تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وإن كان هذا قصدك فهلا أوضحت لي كيف سيكون هذا في تتبعي لشواهد الصحاح مثلا , لأن نوعا من الغموض اعتراني فأنا أريد أن أبين كيف احتج المعجميون بهذه الشواهد فهل يلزمني تتبع سياق كل شاهد فيه أم ماذا؟

المقصود من كلامي السابق ـ أن البحث في الشواهد الشعرية خاصة مجالٌ حيوي؛لأن الكلمة التي يتناولها المعجم (الصحاح أو غيره) حين تُعرض في سياق شعري, تخرج من كونها مادة معجمية معزولة ـ إلى كونها منظومة في نص, والنص يحدّد دلالة المعنى تحديدًا دقيقًا, ولعلّ هذا هو السر في كثرة استشهاد المعجميين العرب بالشعر, فالشعر ديوان العرب, وإليه يرجع تفسير النص , وعليه اعتمد المفسرون والمؤلفون في معاني القرآن وغريبه.

ومعنى هذا أن الكلمة التي يقدمها المعجم ويستشهد لاستعمالها في معنى مّا بشاهدٍ شعري, تُقدّم في صورة نص؛فتظهر فيها كل الخصائص اللغوية التي تميّز المعنى وتحدّده تحديدًا دقيقا, أعني بهذا النص الشعري (الذي هو البيت أو البيتين) بالإضافة إلى سياق النص الذي هو القصيدة أو القطعة من الشعر. فإذا كان كشفُ المعنى المعجمي يقتضي الرجوع إلى السياق الأكبر (سياق القصيدة) رجعنا إليه, وإلا اكتفينا بالأبيات المستشهد بها, وما فيها من تفسير دلالة اللفظ بدلالة سياق الجملة وسياق البيت. ويغلبُ في مثل هذه الاستشهادات ـ كما هي طبيعة الشعر العربي, أن يستقل البيتُ بمعناه الجزئي, الذي يكفي في كشف دلالة المعنى المعجمي.

وفي هذه الحال يكون الاكتفاء بالشواهد الواردة دون الرجوع إلى أصولها هو الأكثر شيوعًا في عملك في مثل هذا البحث, لكن مع العناية المثلى بما دلّ عليه اللفظ وهو في سياقه الشعري, لأنّ هذا السياق يشي بدلالات في اللفظ قد يصعب ملاحظتها فيه وهو خارج الشاهد الشعري!

وهذا هو مناط البحث؛ دراسة معالجة مؤلف الصحاح ـ على سبيل المثال ـ للألفاظ التي استشهد في كشف معناها بشواهد شعرية, وملاحظة قيمة هذه الشواهد في تحقيق غرض المؤلف من الاستشهاد بها, أي في كشف المعنى المعجمي وبيانه؛مسترفدًا السياق الذي وُضع فيه اللفظ.

و قيمة البحث ـ من هذا الوجه ـ أنه يفسّر لنا شيوع الاستشهاد بالشعر في المعاجم العربية, في ضوء دلالة السياق التي تتجلى فيها دلالات الألفاظ, لأن اللفظ خارج السياق له ما لا حصر له من المعاني, فإذا ما وُضع في سياقٍ انحصر معناه في مجالٍ محدد من الدلالات, وقامتْ العناصر البلاغية في النص بعد ذلك بترقية تلك الدلالات وِفْق طبقة بلاغة الكلام!

... كما أود إخبارك بأن كشفي عن هذا المنهج سيكون في ضوء شواهد المعجم ـ أتنوعت بين الاستدلال على صحة قاعدة نحوية صرفية ... ـ وليس مما وجد من كتابات لصاحب المعجم تحدث فيها عن بعض قواعد النحو والصرف ...

ما أود الإفصاح عنه بأني سأستخلص المنهج من الشواهد نفسها لا من المعجم نفسه , فجل نظري سينصب على الشاهد؛ لذا وددت الاستزادة في إخباري بمزيد من الجوانب التي أدرسها في هذا الشاهد علما أني تتبعت فيه (الجوانب النحوية, والصرفية, والجانب الصوتي, واللهجات, والضرورات, أخصه صاحب المعجم بتوضيح كبيان علة أو قياس أو إجماع .. إلى غير ذلك)

فهل من مزيد أتتبعه؟ علما بأنه يراودني شعور بأن البحث لو اقتصر على هذا فلن أكون أتيت بجديد.

.

البحث ـ كما ذكرتٌ قبل قليل ـ سيكون مداره الشواهد ,و لا أعلم هل اختيارك للشواهد كلها ,أو للشواهد الشعرية فقط؟ وأرى أن حصر دراستك في أحدهما مهم؛ لأن لكل منهما وجهًا في الاستشهاد, فمعاني القرآن متصلة بمرويات التفسير, ولابد أن يكون للبحث فيها وجهة خاصة, فضلًا عن كون الاستشهاد بالشعر في المعاجم هو الأكثر. وقد فهمتُ من كلامك السابق أن وجهتك هي الشواهد الشعرية في معجم الصحاح.

فإذا كان ذلك كذلك؛ فمدار البحث في شواهد الشعر عند الجوهري ـ هو قيمة الاستشهاد بالسياق الشعري في كشف دلالات الألفاظ في صحاحه!

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير