فلا يحتاج إلى الوضع , يدرك ذلك من خصه الله به كما في القافة ويعرفه غيره منه.
يتبع ...
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[28 - 01 - 2008, 01:12 م]ـ
وقد ذكر القرافي أنه حكى أن بعضهم كان يدعي أنه يعلم المسميات من الأسماء فقيل له ما مسمى أذغاغ , وهو من لغة البربر فقال أجد فيه يبسا شديدا , وأراه اسم الحجر , وهو كذلك. ورد الجمهور هذا القول بوجوه منها أنه لو كان كذلك لامتنع نقل اللفظ عن معناه الذاتي إلى معنى آخر بحيث لا يفهم منه الذاتي أصلا واللازم باطل فالملزوم مثله ثم ذكر السكاكي وغيره أن أهل التصريف والاشتقاق على أن للحروف في أنفسها خواص بها تختلف كالجهر والهمس وغيرهما < 75 > مستدعية في حق عالمها إذا أخذ في تعيين شيء يركب منه المعنى أنه لا يهمل التناسب بينه وبين المعنى الذي عينه له قضاء لحق الحكمة.
ومن ثمة ترى الفصم بالفاء الذي هو حرف رخو لكسر الشيء من غير أن يبين وبالقاف الذي هو حرف شديد لكسر الشيء حتى يبين , وأن لهيئات تركيبات الحروف أيضا خواص يلزم فيها ما يلزم في الحروف , ومن ثمة كان الفعلان والفعلى بالتحريك لما في مسماه كثرة حركة كالنزوان والحيدى. وقد تقرر أنه ينبغي حمل كلام العاقل على الصحة ما أمكن ولا سيما من كان من عداد العلماء لا جرم أن أول السكاكي قول عباد بهذا مجوزا أن يكون هذا مراده بنوع من الرمز إليه ووافقه المصنف في الجملة عليه لكن من غير التزام ضابط في المناسبة من جهة خاصة ليشمل ما ذكر وغيره لما على الحصر فيه من التعقب لما نذكر قريبا.
فقال: (وهو) أي وجوب الحكم باعتبار المناسبة قطعا أو ظنا بين اللفظ , ومعناه كما فصلناه (مراد القائل بلزوم المناسبة في الدلالة) أي دلالة الألفاظ على معانيها فإنه ممكن ولم يوجد ما يمنع إرادته بل وجد ما يعينها , وهو حمل كلام العاقل على الصحة ما أمكن (وإلا فهو ضروري البطلان) أي , وإن لم يكن هذا مراد عباد من قوله فقوله ضروري البطلان عند أولي العلم والإتقان كما يشهد به ما ذكروه من الحجج والبرهان ثم ينبغي التنبه هنا لأمرين أحدهما أن صرف قول عباد , ومن وافقه عن ظاهره إلى أن يكون المراد به كما عليه التصريفيون إنما يتم إذا كان عباد , ومن وافقه قائلين بأنه لا بد مع ذلك من الوضع كما ذكر الإسنوي أنه مقتضى كلام الآمدي في النقل عنهم أما إذا كانوا مصرحين بأنه يفيد المعنى بذاته لمناسبة ذاتية بينهما من غير احتياج إلى وضع كما قررناه آنفا , ونقله في المحصول عن عباد , وقال الأصفهاني إنه الصحيح عنه فلا يتم وهو ظاهر ثانيهما أنه يطرق ما عليه التصريفيون ما ذكره المحقق الشريف من أنه لا يخفى أن اعتبار التناسب بين اللفظ والمعنى بحسب خواص الحروف والتركيبات يتأتى في بعض الكلمات , وأما اعتباره في جميع كلمات لغة واحدة فالظاهر أنه متعذر فما الظن باعتباره في جميع كلمات اللغات.
الموضوع له اللفظ
المقام الخامس في بيان أن المعنى الموضوع له اللفظ هل هو الذهني أو الخارجي أو الأعم منهما , وقد تعرض المصنف لهذا بقوله (والموضوع له) اللفظ (قيل الذهني دائما) كأنه يعني سواء كان له وجود في الذهن بالإدراك , وفي الخارج بالتحقق كالإنسان أو في الذهن لا في الخارج كبحر زئبق , وسواء كان اللفظ مفردا أو مركبا , وهذا مختار الإمام الرازي ووجه أما في المفرد فلاختلاف اللفظ لاختلاف الذهني دون الخارجي فإنا إذا رأينا جسما من بعيد وظنناه حجرا سميناه به فإذا دنونا منه , وعرفنا أنه حيوان لكن ظنناه طائرا سميناه به فإذا ازداد القرب , وعرفنا أنه إنسان سميناه به , وهذا آية على أن الوضع للذهني , وأما في المركب فلأن قام زيد مثلا يدل على حكم المتكلم بأن زيدا قائم , وهو أمر ذهني إن طابق كان صدقا , وإلا كان كذبا لا على قيام زيد في الخارج , وإلا كان صدقا وامتنع كذبه وليس كذلك وأجيب عن الأول بأن اختلاف الاسم لاختلاف المعنى في الذهن لظن أنه في الخارج كذلك لا لمجرد اختلافه في الذهن فالموضوع له ما في الخارج , والتعبير عنه تابع لإدراك الذهن له حسبما هو كذا , وعن الثاني بأنا لا نسلم أنه لو كان موضوعا للخارجي لامتنع الكذب , وإنما يلزم لو كانت إفادته للخارجي قطعية , وهو ممنوع لجواز أن تكون ظنية كالغيم الرطب للمطر فيختلف المدلول مع وجود اللفظ فيكون كذبا ثم يلزم هذا القول أن لا تكون
¥