تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

موقف علماء الأمة من اختلاف الصحابة ?

يختلف موقف العلماء إزاء اختلافات الصحابة ? بتنوع هذه الاختلافات تبعاً للفائدة المتوخاة من تلك الاختلافات.

أولاً: موقفهم من الاختلافات الفقهية:-

أجمع المسلمون على أن قول الصحابي في المسائل التي لا مجال فيها للاجتهاد حجة لأنه محمول على السماع من النبي ? وكذلك اتفقوا على الأخذ بقول الصحابي إذا شاع ولم يعرف له مخالف. لأنه من باب الإجماع السكوتي (). وليس هذا محل كلامنا, إنما نحن بصدد التعرف إلى موقف العلماء من اختلافات الصحابة ? فيما بينهم في المسائل الفقهية.

فقد ذهب الإمام مالك وأحمد في أحد قوليه والشافعي في قوله القديم وأكثر الحنفية إلى اعتبار قول الصحابي حجة مقدمة على القياس.

بينما ذهبت الظاهرية والإمامية وأكثر الزيدية وأحمد في أحد قوليه والشافعي في الجديد من أقواله إلى عدم اعتبار مذهب الصحابي حجة ().

وما نسب إلى الإمام الشافعي والإمام أحمد من عدم اعتبار قول الصحابي حجة لا يثبت أمام النقد كما ذكر الدكتور هاشم جميل إذ قال: (لكني رأيت في كتاب الأم للشافعي وهو الحاوي على مذهبه الجديد أن الشافعي يحتج بمذهب الصحابي الذي لا يعرف له مخالف, وعند اختلاف أقوالهم يأخذ منها)

ثم يعمم المسألة على الأئمة الأربعة فيقول: (فان الذي يبدو لي أن الغالب على الأئمة الأربعة هو عدم الخروج على أقوال الصحابة ?, فهم لا يخرجون عنها إلا نادراً) ().

أما ابن حزم فمع أنه (يعد الأخذ بقول الصحابي من غير حجة من السنة النبوية تقليداً غير جائز في دين الله تعالى ... نجده كثير الذكر لأقوال الصحابة ? بل إن كتبه الفقهية سواء كانت في الفروع أم كانت في الأصول تزخر بأقوال الصحابة?, وإذا قلنا إنها تشتمل على اكبر مجموعة تحوي أقوال الصحابة رضوان الله تبارك وتعالى عنهم لم نكن مبالغين) ().

اذن فجمهور العلماء يرون أن أقوال الصحابة ? سنة متبعة, وأن أقوالهم ليست كأقوال سواهم لقربهم من عهد التنزيل وتورعهم من التقول بالباطل في دين الله تعالى.

ثانياً: موقفهم من الاختلافات السياسية:

ولعلمائنا موقف نبيل تجاه الاختلافات السياسية التي وقعت بين الصحابة ? والتي أدت إلى سفك دماء بعضهم بعضاً, فقد صرح كثير من أئمة العلم بأن المسلم الحق يتحتم عليه أن يكف يده ولسانه وخواطر قلبه عما وقع بينهم من الاختلافات.

قال ابن حجر الهيتمي: (صرح أئمتنا وغيرهم في الأصول بأنه يجب الإمساك عما جرى بين الصحابة) ().

وليس معنى هذا أن نغفل كل اختلاف وقع بين الصحابة ?, بل المقصود أن لا نتخذ تلك الخلافات سلماً يرتقي عليه من يريد أن يطعن في الصحابة ? (). وقد ذكر عن الشافعي أنه قال: (أخذت أحكام البغاة والخوارج من مقاتلة على لأهل الجمل وصفين وللخوارج) ().

فمن يذكر شيئاً مما وقع بينهم ليستخرج حكماً شرعياً ليس كمن يذكره ليستدل به على عيب من وقع له ذلك وصولاً إلى إسقاط ولايته وإغواء العوام على سبهم وثلبهم متوسلين إلى ذلك بما وجدوه من روايات مكذوبة أو مبالغ فيها.

فليس من مصلحتنا أن نبحث عن الهفوات والعورات في تأريخنا فنكون كالتي نكثت غزلها بعد أن أحكمته. بل إن مصلحتنا تقضي (أن نحاول استقصاء الحكم والعبر لا أن ننصب أنفسنا قضاة وسلاطين ونجرح هذا ونقدح هذا ولسنا خيراً منهم ولا مثلهم كما لسنا مسئولين عما كانوا يفعلون) ().

قال الله تعالى: ? تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ? () فالله حسبهم ومولاهم وهو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين.

الآثار الناجمة عن اختلاف الصحابة ?:

لقد كان للاختلافات التي وقعت بين الصحابة ? نتائج وآثار لمستها الأجيال اللاحقة ويمكن القول: إن الآثار الناجمة من الاختلافات الفقهية كانت آثاراً ايجابية جلبت الخير للمسلمين, وأما الآثار التي نجمت عن الخلافات السياسية فهي وإن لم تخل من جوانب ايجابية إلا أنها شكلت نواة وأساساً لانقسامات شهدتها الأمة الإسلامية ولا زالت. ويمكن إجمال هذه النتائج بما يلي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير