تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يرى الأوربيون النصارى أن التمسك بالأساليب التي أكل عليها الدهر وشرب وأقام الدليل على أنها خطأ رجعية مذمومة محالفة للشقاء الذي يزول حتى تزول تلك الأساليب، فمن ذلك الاستمرار على الجهر بما ينفع الناس في دينهم وأخلاقهم ومعاشهم وأرزاقهم، ومن ذلك التعصب للعقائد والأنظمة، فكل أمة تكون متفرقة فرقا عديدة لكل فرقة عقيدتها وكل فرقة تبغض من يخالفها في العقيدة من مواطنيها بغضا يحملها على عداوتهم والكيد لهم وآذاهم فهي فرقة رجعية، وإن كانت فرق الأمة كلها كذلك فالأمة كلها رجعية بعيدة عن التقدم والسير في طريق الفلاح لأنه ثبت بالبرهان القاطع عندهم أن الأمة لا تستطيع التعاون على ما فيه خيرها وسعادتها إلا إذا نبذت التعصب وساد فيها التسامح بين الفرق.

ومن ذلك التعصب للنظام كالجمهورية والملكية مثلا فكل شعب يتعصب لنظامه ويبغض كل من خالفه ولا يكفيه ذلك حتى يعاديه ويكيد له ولا يتعاون معه ولا يتبادل معه المصالح فهو شعب رجعي مذموم عندهم ولذلك تجد الشعوب المتقدمة الملكية كبريطانيا والدانمارك والسويد والنرويج وبلجيكا ولوكسمبورج وهولندا لا تبغض الدول الجمهورية لكونها جمهورية كالولايات المتحدة الأمريكية أو فرنسة أو سويسرة وجرمانية وإيطالية بل تتواد معها وتتعاون معها وتتبادل معها المصالح وكل فريق يترك للفريق الآخر الحرية فيما اختره لنفسه، ومن الأمثلة العجيبة في ذلك أن إيرلندة المستقلة اختارت النظام الجمهوري وخرجت على أمتها البريطانية، وكلهم يسكنون بلادا متصلة وينتسبون نسبا واحدا ولوشاءت بريطانية أن تتعصب وتكيد لإيرلندة كما يفعل الرجعيون لسحقتها في يوم واحد وأجبرتها على الانضمام لها ولكنهما تعيشان في سلام.

ومن ذلك التعصب للأساليب القديمة في الفلاحة والملاحة والصناعات، فلو وجد شعب يحرث على الدواب وعرضت عليه الجرارات العصرية فمنعه التعصب من قبولها لكان رجعيا مذموما محروما، ولو وجدت قرية تستضيء بالقناديل والزيت والفتل وعرضت عليها الكهرباء فرفضتها لكان أهلها رجعيين مذمومين.

وهكذا يقال في قرية يطحن أهلها بالأيدي فعرضت عليهم طاحونة بالكهرباء فرفضوها، وفي قوم يسافرون في البحر بسفن شراعية فعرضت عليهم البواخر التي تمخر البحار كأنها الأعلام وقس على ذلك فهذا هو الفرق بين الرجعية والتقدم عند نصارى أوروبا.

أما دراسة الدين في الجامعات وتخصيص كل جامعة عظيمة كلية عظيمة محترمة مكرمة لتعلم اللاهوت (ثيولوجي) وإقامة الصلوات في كنيسة الكلية وإيجاد أعمال دينية محترمة لهم في شعبهم وامتلاء الكنائس يوم الأحد بالمصلين والمصليات من التلاميذ والطلبة والأساتذة وعامة الشعب وحضور أساتذة الجامعة ومشاركتهم في الصلوات والاحتفال بتخرج عدد كبير من الأطباء كل سنة في تلك الكليات، وتبرع بملاين من الدولارات والجنيه لنشر النصرانية خارج أوروبا وأمريكا وبناء المستشفيات والمدارس والكنائس والإرساليات في آسيا وإفريقيا فلا يعدون شيئا من ذلك رجعية، ومن ذلك الحكم الاستبدادي الذي لا يستند إلى انتخاب ولا برلمان ولا مجلس شيوخ فإنهم يعدونه رجعية ولذلك ترى أكثر دول أوروبا وأمريكا تبغض نظام الحكم في إسبانيا وتشمئز منه، على أنهم ليسوا سالمين من التعصب الديني وإن كانوا يذمونه وقد عاشرتهم وخبرتهم فرأيت فيهم من التعصب الديني أشد التعصب حتى فيما بينهم كالبرتستانين والكاثوليكين وفيهم من يبغض الإسلام بلا سبب تعصبا للنصرانية، ولي على ذلك أدلة لو ذكرتها لطال الكلام.

(البقية في العدد القادم)

مثل قرآني

{ ... أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رَابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الأََمْثَالَ}.

الرعد /19

فدائيون

كان كعب بن الأشرف رجلا من طي وأمه من بني النفير وهو من زعماء اليهود بالمدينة آذى المسلمين وشبَّب بنسائهم وحاك المؤامرات لحربهم والقضاء عليهم، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم اكفيني ابن الأشرف بما شئت" ثم قال: "من لي بابن الأشرف فقد آذاني"، فقال محمد بن مسلمة رضي الله عنه: "أنا لك به يا رسول الله". وفي ليلة الرابع عشر من ربيع الأول من السنة الثالثة من الهجرة توجهت السرية بقيادته واشتراك أبي نائلة سلكان بن سلامة وعباد بن بشر إلى قلعة بن الأشرف في ديار بني النضير حسب اتفاق سابق معه على رهن بعض السلاح عنده مقابل كمية من الطعام وكان قد طالبهم عدو الله برهن نسائهم وأبنائهم فرفضوا.

وعند القلعة استنزلوه إلى شعب العجوز (ويقع في غرب منها) وقتلوه فصاح صيحة سمعها أهل الحصون المجاورة من اليهود فأوقدوا المشاعل ليكشفوا عن العملية دون جدوى، ورجعت السرية من ديار بني أمية وحرة العريض ولما بلغوا بقيع الغرقد كبروا فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرهم وعرف أنهم قتلوا عدو الله فلما انتهوا إليه قال: "أفلحت الوجوه". قالوا: "ووجهك يا رسول الله". ورموا برأس كعب بين يديه.

ابن إسحاق

طبقات بن سعد

نهاية الأدب باختصار

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير