قراءة في قصيدة " جَيْكُورُ وَ أشْجارُ المَدينَةِ " للسيّاب
ـ[أبووجد]ــــــــ[11 - 08 - 2008, 06:22 م]ـ
قراءة في قصيدة " جَيْكُورُ وَ أشْجارُ المَدينَةِ " للسيّاب
Reading In “jicore And City’s Trees” Poem
By : Badr Shakir Al-sayyab
إعداد
خالد حسين طالب الحمد
2003041101
ع 422 ب
قسم الّلغة العربيّة و آدابها
كلّيّة الآداب
جامعة اليرموك
2006
** مقدّم للدكتور خلف الخريشة.
?المقدمة
- 1 -
بدر شاكر السيّاب (1926 – 1964) شاعر عراقيّ من أعلام القرن العشرين، عاصر نازك الملائكة، التي تذكر في كتابها "قضايا الشعر المعاصر" بأنها أول من قال قصيدة الشعر الحر، وهي قصيدة "الكوليرا" عام (1947) أما الثاني - في رأيها - فهو بدر شاكر السيّاب في ديوانه "أزهار ذابلة" الذي نُشر في كانون الأول من السنة نفسها.
ولد في منطقة (بكيع)، وجيكور محلة صغيرة فيها، له أخوان (مصطفى و عبد الله) من أبيه شاكر بن عبد الجبار و أمه كريمة. افتقر إلى الوسامة بسبب قسوة و ضخامة ملامحه، فحرم من حبّ المرأة. ماتت أمّه بعد ولادتها لطفلة ماتت معها، فتزوج أبوه بثانية و كان عمره ستة أعوام. و في بغداد انتظم في الحزب الشيوعي و تحمّس لتعاليمه، و خاب أملُه لقيام حركة مصدق في إيرانَ و إخفاقها، و نلحظُ تأثره بالشيوعية في شعره، كما في أنشودة المطر " في عالم الغد الفتي، واهب الحياة ". و منذ عام (1960) عانى السيّاب من مرضه السل الذي أجلسه مشلولاً يداعب الفقر بعيونه إلى أن رُدَّتِ الروحُ إلى باريها. و هكذا نرى السيّاب و قد تكالبتْ عليه الهمومُ منذ أنْ وُلد: فقدانُه أمَّه، فالعيشُ مَعَ زوجة الأب، فحرمانُهُ هوى المرأة، فمرضُهُ، ففقرُه، (أَلَم، إخفاق، حرمان).
له "أزهار ذابلة"،"أزهار و أساطير"،"المعبد الغريق"،" المومس العمياء"،"أنشودة المطر"، هذه الدواوين، بالإضافة إلى ديوان مخطوط" أعاصير"، و أما مؤلفاته فله " قصائد مختارات من الشعر العالمي الحديث"،"مختارات من الأدب الحديث". و تخليداً لذكر الشاعر أقيم له تمثال في ساحةٍ من مدينة البصرة.
- 2 -
جَيكور، و ما أدراك ما جيكور؟،قرية صغيرة جنوبي العراق، امتزجت في وجدان الشعر، و قال فيها الكثير من القصائد، منها قصيدتُنا هذه التي نطالعها بالتحليل" جيكور و أشجار المدينة "، و قد عَمُرت بأشجار النخيل، تظلل مسارحَ منبسطة، تصلح للعب الصبيان في الربيع و الخريف، أهلها فلاحون يعملون بالزراعة و تربية الأبقار و الدجاج، عان أهلها من الفقر. و بساطةُ العيش تدل على العيشة الريفية المؤلمة.
- 3 -
قصيدة " جيكور و أشجار المدينة " كتبها السيّاب عام 1963 م،عدّتها ستة و عشرون سطراً. يبنيها الشاعر – كغيرها من القصائد التي تحمل عنوان جيكور و ... (المدينة) – على المقارنة بين المدينة و جيكور، مبيّنا قيمة جيكور (مسقط رأس الشاعر) في روح الشاعر، و ما تعنيه المدينة و جيكور رغم المفارقة بينهما من الضيق و الألم. قسّمتُ القصيدة إلى ثلاثة مقاطع، الأول: 1 – 5، الثاني: 6 – 14، الثالث: 15 – 26. تناولتها بالتحليل في جوانبَ أربعةٍ: الصوتيّ، و التركيبيّ، و الدلاليّ، و الموسيقيّ (العَروضيّ)، وفي النهاية نظرة شموليّةٌ للنص، تحمل طابع < الدراسة الأدبيّة >.
?الجانب الصوتيّ
غفل الكثير من دارسي الشعر العربي عن جانب لا بدّ من أخذه بعين الاهتمام عند تحليل أيّ نص أدبيّ، إنّه يلعب دوراً مهمّاً في بلورة الدلالة و توظيفها لخدمة النص الأدبي، و بيان جماليّات التشكيل الصوتي في النص.
سنبدأ بالقصيدة، أوّلاً، من حيث الجانب الصوتيّ بأواخر الأسطر الشعريّة لا سيّما علاقتها بالقافيّة. يناوب الشاعر في المقطع الأوّل بين قافية [ره Io/ قصير] و [ـــام. io/ طويل]،ممّا يضفي على المقطع جماليّة من التشكيل الصوتيّ بين الأسطر الشعريّة، هذا من جهة، و من جهة أخرى، فالهاء صوت حنجريّ احتكاكيّ مهموس، فكأنّما الشاعر حين يتحدث عن مظاهر الترف في المدينة يحاول أن يتخلص من هذا الشعور، فيمزج بين قصر آخر السطر الشعريّ [ره Io/ قصير] و الرويّ [ه]. في قوله: " أشجارها دائمة الخضرة لا عري يعروها ولا صفرة ". أمّا عندما يتحدّث عن أرق ليل المدينة يلجأ إلى المقطع الطويل [ـــام. io/ طويل] و يوازن
¥