تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وبعد، فإنني حاولت عرض منهج دراسي يقوم على أساس حضور القارئ، ويجعله يمارس النقد، عبر العيش في دواخل النصوص يحاورها ويستنطقها لا أن يبقى على هامشها، كما انه محاولة جادة لجعل القارئ طرفاً أساسياً في عملية القراءة الإبداعية، فحينما نقرأ النصوص بمنهجية نعيد الحياة إليها، وحينما نبتعد عن تحليلها منهجياً نحكم على نصوصنا بالموت، عبر إبقائها أسيرة المؤلف وحده.

كما أن هذا البحث لا يسعى للالتزام بمنهج دراسي بعينه كالبنيوية و السيمولوجية، فالمناهج بصفة عامة تصلح وتفيد حين تتخذ منارات ومعالم. ولكنها تفسد وتضر إذا جعلت قيوداً وحدوداً. كما إن هذا البحث محاولة لإقامة علاقة فاعلة بين القارئ والنص.

كما إنه محاولة لاستكشاف أبعاد النص ورصد احتمالاته، عبر محاورته وتحليله، والسعي للتحرر من سلطته لأن مقصد دراسة النص ليس معرفة ما يريد النص إعلانه فقط، بل التعرف إلى ما يسكت النص عنه، وإضاءته.

فنحن حينما نحاور النص نحاول استنطاقه ومساءلته وتفكيك بنيته، فالنص يمارس حجب خطابه عن الآخرين والقارئ يحاول استكشاف تلك الحجب عبر إضافة ما هو مغيب.

هذا البحث محاولة لحضور القارئ المبدع العربي في القراءة النقدية، وليس غيابه عن صناعة الأحداث، فلم يعد هناك مجال لغياب الإنسان العربي المهمش، ويتم ذلك عبر حضور الطرف الأساسي في العملية القرائيه.

فإذا كان هناك كاتب مُبدِع وَ نص مُبدع، فلم لا يكون القارئ مبدِعاً ولكن لن يكون عندنا قارئ مبدِع إلاّ إذا ملك المنهجية وجعلها عدته. فلا بد من مشاركة القارئ في عملية الثقافة حتى لا يكون أسيراً لما يقرأ، بل يُصبح ركناً مهما في القراءة الإبداعية.

كما أنه محاولة لإعادة الإنسان العربي المغيب عن ساحة الفعل الخلاق، كما انه دعوة لسوك التفكير النقدي والحيوي وجعله فكراً مبتكراً ومتجدداً.

إن بناء الإنسان المنهجي هو الأسلوب الأمثل لخلق مفاهيم حياتية جديدة، تعمل جاهدة لجعله إنساناً قلقاً يرفض التقزيم والهزيمة، بعيداً عن التنظير والعشوائية، بالتالي نعيد إليه روحه المفقودة التي تتطلع لمستقبل واعد مشرق.

هوامش البحث


(1) القرآن الكريم، سورة المائدة، آية 48.

(2) ابن منظور: لسان العرب، 2/ 382، مادة نهج، بيروت، دار صادر، 1990.

(3) علي حرب: نقد النص، ص7. بيروت: المركز الثقافي العربي 1995.

(4) روبرت ديبوغراند بالاشتراك مع الهام أبو غزالة، وعلي خليل: مدخل إلى لغة علم النص، ص7. القدس، مطبعة دار الكاتب، 1992.

(5) علي حرب: المرجع السابق، ص8.

(6) بول هيرناردي: ما هو النقد؟ ترجمة، سلافه حجاوي، ص16، بغداد،دار الشؤون الثقافية، 1989. بور س. م/ التجربة الخلاقة، ص87، ترجمة سلافة حجاوي، بغداد، دار الشؤون الثقافية العامة، وليام راي، 1987، المعنى الأدبي، ص159. ترجمة يوئيل عزيز، بغداد، دار المأمون، خالدة السعيد، حركية الإبداع، ص57، بيروت، دار العودة، 1982، ار. سكوت جيمس، صناعة الأدب، س237، ترجمة هاشم الهنداوي، بغداد، دار الشؤون الثقافية العامة، 1986.

(7) كمال أبو ديب: جدلية الحفاء والتجلي، ص7، بيروت: دار العلم للملايين، الطبعة الثالثة 1984.

(8) كمال أبو ديب، مرجع سابق، ص 8.

(9) طرفة بن العبد، ديوانه، ص32، بيروت، دار صادر (- 19)

(10) سعد دعيبس، قراءة متعاطفة مع الشعر الجاهلي، ص65، القاهرة، الناشر، الصدر لخدمات الطباعة (سيسكو) 1989.

(11) مصطفى ناصيف، قراءة ثانية لشعرنا القديم، ص170، طرابلس، منشورات الجامعة الليبية، 1974م.

(12) طرفة بن العبد، مصدر سابق، ص29.

(13) طرفة بن العبد، مصدر سابق، ص37.

(14) إبراهيم طوقان، ديوانه، ص58، عمان، مكتبة المحتسب. بيروت، دار المسيرة.

(15) أنظر جبر خضير، الحروب الصليبية من خلال الشعر، في الفترة ما بين 492 - 648 هـ، أطروحة دكتوراه، جامعة القديس يوسف، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، فرع الآداب العربية، بيروت 1994، أطروحة دكتوراه غير منشورة.

(16) روجيه، غارودي، البنيوية، فلسفة موت الإنسان، ص2، ترجمة جورج طرابيشي، ط1، بيروت، دار الطليعة، 1979.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير