فإذا تدبرنا هذه المعاني نجدها قد تضمنت بشمولية أي إنسان علي وجه الأرض من حيث أصله وفصله ونوعه وصفاته وطباعه وسلوكه .. فقد وصفت جميع صفات الإنسان التشريحية والفسيولوجية والنفسية والعاطفية والاجتماعية .. منذ كان جنينياً في بطن أمه حتي صار رجلاً يحب ويكره – يجادل ويخاصم – يتعلق وقد يلتوي – يتعود ويتعلم .. فإذا حاولنا ترتيب هذه المعاني ووصفها في تصنيفات جديدة فسنري العجب:
1 - مراحل تكوين و تطور و نمو الجنين: السائل المنوي- حدوث الحمل- الجنين داخل الرحم (دودة حمراء تمص الدم)
2 - المواد الأساسية التي يحتاج إليها الإنسان لاستمرارية حياته مثل: الماء (الشراب) – اللبن – الطعام – الدم .. الخ
3 - أنشب في الشئ وتشبث به كالجبل والأرض وما شابه .. فهو ينشب في رحم أمه عندما كان جنيناً ثم عندما يكبر فإنه ينشب ويتشبث بالأشياء كالأرض والممتلكات.
4 - حب التملك والأثرة وحب الاستيلاء علي الأشياء والرغبة في ألا تفلت منه (دائماً متعلق بالدنيا)
5 - حب الإغارة والعدوان وأخذ كل شئ يصيبه (قصة الحروب والمعارك بين الناس والدول وغنائم الحرب)
6 - التعود والتعلق بالأشياء وملازمتها (العرف والعادات والتقاليد)
7 - الحرص وحب المال
8 - التعلم من الغير والأخذ منه (وأحياناً إنكار من أسدي إليك معروفاً)
9 - التسرع والعجلة والالتواء في المعاملة
10 - الحب والهوى والعشق والعواطف وما يقابلها من التباعد والكره والتنافر
11 - شدة الخصومة وقوة البلاغة وحب الجدل
12 - حب التفاخر والتفوق والشغف بالألقاب
13 - الحياة التجارية بين الناس (البضائع)
14 - الجزء النفيس الغالي في أي إنسان وهو الروح
15 - كما أحاطت اللفظة بمرحلتي ما قبل حياة الإنسان وما بعدها وهو الموت .. فأي إنسان قد نشأ من العدم (الموت) ثم إنه صائر لا محالة إلي العدم (الموت) .. فسبحان من أودع هذه المعاني فى لفظة واحدة تتكون من ثلاث حروف هى: ع ل ق
وهي كما تري يمكن شرحها في مؤلفات ضخمة يشترك في تصنيفها الجهابذة من علماء التشريح والأجنة ووظائف الأعضاء والاجتماع والنفس والسلوكيات والمنطق .. كل هذا في ثلاثة حروف .. أحاطت بأي إنسان علي وجه الأرض وهي لفظة تعتبر من معجزات القرآن التي غفل عن معانيها الكثير .. أما لو نظرنا إلي حرف الجر "من" والذي سبق لفظة علق .. فأنت تعلم أن من تستخدم للتبعيض .. إذاً فكل إنسان أخذ لنفسه جزءاً أو نصيباً من علق الحب والكره وحب التملك والخصومة والجدل والتعود والتعليم و ... الخ ... فتأمل "من" التبعيضية ثم معاني "علق" الشمولية .. ورحم الله الرماني والخطابي والجرجاني في كتابهم إعجاز القرآن حيث يقولون: إن القرآن رغم إيجازه المعجز في عدد كلماته بل وفي عدد حروفه إلا أن المعاني التي تجئ بها كل كلمة فيها إرباء وإنماء وزيادة أي أن كل كلمة تولد وتعطي من المعاني ما لا حصر له
هذه هي ألفاظ القرآن الدقيقة .. ومعانيها الكثيرة والعجيبة ... فأين هذا من ترجمة علق إلي دم متجلط أو دم عبيط .. ولعل هذا يجعلنا ندقق النظر في كيفية معالجة قصور اللغات غير العربية في احتواء معاني القرآن المترجمة ولكن لعل عذر المترجمين لمعاني القرآن هو عدم إطلاعهم على كنوز معاني الكلمات العربية ...
وفى كلمتي أمام جمهور الحضور عرضت على المستمعين ترجمة معاني كلمة علق (31 معنى مختلفا) كما جاءت فى لسان العرب ثم أوضحت لهم أن القرآن تحدى – ولا يزال – صناديد اللغة العربية بالإتيان بسورة واحدة من مثله فعجزوا أيما عجز .... ثم قلت لهم: هل يمكن لأي من المستمعين الكرام أن يأتي بكامة واحدة تتكون من ثلاث حروف فى أي لغة من لغات العالم – بما فيها العربية- وتعطى كل هذه المعاني لكلمة علق .. أو حتى نصف المعاني ... أو ربعها ... فجاءت الإجابة بالنفي ...
وعلمت بعدها أن 57 أمريكيا اشتروا القران المترجم وأن 17 منهم يدرسون اللغة العربية.
فسبحان الذي قال: " أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن".
فأيهما أفضل: - الدعوة بالحكمة أم الإرهاب؟
- الوعظ الجميل أم العنف؟
- الجدال بالحسنى أم قتل الأبرياء؟
أ. د. إبراهيم خليل
أستاذ بكلية الطب- جامعة عين شمس
رئيس وحدة الميكربيولوجيا بطب عين شمس
نائب رئيس جمعية المخترعين المصرية
عضو اتحاد الكتاب المصريين
عضو بالمجالس القومية المتخصصة
متخصص فى الدراسات التوراتية
ـ[أم أسامة]ــــــــ[26 - 07 - 2008, 07:50 م]ـ
جزيت خيراً أيها العبد اللطيف ....
ـ[المعتزة بإسلامها]ــــــــ[26 - 07 - 2008, 10:30 م]ـ
جزاك الله خيرا
وشكرا على الموضوع
ـ[ابن القاضي]ــــــــ[31 - 07 - 2008, 11:08 م]ـ
أحسنت أخي العبد اللطيف، والله إن العبارات لتقف قاصرة عن وصف هذه اللغة العظيمة التي رضيها الله تعالى لأن تكون لغة خير كتبه المنزلة.