3 - لكن يوسف لن يصبر على غياب أخيه بنيامين، وسيسرّع عودتهم فماذا فعل؟ أمر فتيانه أن يضعوا ثمن ما أخذوه في رحالهم، وحين يصلون ويفتحون متاعهم سيرون الثمن. ولأنهم من بيت النبوّة فلن يعتبروه غنيمة بل يعيدوه إلى يوسف سريعاً، ولن يكون سفرهم لإعادة الثمن فقط إنما يغتنمون الفرصة ويعودون بميرة جديدة، ولكنه لن يُمدهم بها إلا إذا كان أخوه بنيامين معهم .. إذن هي خطة محكمة تجعل يوسف عليه السلام يحظى بأخيه سريعاً .. "
وقال لفتيانه اجعلوا بضاعتهم في رحالهم،
لعلهم يعرفونها إذا انقلبوا إلى أهلهم،
لعلّهم يرجعون. "
4 - وهكذا سارت الخطة فنرى أبناء يعقوب يقولون لأبيهم:
" يا أبانا مُنع منا الكيل،
فأرسل معنا أخانا نكتل،
وإنا له لحافظون. "
5 - وزاد الطلب إصراراً حين فتحوا متاعهم ورأوا الثمن فيها فقالوا يرغّبون أباهم:
" يا أبانا ما نبغي؟ هذه بضاعتنا رُدّت إلينا،
ونمير أهلنا، ونحفظ أخانا،
ونزداد كيل بعير، ذلك كيل يسير. "
6 - ويطلب الأب المفجوع بابنه يوسف - والخائف على ابنه الثاني بنيامين أن يضيع مثل أخيه - العهودَ والمواثيق أن لا يعودوا إلا غانمين بإذن الله تعالى وأن يحافظوا على أخيهم وأن لا يدخلوا من باب واحد خوفاً من الحاسدين ... ويعطونه المواثيق والعهود وينطلقون ببركة الله إلى مصر عاقدين العزم أن يكونوا عند حسن ظن أبيهم بهم.
7 - وأخبر يوسف أخاه بنيامين أنه يوسف وأخبره بالخطة التي اعتزم أن ينفذها ليبقى عنده – ليطمئن ويكون عوناً له - ثم يأتي بالجميع إلى مصر فتتحقق رؤياه التي أخبر بها أباه " ولما دخلوا على يوسف آوى إليه أخاه، قال: إني أنا أخوك، فلا تبتئس بما كانوا يفعلون "
8 - ولا بد من سبب وجيه يبقي أخاه عنده، فليظهر أنه سرق المكيال، ومن سرق المكيال يصبح عبداً للمسروق منه، وهكذا كان " فلما جهّزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ".
9 - انطلقت القافلة لا يدري أحد ما يكون بعد انطلاقهم سوى يوسف وأخيه ... إنّ هناك من يناديهم بما ليس فيهم " أيتها العير إنكم لسارقون "
10 - عادوا مستغربين هذا الاتهام الخطير مستفهمين بأدب جم " ماذا تفقدون؟ " ولم يقولوا: ماذا سرقنا. وعلى المنادي أن يقول إنا افتقدنا، فإذا وجدوا ما فقدوه في رحالهم قالوا لهم: أنتم سارقون. أما أن يتهموهم مباشرة فليس الاتهام دون دليل من الأخلاق. وقال المنادون " نفقد صواع الملك " فتعلموا الأدب من أبناء يعقوب.
11 - وزيادة في التعمية أظهروا أنهم لا يعرفون كيف فقدوه، وجعلوا لمن يدلهم على السارق حمل بعير – هدية ومكافأة – " ولمن جاء به حمل بعير "
12 - فلما أنكر إخوة يوسف هذه التهمة لم يكن بد من تفتيش متاعهم. على أن يرضوا بمعاقبة السارق إن كان منهم بما تحكم شريعة يعقوب حيث يصبح السارق رقيقاً للمسروق منه " قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين؟ قالوا جزاؤه من وُجد في رحله فهو جزاؤه. كذلك نجزي الظالمين " وعلى المسلم أن يحكم بشرع الله الذي أنزل إليه. فأقر أبناء يعقوب بذلك.
13 - ولكي لا يشك إخوته في العملية بدأ بتفتيش متاع إخوته، وترك تفتيش بنيامين للأخير " فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه ثم استخرجها من وعاء أخيه "
14 - وحين استخرج الصواع من وعاء أخيه بدا له أن إخوته مازالوا يكرهونه وأخاه بنيامين حين اتهموا يوسف ظلماً وهو أمامهم لا يعرفونه بأنه سارق أيضاً " إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل " فكان من حسن تخطيطه أن تماسك فلم يعرّفهم بنفسه، ولم يعاقبهم على كذبهم وادّعائهم. بل قال جملة تنم عن شديد حزنه وألمه "أنتم شر مكاناً، والله أعلم بما تصفون "
وهكذا بدأت القصة محبوكة خيوطها بإتقان أدى - بعد ذلك - إلى اعتراف الإخوة بخطئهم أمام يوسف ثم أمام أبيه، وانطلق الجميع إلى مصر ليعيشوا في كنف الوزير الصالح يوسف بن يعقوب عليهما السلام.
ـ[محمد ماهر]ــــــــ[26 - 11 - 2006, 10:26 ص]ـ
جزاكم الله خيراً، وزادكم من علمه ...
ـ[رموووز]ــــــــ[05 - 12 - 2006, 09:09 م]ـ
مشكوووووووور دكتور وياليت تزيدني من معلوماتك عن:
التربية في قصة يوسف وفي اقرب وقت لاني في حاجة اليها
ولو سمحت مع ذكر المراجع لاني بحاجه الى معلومات وليس يوجد لدي مكتبات كبرى حتى استفيد منه في بحثي وانا طالبة ماجستير ..
والله يجزاك دكتور خير الجزاء وتكون ان شاء الله في ميزان حسناتك