تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لزوم الدور على أنه لا بد في الأخيرة من العود إلى الاصطلاح الأول ضرورة تناهي الاصطلاحات أو دعوى التسلسل كما ذكره الآمدي بأن يقال لو لم يكن القدر المحتاج إليه في تعريف الاصطلاح بالتوقيف لتوقف معرفة الاصطلاح على سبق معرفة ذلك القدر باصطلاح آخر سابق , وهو على آخر , وهلم جرا والدور والتسلسل باطلان فملزومهما باطل جمع المصنف بينهما مصرحا بانتفائهما فقال (وإلزام الدور أو التسلسل لو لم يكن توقيف البعض منتف) ; لأنا نمنع توقف القدر المحتاج إليه على الاصطلاح قولكم المفروض أنه يعرف بالاصطلاح ممنوع بل أنه لا يعرف بالتوقيف , وهو لا يوجب أن يعرف بالاصطلاح بل بالترديد والقرائن كالأطفال وبهذا يظهر أنه يمكن منع توقف الاصطلاح على سبق معرفة ذلك القدر (بل الترديد مع القرينة كاف في الكل).

ثم لما لزم من سوق المصنف الجنوح إلى المذهب التوقيفي وكان على الاستدلال له بالآية المتقدمة أن يقال إنها إنما تثبت < 74 > بعض المدعى لاختصاص الأسماء بنوع خاص من أنواع الكلمة الثلاثة أشار إلى دفعه عودا على بدء فقال (وتدخل الأفعال والحروف) في الأسماء من قوله تعالى (وعلم آدم الأسماء) (لأنها أسماء) ; لأن الاسم لغة ما يكون علامة للشيء ودليلا يرفعه إلى الذهن من الألفاظ , وملخصه اللفظ الدال بالوضع , وهذا شامل لأنواعها الثلاثة , وأما تخصيصه بالنوع المقابل للفعل والحرف فاصطلاح حدث من أهل العربية بعد وضع اللغات فلا يحمل القرآن عليه على أنه لو سلم أن الاسم لغة يختص بالنوع المذكور فالتكلم بالأسماء لإفادة المعاني المركبة إذ هي الغرض من الوضع والتعليم يتعذر بدونهما على أنه لو سلم عدم التعذر فحيث ثبت أن الواضع للأسماء هو الله فكذا الأفعال والحروف إذ لا قائل بأن الأسماء توقيفية دون ما عداها , والقائل بالتوزيع لم يذهب إليه , وإن أمكن على مذهبه أن يقال به (تذنيب) ثم قيل لا فائدة لهذا الاختلاف , وقيل بل له فائدة فقال المازري هي أن من قال بالتوقيف جعل التكليف مقارنا لكمال العقل , ومن قال بالاصطلاح أخر التكليف عن العقل مدة الاصطلاح على معرفة الكلام , وقيل غير ذلك , والله سبحانه أعلم.

المقام الرابع في أنه هل يحكم باعتبار المناسبة بين اللفظ ومعناه الموضوع له؟. فقال المصنف آتيا بما هو من فصل الخطاب علاقة وكيدة بين الخروج من الكلام إلى آخر الأمر (هذا) أو مضى هذا أو هذا كما ذكر (أما اعتبار المناسبة) بين اللفظ ومعناه بمعنى أنه لا يقع وضع لفظ لمعنى إلا بعد أن يكون بينهما مناسبة (فيجب الحكم به) أي باعتبارها بينهما (في وضعه تعالى) أي فيما علم أن واضع ذلك اللفظ لذلك المعنى هو الله سبحانه فإن خفي ذلك علينا بالنسبة إلى بعض الألفاظ مع معانيها فلقصور منا أو لغيره من مقتضيات حكمته وإرادته. وإنما قلنا هذا (للقطع بحكمته) وكيف لا , وهو العليم الحكيم , وهذا القدر من بعض آثار مقتضياتها فيجب القطع به (وهو) أي اعتبار المناسبة بينهما (ظاهر في غيره) أي مظنون وجوده في غير ما علم من الألفاظ وضع الباري تعالى إياها لمعانيها ; لأن الظاهر حكمة الواضع ورعاية التناسب من مقتضياتها , فالظاهر وجوده. وقوله (والواحد قد يناسب بالذات الضدين) جواب عن دخل مقدر , وهو أن اللفظ الواحد قد يكون للشيء وضده كالجون للأبيض والأسود , وبمناسبته لأحدهما لا يكون مناسبا للآخر. وإيضاح الجواب أن اللفظ الواحد يجوز أن يناسب بالذات معنيين متضادين من وجهين كلا من وجه فيصدق أن بين كل من المعنيين اللذين وضع اللفظ لكل منهما وبين اللفظ مناسبة ذاتية , وكشف الغطاء عن هذا أن المناسبة اتحاد الشيئين في المضاف كاتحاد زيد وعمرو في بنوة بكر , واتحاد متضادين في المضاف ليس بممتنع ولا مستبعد (فلا يستدل على نفي لزومها) أي المناسبة بين اللفظ , ومعناه كما ذهب إليه من يذكره (بوضع) اللفظ (الواحد لهما) أي للضدين كما تواردوه ; لأنه قد ظهر أن هذا لا ينافيها ثم لما كان الذي عليه الجمهور تساوي نسبة الألفاظ إلى معانيها , وأن المخصص لبعضها ببعض المعاني دون بعض هو إرادة الواضع المختار , سواء كان هو الله تعالى أو غيره , وقد نقل غير واحد من الثقات أن أهل التكسر وبعض المعتزلة منهم عباد بن سليمان الصيمري ذهبوا إلى أن بين اللفظ والمعنى مناسبة طبيعية موجبة لدلالته عليه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير