تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما إذا كان الشعب رشيدا، وكان رؤساؤه ذوي علم وحكمة ونزاهة وإخلاص وأخلاق سامية، فإنهم ينجحون، سواء أصاروا على النظام الملكي أم على النظام الجمهوري؛ والواقع يشهد بهذا.

فبريطانيا بنظامها الملكي تتمتع بسعادة اجتماعية ورفاهية واستقرار، تحسدها عليه كثير من الجمهوريات، ولا يفكر أحد من حكمائها وقادتها باستبدال النظام الملكي، والانتقال إلى الجمهورية، وهذا الرضا والاطمئنان لا يختص بالبريطانيين فقط، بل هناك شعوب راقية سعيدة في حياتها، ديمقراطية في سلوكها حرة في تصرفاتها قد ربطت مصيرها بهذه الدولة الملكية شعوب (كمونويلث) ككندا واستراليا ونيوزيلندا وغيرها ممن يدور في فلكها، وهناك ممالك أخرى قد ذكرتها من قبل في غاية الاستقرار والرفاهية.

ومن زعم أنّ الجمهورية مرغوبة لذاتها أو ضرورية لكل شعب فإنّ زعمه باطل لا يثبت أمام النقد إلاّ كما يثبت الثلج في السهول إذا أشرقت عليه شمس الربيع؛ إذا فالشأن كل الشأن أن يكون رؤساء الشعب علماء حكاما، مخلصين صالحين فعلى أي نظام كانوا فإنّهم يقودون سفينة شعبهم إلى شاطئ السلامة.

ونحن نرى الشعوب المختلفة في نظام الحكم متعاونة متصافية بغاية الإخلاص كبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، فقد مضى على تعاونهما في السلم والحرب زمن طويل، ولم تحاول إحداهما أن تقلب الأخرى إلى نظامها.

إذا فهذه الحزازات التي توجد في نفوس الحكومات العربية والجمهورية وما يعتريها من الاشمئزاز والكراهية للنظام الملكي حتى ربما أنّها تسعى في إسقاطه وتبالغ في شتمه وتصفه بالرجعية كل ذلك خطأ فاحش لم يعالجه طبيب ولا راق، والاستمرار فيه يتنافى مع المصلحة العامة لتلك الشعوب ويفضي إلى عواقب وخيمة.

الديمقراطية:

الإسلام نظام كفيل بسعادة كل من تمسك به من جماعات وأفراد ودول، ولا يحتاج أن يستعير من غيره شيئا، وهو لا يتفق مع نظام رأس المال، ولا مع الشيوعية، ولا مع الاشتراكيات بأنواعها.

وقد سبق إلى كل خير يوجد في هذه النظم، وتجنب كل شبر فيها، فإذا وصفت الأمة بأنها ديمقراطية فقد جهلتها وجهلت عليها؛ فالإسلام مبني على العدل والإحسان وفيهما سعادة البشر أجمعين.

أما دعاة الديمقراطية في هذا الزمان فإنهم يصفونها بأن يحكم الشعب نفسه بنفسه بواسطة الانتخاب العام، فكل جماعة من الناس تختار نائبا يمثلها أو ينوب عنها في مجلس يسمى: البرلمان؛ وهذا المجلس هو الذي يختار رئيس الوزراء ويعينه، ورئيس الوزراء يختار نوابه من أولئك النواب أو من غيرهم بموافقة المجلس، وكل فرد من أفراد الشعب له الحق أن ينتقد النواب والوزراء ورئيسهم في حدود القانون الذي يمنع التعدي والظلم، وهذا القانون يضعه علماء إختصاصيون ويقره المجلس.

قالوا: وهذا أرقى ما وصل إليه العقل البشري في الحرية والمساواة فكل من وقع عليه الظلم يستطيع أن يدفعه عنه بواسطة نائبه، وكذلك من تعسر عليه الوصول إلى حق يستعين بنائبه على الوصول إليه.

وحرية الاعتقاد والانتقاد في ضمن القانون وإبداء الرأي وسائر الحريات مكفولة فلا يعاقب أحد بحبس أو غرامة إلاّ إذا خالف القانون المتفق عليه.

وتوزع الحقوق والواجبات بالتساوي، فلا يعفى من الواجبات أحد كيف ما كان مركزه، فيكون كل فرد آمنا مطمئنا على نيل حقوقه لا يحتاج إلى تملق ولا تعلق، فلا يخاف الإنسان إلا مما قدمت يداه.

ومع هذا التحري كله فقد يقع الغش في الانتخاب، فإن مالك المزرعة ومالك المعمل إذا رشح نفسه للنيابة يشعر الفلاحون والمزارعون بأنّ من اللياقة أن ينتخبوا مالك مزرعتهم ويشعر العمال كذلك أنّه ينبغي عليهم أو يجب عليهم أن ينتخبوا مالك معملهم فيختل ميزان المساواة.

وهناك سبب آخر لامتعاض الناس في البلدان (الديمقراطية) وهو وجود الأحزاب المختلفة كالمحافظين والعمال والأحرار؛ فالمحافظون يرون إعطاء الحرية أفراد الشعب كيف ما كانت كسكك الحديد والمعدن والمصانع الكبرى ويقولون: إن ذلك هو الأصلح لشعبهم ليتنافس أفراده وجماعاته، كالشركات مثلا في العمل لتكثير المنتوجات واستثمار البلاد واستخراج كنوزها، وبذلك يقع الازدهار والتقدم في جميع الميادين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير