تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إنما يوجب سبق الإرسال على التوقيف لا) أنه يوجب سبق الإرسال (اللغات بل) هذا النص (يفيد سبقها) أي اللغات على الإرسال , ولا يلزم من سبقها عليه سبق التوقيف عليه أيضا لجواز وجودها بدونه فلا دور.

وحينئذ (فالجواب) من قبل التوقيفية عن هذا الاستدلال للاصطلاحية (بأن آدم علمها) بلفظ المبني للمفعول وبني له للعلم بالفاعل , وهو الله أي علم الله آدم الأسماء (وعلمها) آدم غيره (فلا دور) إذا تعليمه بالوحي يستدعي تقدم الوحي على اللغات لا تقدم الإرسال إذ قد يكون هناك وحي باللغات وغيرها ولا إرسال له إلى قوم لعدمهم وبعد أن وجدوا وتعلموا اللغات منه أرسل إليهم (وبمنع حصر) طريق (التوقيف على الإرسال) أي والجواب من قبل التوقيفية عن استدلال الاصطلاحية بالنص المذكور على هذا الوجه بهذا أيضا (لجوازه) أي التوقيف من الله (بالإلهام) بأن ألقى الله تعالى في روع العاقل من غير كسب منه أن واضعا ما وضع هذه الألفاظ بإزاء هذه المعاني (ثم دفعه) أي هذا الجواب (بخلاف المعتاد) أي بأن عادة الله تعالى لم تجر بذلك بل المعتاد في التعليم التفهيم بالخطاب ونحوه فإذا لم يقطع بعدمه فلا أقل من مخالفته للظاهر مخالفة قوية فلا يترك الظاهر لمجرده.

ثم قوله (ضائع) خبر قوله فالجواب , وما عطف عليه ووجه ضياعه ظاهر فإن ما بني هذا كله عليه من دعوى الدور لم يتم < 71 > (بل الجواب) من قبل التوقيفية عما تقدم من الاستدلال بالنص المذكور للاصطلاحية على الوجه التام بمطلوبهم (أنها) أي الإضافة في قوله تعالى {بلسان قومه} (للاختصاص) أي لاختصاصهم بها في التعبير عن مقاصدهم دائما أو غالبا من بين سائر اللغات (ولا يستلزم) اختصاصهم بها (وضعهم) أي أن يكونوا هم الواضعين لها (بل يثبت مع تعليم آدم بنيه إياها وتوارث الأقوام فاختص كل بلغة) أي بل يجوز أن يكونوا مختصين بها بعدم وضعه تعالى إياها وتوقيفهم عليها بأن يكون الله تعالى وضعها , وعلمها لآدم ثم آدم علمها لبنيه ثم ما زال الخلف منهم يتوارثها من السلف إلى أن تميز كل منهم بإرث لغة واختص بها دون من سواه.

ولا ريب أن مثل هذا مما يسوغ الإضافة ولا سيما والكلام الفصيح طافح بإضافة الشيء إلى غيره بأدنى ملابسة فما الظن بمثل هذا , وهذا الجائز معارض لذلك الجائز ثم يترجح هذا بموافقته لظاهر {وعلم آدم الأسماء} , ومخالفة ذاك لهذا الظاهر إذ الأصل عدم المخالفة , والجمع بين المتعارضين واجب ما أمكن , وقد أمكن بهذا الوجه فيتعين (وأما تجويز كون علم) أي كون المراد بعلم آدم الأسماء كلها (ألهمه الوضع) بأن بعث داعيته له , وألقى في روعه كيفيته حتى فعل وسمى ذلك تعليما مجازا كما في قوله تعالى {وعلمناه صنعة لبوس لكم} , وأطلق الأسماء , وأراد وضعها لكونها متعلقة كما هذا تأويل من الاصطلاحية لدفع الاحتجاج بهذه الآية للتوقيفية (أو ما سبق وضعه ممن تقدم) أي أو ألهمه الأسماء السابق وضعها ممن تقدم آدم فقد ذكر غير واحد من المفسرين أن الله تعالى خلق جانا قبل آدم , وأسكنهم الأرض ثم أهلكهم بذنوبهم , والظاهر أنه كان لهم لغة كما هذا تأويل آخر من الاصطلاحية لدفع الاحتجاج بهذه الآية للتوقيفية (فخالف الظاهر) من الآية مخالفة قوية ونحن ندعي الظهور , والاحتمالات البعيدة لا تدفعه أما الأول فلأن المتبادر من تعليم الله تعالى آدم الأسماء تعريف الله إياه الألفاظ الموضوعة لمعانيها وتفهيمه بالخطاب لا بالإلهام , وأما الثاني فلأن الأصل عدم وضع سابق على أن القوم المشار إليهم لم يثبت وجودهم على الوجه المذكور ولو ثبت لم يلزم أن هذه اللغات كانت لهم ولا يصار إلى خلاف الظاهر إلا بدليل كالإجماع في , وعلمناه ولم يوجد هنا ثم لما لزم من هذا ظن كون اللغات توقيفية واشتهر أن لا ظن في الأصول نبه المصنف على أنه لا ضير فيه ; لأنها ليست من مقاصده.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير