبا" المائدة:6
"أحلّ لكم ليلة النساء الرفث إلى نساءكم"
"فانكحوا ما طاب لكم من النساء، مثنى و ثُلاث و رُباع"
إنّ القواعد اللغوية متأصلة في عمق ذاكرتنا بحكم تكرارها في المدرسة و الخطاب اليومي و لا نكاد نتنصل منها و تنحو تعابيرنا هذه في صناعة حكمنا على الجنس الأخر و نرتكب خطأ كبيرا في إعتبار أيات القرءان مرأة للغتنا اليومية الذكورية رغم غياب الأدلة الموضوعية على إسقاطنا هذا كما سنرى. و السبب في نظري يعود إلى هيمنة خطاب الكهنوت بشقيه اللغوي و الروائي في دعم و تأصيل معالم الخطاب الذكوري في القرءان. فعندما نقرأ مثلا:
"و إذا الموءودة سُئلت (8) بأي ذنب قُتلت (9)
التكوير
لا يسعنا إلاّ أن نقول أنّ الموءودة أنثى بحكم وجود التاء المربوطة في الأيات و نشرح الوءد بجعله مرادفا للدس في التراب و قتل الوليدة، و الأية في الحقيقة تتحدث عن أمر أشمل و أعمق و قبل الدخول في التفاصيل اللغوية ألخص دليلي للأية في أنّ من يوءد في الحرب أو في السلم و يردم في الحفر ليس جنسا واحدا إسمه الأنثى بل هو الإنسان. يُردم في الحفر أو يُلقى في الأبار أو يُحرق في الأفران أو تُحفر له الأخاديد العميقة ليلقى هناك و ينطفأ بردمها ذكر الجريمة هو الإنسان ذكرا و أنثى و أيات التكوير تتحدث عن هذا تحديدا وهذا هو مفهوم الوءد فيه. أليس إعتبار الموءدة أنثى إتهام للقرءان من حيث نسيانه لوءد الذكور.
هذه بعض الأيات التي يعتبرها الناس بداهة موّجهة للذكور من دون دليل، فهو إعتبار نفسي و ليس دليل علمي كما سنرى يجد منبعه في كتب الكهنوت و قواعدهم اللغوية العجيبة. فمن النّاس من يرى القرءان ظالما بتركيز خطابه للذكور و جعل الأنثى تبعا للذكر في الخطاب و متضمن فيه. و يظن الناس أنّ تجنيس الخطاب في القرءان منبعه بنية لغة قوم النبي المتجذرة في قومه من جعل الذكر أصلا و الأنثى تبعا. ويحلل الناس بنية هذا الخطاب و يمعنون في تحديد أسبابه التاريخية و الأنثروبولجية، و أنا أتفحص بعض ما يكتبه المتهمون قرأت في النت في إحدى المنتديات هذا النص الذي أنقله حرفيا:
"الإسلام يخاطب ذكرا في الأساس، و الأنثى عرض بالنسبة له، لذا نجد سورة تسمى بالنساء لإحتواءها على الكثير من الأحكام الخاصة بهنّ، و لا نجد سورة تسمى بالذكور، لأنّ القرءان كلّه خطاب للذكور و أمّا النساء فاستثناء، و الإله الإسلامي ذكر و لو على المستوى اللغوي، وقد فرّق بين الذكر و الأنثى في الشهادة و الميراث و التعدد و الطلاق هي ليست شبهات كي لا ينبري لنا البعض مدافعا أنّ هذا ليس في الإسلام، ولكن الإسلام ليس بكائن حي ينطق شارحا نفسه، و إنّما ينطق به رجال، و هذه رؤيتنا للقراءة السائدة و بعض آثارها"
كلام منطقي جدّا و عيبه الوحيد أنّه يستند إلى مفاهيم الكهنوت في إصدار حكمه. فالإسلام عند هذا الكاتب هو من يخاطب. مع أنّ الإسلام أرضية و ليس حقائق، فالإسلام في مفهومه القرءاني هو أرضية السلم الإجتماعي تحديدا كما أنّ الديموقراطية أرضية و الديكتاتورية كذلك. و الإسلام بهذا لا يُنشأ الحقائق و لا التنمية و لكنّه أرضية لنشوءهما. و يطلق هذا الكاتب لفظ النساء على جمع الأنثى و يراه مرادفا و هو في هذا يخالف عربية القرءان فما علاقة لفظ النساء بلفظ أنثى و إناث على مستوى الجذر؟
¥