تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[28 - 01 - 2008, 01:03 م]ـ

[تحرير أبي الفتح بن برهان في كتاب الوصول إلى الأصول للمسألة]

وقال أبو الفتح بن برهان في كتاب الوصول إلى الأصول اختلف العلماء في اللغة هل تثبت توقيفا أو اصطلاحا فذهبت المعتزلة إلى أن اللغات بأسرها تثبت اصطلاحا وذهبت طائفة إلى أنها تثبت توقيفا وزعم الأستاذ أبو إسحاق الإسفرائيني أن القدر الذي يدعو به الإنسان غيره إلى التواضع يثبت توقيفا وما عدا ذلك يجوز أن يثبت بكل واحد من الطريقين وقال القاضي أبو بكر: يجوز أن يثبت توقيفا ويجوز أن يثبت اصطلاحا ويجوز أن يثبت بعضه توفيقا وبعضه اصطلاحا والكل ممكن. وعمدة القاضي أن الممكن هو الذي لو قدر موجودا لم يعرض لوجوده محال ويعلم أن هذه الوجوه لو قدرت لم يعرض من وجودها محال فوجب قطع القول بإمكانها. وعمدة المعتزلة أن اللغات لا تدل على مدلولاتها كالدلالة العقلية ولهذا المعنى يجوز اختلافها ولو ثبتت توقيفا من جهة الله تعالى لكان ينبغي أن يخلق الله العلم بالصيغة ثم يخلق العلم بالمدلول ثم يخلق لنا العلم بجعل الصيغة دليلا على ذلك المدلول ولو خلق لنا العلم بصفاته لجاز أن يخلق لنا العلم بذاته ولو خلق لنا العلم بذاته بطل التكليف وبطلت المحنة. قلنا: هذا بناء على أصل فاسد فإنا نقول يجوز أن يخلق الله لنا العلم بذاته ضرورة وهذه المسألة فرع ذلك الأصل. وعمدة الأستاذ أبي إسحاق الإسفرائيني: أن القدر الذي يدعو به الإنسان غيره إلى التواضع لو ثبت اصطلاحا لافتقر إلى اصطلاح آخر يتقدمه وهكذا فيتسلسل إلى ما لا نهاية له. قلنا: هذا باطل فإن الإنسان يمكنه أن يفهم غيره معاني الأسامي كالطفل ينشأ غير عالم بمعاني الألفاظ ثم يتعلمها من الأبوين من غير تقدم اصطلاح وعمدة من قال إنها تثبت توقيفا قوله تعالى: (وعلم آدم الأسماء كلها)، وهذا لا حجة فيه من جهة القطع فإنه عموم والعموم ظاهر في الاستغراق وليس بنص. قال القاضي: أما الجواز فثابت من جهة القطع بالدليل الذي قدمته وأما كيفية الوقوع فأنا متوقف فإن دل دليل من السمع على ذلك ثبت به.

وقال إمام الحرمين في البرهان: اختلف أرباب الأصول في مأخذ اللغات فذهب ذاهبون إلى أنها توقيف من الله تعالى وصار صائرون إلى أنها تثبت اصطلاحا وتواطؤا وذهب الأستاذ أبو إسحاق في طائفة من الأصحاب إلى أن القدر الذي يفهم منه قصد التواطؤ لا بد أن يفرض فيه التوقيف. والمختار عندنا أن العقل يجوز ذلك كله فأما تجويز التوقيف فلا حاجة إلى تكلف دليل فيه ومعناه أن يثبت الله تعالى في الصدور علوما بديهية بصيغ مخصوصة بمعاني فتتبين العقلاء الصيغ ومعانيها ومعنى التوقيف فيها أن يلقوا وضع الصيغ على حكم الإرداة والاختيار وأما الدليل على تجويز وقوعها اصطلاحا فهو أنه لا يبعد أن يحرك الله تعالى نفوس العقلاء لذلك ويعلم بعضهم مراد بعض ثم ينشئون على اختيارهم صيغا وتقترن بما يريدون أحوال لهم وإشارات إلى مسميات وهذا غير مستنكر وبهذا المسلك ينطلق الطفل على طوال ترديد المسمع عليه ما يريد تلقينه وإفهامه فإذا ثبت الجواز في الوجهين لم يبق لما تخيله الأستاذ وجه والتعويل في التوقيف وفرض الاصطلاح على علوم تثبت في النفوس فإذا لم يمنع ثبوتها لم يبق لمنع التوقيف والاصطلاح بعدها معنى ولا أحد يمنع جواز ثبوت العلوم الضرورية على النحو المبين. فإن قيل قد أثبتم الجواز في الوجهين عموما فما الذي اتفق عندكم وقوعه. قلنا ليس هذا مما يتطرق إليه بمسالك العقول فإن وقوع الجائز لا يستدرك إلا بالسمع المحض ولم يثبت عندنا سمع قاطع فيما كان من ذلك وليس في قوله تعالى: (وعلم آدم الأسماء كلها) دليل على أحد الجائزين فإنه لا يمتنع أن تكون اللغات لم يكن يعلمها فعلمه الله تعالى إياها ولا يمتنع أن الله تعالى أثبتها ابتداء وعلمه إياها. وقال الغزالي في المنخول قال قائلون اللغات كلها اصطلاحية إذ التوقيف يثبت بقول الرسول عليه السلام ولا يفهم قوله دون ثبوت اللغة. وقال آخرون: هي توقيفية إذ الاصطلاح يعرض بعد دعاء البعض بالاصطلاح ولا بد من عبارة يفهم منها قصد الاصطلاح. وقال آخرون ما يفهم منه قصد التواضع توقيفي دون ما عداه ونحن نجوز كونها اصطلاحية بأن يحرك الله رأس واحد فيفهم آخر أنه قصد الاصطلاح. ويجوز كونها توقيفية بأن يثبت الرب تعالى مراسم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير