تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن هنا نعلم أن المصحح فزع إلى الطريقة الرابعة ولكن لم يعتمدها مطلقا بل خلط وخبَّط وفي هذا مفسدة عظيمة فإن ولي أمر المطبعة إنما يأمر بالتزام الطريقة الثانية لأنه لا يرى الاعتماد على معرفته فيحمله ذلك على إحالة التصحيح إلى غير عارف ثقة بأنه لا حاجة للمعرفة وإذ كان الطبع مقيدا بالنسخ وفي هذا ما فيه.< o:p>

الطريقة الثانية .. < o:p>

وهي الرائجة في بعض المطابع في مصر وغيرها أن يقاول صاحب المطبعة بعض أهل العلم والمعرفة على تصحيح الكتاب الذي يريد طبعه, ويدفع إلفيه النقل الذي يراد الطبع عليه وذلك غالبا بعد مقابلته بالأصل، فيصحح هذا العالم بمعرفته ونظره وبمراجعة المظان من الكتب العلميَّة, ويكتب تصحيحاته على النقل، ثم يأخذه صاحب المطبعة, ويكتفي به التصحيح الحقيقي. ويكتفي بمن يُصحَّح تصحيحا مطبعيا أعني الذي يطبَّق المطبوع على ذلك النقل.< o:p>

ففي هذه الطريقة ثلاث أيد تُناوب التصحيح:< o:p>

الأولى: التصحيح بالمقابلة على الأصل. الثانية: التصحيح الحقيقي. الثالثة: التصحيح المطبعي. < o:p>

وفيها نقائص:< o:p>

النقيصة الأولى: < o:p>

أن التصحيح بالمقابلة كثيرا ما يُوكل إلى غير أهله. فإن التصحيح بالمقابلة ينبغي أن لا يعتمد فيه إلاّ على عالم ممارس للتصحيح إما كونه عالما فلأمور:< o:p>

الأول: أن النسخ القلمية كثيرا ما تكون غير منقوطة ويكون خطها رديئا أو مغلقا وتشتبه فيه بعض الحروف ببعض فالمقابل إذا لم يكن عنده أهلية تامة فإنه يقلد الناسخ ويتبعه.< o:p>

الثاني: أن النسخ القلميه كثيرا ما يكون فيها الضرب والتضبيب وغير الماهر قد لا يفهم ذلك. < o:p>

الثالث: أن النسخ القلمية كثيرا ما يكون فيها الإلحاق والحواشي وغير الماهر ربما وضع الإلحاق في غير موضعه, وربما اشتبه عليه الإلحاق بالحواشي فيجعل الحواشي إلحاقا وعكسه وهذا موجود بكثرة! < o:p>

الرابع: أن الناسخ إذا كان عارف فكثيرا ما يتصرف بمعرفته فيحرَّف ويصحَّف ويبدل يغير كما وقع في نسخ كتاب "الاعتصام" للشاطبي, ونبه عليه مصحه السيد محمد رشيد رضا. فإذا كان المقابل غير أهل قلد الناسخ.< o:p>

الخامس: أن غير المتأهل لا يكون عنده غالبا ما يحمله على شدة التحري.< o:p>

السادس: أن الناسخة كثيرا ما يكون بالإملاء يمسك شخص الأصل ويملي على الناسخ فينسخ هذا الناسخ بحسب ما يسمع وكثيرا ما تتشابه الكلمات لفظا وتختلف خطاً مثل علا وعلى, وحاذر وحازر, عند من ينطبق بالذال زايا ونحوه حامد وهامد, وثائر وسائر, وقال وغال, وترتيب واريب وغريب, وأشباه ذلك كثيرة.< o:p>

والمقابلة تكون بين اثنين أيضا فإذا لم يكن المقابل أهلاً لم ينتبه لتصحيح الأغلاط الناشئة عما ذكر إلى غير ذلك. وأما كونه ممارسا للتصحيح فلان غير الممارس لا يكون عنده صبر الممارس وتأنيه وتثبته ومعرفته بمظان الغلط, وسيأتي إيضاح هذا أن شاء الله تعالى في شروط المصحح. < o:p>

النقيصة الثانية:< o:p>

أولا: أن المصحح الأوسط وإن كان بغاية العلم والمعرفة قد لا يتبين له الغلط أو يتبين له ويرى أن ما وقع في النقل محتمل من حيث المعنى فيدعه, أو ينبه عليه في الحاشية وفي ذلك تكثير حجم الكتاب. وإن أهل العلم لا يعتمدون على التصحيح في الحاشية اعتمادهم على ما هو ثابت في الأصل. وأهم من ذلك أن أهل العلم يرون أن الأصل المنقول منه غير صحيح ولا معتمد والشاهد على هذا كتاب "الاعتصام" للشاطبي, فإن العلامة السيد محمد رشيد رضا صححه معتمدا على نقل كان ينسخ من النسخة التي في المكتبة الخدوية وكان يجد أغلاطا في النقل كثيرة فمنها ما أصلحه, ومنها ما نبه عليه, ومنها ما تركه وكان يظن أن الخلل في الأصل ثم تبين له بعد أن الأصل صحيح في الجملة وأن معظم الخلل إنما هو في النقل إذا كان الناسخ يغير برأيه.< o:p>

ثانيا: أن هذا المصحح الأوسط لا يكون عنده في الغالب مكتبة جامعة تتوفر فيها الكتب التي ينبغي للمصحح مراجعتها.< o:p>

ثالثا: أنه يكون غالبا ممن لم يمارس التصحيح وسيأتي في شرائط المصحح أن الممارسة من أهمها.< o:p>

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير