عدّ الإنسانُ كلَّ هذه الأشياء طبيعةً خفيةً غامضةً، ذات قدرةٍ سحريةٍ، قادرةٍ على النفع والضرّ، فأشار إليها بضميرٍ خاصٍّ مميز لها عن بقية الأشياء. ذلك الضمير الذي يشار به إلى الأنثى. وقد كانت الأنثى في نظره قوّة منتجة، ذات تأثير بيّن في حفظ النسل وإخراجه إلى الحياة وتعهّده بالرضاعة والنمو، ولأنها لغزٌ لم يستطع إدراكه فهو لا يستطيع الحياة بدونها، ويجدها مصدر العطف والرحمة، واللذة والألم، والقسوة والصبر.وكان الآشوريون – من أقدم الأمم السامية - يعتقدون أنّ المرأة وحدها هي التي تستطيع أن تفهم السحر وتقوم بأعماله، وأنّها تعرف أسرار الغيب والتكهّن في المستقبل وكان العرب يسمّون كثيرًا من آلهتهم بأسماء الإناث، ولا سيما أقدمها وأعظمها كـ (اللات) و (العزّى) و (منات). وأنّثوا (الخمر)؛ لأنها تجلب لهم الفرح والسرور، وتنسيهم آلامهم وأحزانهم.وأنّثوا (الرّوح) و (النفس) فبها يحيا الإنسان وبدونها يكون جثّة هامدة.وأنّثوا (الحرب)؛ لأنّ فيها ضرّا ونفعًا، سَبْيًا وغُنما.أنّثوا أهمّ أعضاء جسم الإنسان التي تجلب القوة. وإن كان كلّ ما ذكرناه خالٍ من علامة التأنيث، إلّا أنّها مؤنّثة باعتبار الفكرة التي تدور في أذهانهم.
ووضعوا علامة التأنيث للأمور المعنوية كـ (الرحمة) و (القسوة) و (الشفقة) و (البغضاء) و (البلواء) و (السعادة) و (البأساء)، وهي أمورٌ دقيقةٌ لم يدرك الإنسانُ الفطري كنهها.
أما الجموع فقد أنّثوا كثيرًا منها نحو (عامل، عَمَلَة، كاتب كَتَبَة، صبيّ صِبْيَة، كرماء، أشدّاء، عظماء، أقوياء)، والجموع قوّة تستطيع أن تفعل مالا يفعله الفرد. أمّا المصدر ففكرة مجرّدة. يقول العلامة (دلمان): إنّ الفكرة المجرّدة يتصوّرها الإنسان كقوى منتجة خالصة، لذا جاء الكثير منها مؤنّثًا، وكذلك أنّثوا بعض الصفات الدّالة على المبالغة نحو: (راوية) و (علامة) و (نابغة) و (داهية). (فالريح، والشمس، والسماء، والأرض، والسحب، والنار، والقدرات السحرية الخارقة، والخمر، والروح، والنفس، والحرب، والآلهة كاللات والعزى ومناة، .. والجموع وما فيها من دلالة على العظمة، والمصادر وما فيها من دلالة على أصل الشيء وقوته ... كلّها مؤنثة) هذه الفكرة السابقة هي مما حدا بالساميين لتأنيث بعض الأسماء. فهل تحتاج الأنثى بعد كل هذا التقدير والاحترام والعظمة والمكانة الرفيعة التي قرأنا طرفا منها إلى من ينصفها من مفردات اللغة؟! ومن الطرائف المضحكة ما قرأته أنّ أحد مدرسي اللغة الإنجليزية كان يشرح لتلاميذه قاعدة المذكر والمؤنث في اللغة الإنجليزية، وذكر في أثناء شرحه أن العواصف في وقت من الأوقات كانت تمنح أسماء مؤنثة فقط، وأنّ السفن والطائرات اعتادوا أن يعدّوها مؤنثة، فسأله أحد التلاميذ: هل (الكمبيوتر) مذكّر أم مؤنث؟! لم يكن المدرس حينئذٍ متأكّدا من الإجابة، فقام بتقسيم الفصل إلى مجموعتين، مجموعة الأولاد ومجموعة البنات، وطلب من كلّ منهما أن يدلي برأي مع إعطاء أربعة أسباب تثبت هذا الرأي، فرأت مجموعة الأولاد أن الكمبيوتر مؤنّث للأسباب الآتية:
- لا أحد يفهم المنطق الخاص به إلا صانعه فقط.
- لا أحد يفهم اللغة الداخلية التي يعمل بها.
- يحتفظ بأخطائك حتى البسيط منها ليسترجعها لاحقًا.
- عندما ترتبط بإحداهن تجد نفسك تنفق نصف مرتبك على الإكسسوارات والطلبات المفاجئة.
ـ ورأت مجموعة البنات أن الكمبيوتر مذكر للأسباب التالية:
- لديه الكثير من المعلومات ولكن يصعب فهمه.
- من المفروض أن يساعدك على حل مشكلاتك، ولكن في أغلب الأحيان يكون هو المشكلة.
- بعد الارتباط به تكتشف أنك لو انتظرت قليلاً لكان بإمكانك الحصول على أفضل منه.
فما رأيكم أليس من المنطق الآن أن ننادي بمظلومية الذكر وإنصافه من لسان الأنثى ومفردات اللغة؟!.
مع خالص احترامي للنساء، فأنا ابن واحدة منهن حفظها ربي.
ـ[دكتور عطية]ــــــــ[27 - 04 - 2008, 09:48 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
ما أشبه ما نقلته -أخي الكريم- بمنطق دكتور الغذامي
في تأنيث القصيدة القارئ المختلف.
إنه منطق يروح فعلا.