ويرى بعض الباحثين أن لليهود نصيباً وافراً في نشر المبادئ الغالية في صفوف المسلمين وخاصة أهل التشيع, فادعوا أن عبدالله بن سبأ كان من اليهود ثم أسلم وأصبح من دعاة التشيع وأنه أشاع القول في زمانه: (إن الإمامة ليست من المصالح العامة التي تفوض إلى نظر الأمة, ويتعين القائم بتعيينها, بل هي ركن الدين وقاعدة الإسلام, ولا يجوز لنبي إغفالها ولا تفويضها إلى الأمة بل يجب عليه تعيين الإمام لهم. ويكون معصوماً من الكبائر والصغائر, وأن علياً ? هو الذي عينه صلوات الله وسلامه عليه) ().
غير إن كثيراً من علماء الإمامية سيما المعاصرين منهم يرون أن هذا محض ادعاء لا تؤيده البراهين. فقد ذهب مرتضى العسكري إلى أن ابن سبأ ما هو إلا أسطورة ابتدعها سيف بن عمر (). وأنه لم يكن له وجود في الحقيقة وإنما اختلق من أجل تشويه أصالة المذهب الإمامي ().
ويمكن القول أن مما أدى إلى تطور التشيع كذلك هو أن الذين دخلوا في الإسلام من أصحاب الديانات السابقة حتى وإن كانوا مخلصين في إسلامهم لم يستطيعوا أن يتجردوا من معتقداتهم القديمة تماما, فنقلوا كثيراً من المفاهيم التي كانت سائدة لديهم إلى الإسلام, وبمرور الزمن اكتسبت تلك المفاهيم قداسة في نظر معتنقيها وأصبحت في نظرهم جزءاً لا يتجزأ من الإسلام , مثل نظرية الحق الآلهي التي كانت سائدة عند الفرس.
قال الأستاذ أحمد أمين: (ومما كان يتصل بعقائد الفرس وكان له أثر في بعض المسلمين, أنهم كانوا ينظرون إلى ملوكهم كأنهم كائنات آلهية, اصطفاهم الله للحكم بين الناس وخصهم بالسيادة وأيدهم بروح من عنده لفهم ظل الله في أرضه أقامهم على مصالح عباده وليس للناس قبلهم حقوق, وللملوك على الناس السمع والطاعة) ().
وقال بروكلمان (): (إن التشيع الذي بدأ أول ما بدأ حزباً سلالياً خالصاً انضوى تحت لوائه أكثر الذين دخلوا الإسلام بقصد المناضلة ضد السيادة العربية وكان في كثير من الأحيان يستخدمه الانتهازيون الذين لا ذمة فيهم ولا ذمام لتحقيق أهدافهم الأنانية الصرفة المناهضة للحومة) ().
أهم فرق الشيعة
اختلف العلماء في تصنيف فرق الشيعة إلى مذاهب شتى, فقد ذكر الشهرستاني () أن الشيعة خمس فرق: الكيسانية والزيدية والإمامية والغلاة والإسماعيلية وتحت كل فرقة فرق عديدة يصل مجموعها زهاء الثمانين فرقة.
في حين عدهم أبو الحسن الأشعري () ثلاثة أصناف وهم: الغالية والرافضة والزيدية, بينما صنفهم محمود شكري الآلوسي () في مختصر التحفة إلى أربعة فرق وهم: الشيعة الأولى أو الشيعة المخلصون والشيعة التفضيلية والشيعة السبئية والشيعة الغلاة.
ويبدو لي أن هذه التقسيمات فيها كثير من المطاطية وعدم الانضباط لأنها لم تعتمد على أسس ثابتة, حيث أصبح أسم الشيعة فضفاضاً يدخل فيه الأتقياء من الصحابة? والتابعين فيسمون شيعة, ويدخل فيه المارقون عن الإسلام ويسمون شيعة أيضاً , وفي هذا حيف كبير للحقيقة وطلابها. لذا أرى أن يخرج من صفوف الشيعة الصحابة? الذين رأوا أن علياً أحق بالخلافة من غيره, لأنهم حينما رأوا رأيهم هذا لم يخطر بالهم شي مما أصبح فيا بعد من ضرورات التشيع.
وبهذا يمكن تقسيم الشيعة إلى ثلاث فرق رئيسة:-
الفرقة الأولى: الشيعة التفضيلية: وهم الذين يفضلون علياً ?على سائر إخوانه من الصحابة الكرام ? من دون أن ينتقصوا أحداً منهم كالزيدية ومن سار سيرتهم.
الفرقة الثانية: الشيعة التبرئية, وهم الذين يتولون علياً وبنيه من غير تأليه لهم ويتبرءون ممن سواهم وتمثلهم الإمامية الاثنا عشرية ومن وافقها.
الفرقة الثالثة: الشيعة الغلاة, وهم الذين ارتفعوا بالأئمة إلى مرتبة الألوهية وهم الاسماعيليون ومن سار على منوالهم من فرق الباطنية.
وتجتمع فرق الشيعة على نقاط معينة لا يحولون عنها يمكن إجمالها فيما يلي ():
أولاً: القول بوجوب التعيين والتنصيص في الإمامة.
ثانياً: القول بعصمة الأنبياء والأئمة وجوباً عن الصغائر والكبائر ويخالفهم في هذا الزيدية.
ثالثاً: القول بالتولي والتبري قولاً وفعلاً وعقداً إلا في حال التقية وتخالفهم الزيدية في هذه الفقرة أيضاً.
وهذه النقاط التي ذكرناها تمثل الأصول المذهبية لدى الشيعة, فكل من لا يقول بإحدى هذه العقائد خارج من دائرة التشيع.
¥