تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

التأويل لغ مشتق من الأول بمعنى الرجوع () , واصطلاحاً: هو إخراج دلالة اللفظ من الدلالة الحقيقة إلى الدلالة المجازية من دون أن يخل ذلك من عادة لسان العرب من تسمية الشيء بشبيهه أو سببه, أو مقارنه () والتأويل على صنفين مجازي وباطني, فالتأويل المجازي هو ما كان جارياً على شرطه وهو الأقرب إلى الصواب, كما صرح بذلك العز بن عبدالسلام بذلك () , والتأويل الباطني: هو إخراج اللفظ من دلالته الظاهرية إلى معانٍ باطلةٍ لا يقرها عرف لغوي ولا تستقيم مع قواعد اللغة العربية التي أنزل بها القرآن الكريم ().

وهذا النوع من التأويل هو الذي توسعت به الإسماعيلية حتى وصل بهم الحال إلى التحلل الكامل من جميع الأوامر والنواهي التي جاء بها القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.

يقول الإمام الغزالي: (وإنما الذي يصح من معتقدهم فيه أنهم يقولون لابد من الانقياد للشرع في تكاليفه على التفصيل الذي يفصله الإمام من غير متابعة للشافعي وأبي حنيفة وغيرهما. وأن ذلك واجب على الخلق والمستجيبين إلى أن ينالوا رتبة الكمال في العلوم فإذا أحاطوا من جهة الإمام بحقائق الأمور وأطلعوا على بواطن هذه الظواهر انحلت عنهم هذه القيود وانحطت عنهم هذه التكاليف العملية, فإن المقصود من أعمال الجوارح تنبيه القلب لينهض بطلب العلم فإذا ناله استعد للسعادة القصوى فيسقط عنه تكليف الجوارح وإنما تكليف الجوارح في حق من يجري جهله مجرى الحمر التي لا يمكن رياضتها إلا بالأعمال الشاقة وأما الأذكياء والمدركون للحقائق فدرجتهم أرفع من ذلك) () بل إن الإسماعيلية توغلت في التأويل إلى هوة سحيقة وهو ما يعرف بتأويل التأويل, وهذا النوع يعتبر من أعقد درجات التأويل .. فقد مهدت لذلك بجملة فرضيات من أجل قبول درجة تأويل التأويل هذه.

يقول الإمام الغزالي بهذا لخصوص: (قالوا: كلما وردت ظواهر في التكاليف والحشر والنشر والأمور الإلهية فكلها أمثلة ورموز إلى بواطن! أما الشرعيات فمعنى الجنابة مبادرة المستجيب بإفشاء سر إليه قبل أن ينال مرتبة استحقاقه, ومعنى الغسل: تجديد العهد على صدقة النجوى .. والصيام هو الإمساك عن كشف السر, والكعبة هي النبي, والباب هو علي والصفا هو النبي والمروة هو علي والميقات هو الأساس والتلبية هي إجابة الداعي والطواف بالبيت سبعاً هو الطواف بمحمد إلى تمام الأئمة السبعة, والصلوات الخمس أدلة على الأصول الأربعة والإمام ...

(وكذلك زعموا أن المحرمات عبارة عن ذوى السر عن الرجال وقد تعبدنا بإحسانهم كما إن العبادات عبارة عن الأخيار والأشرار, فأما المعاد فزعم بعضهم أن النار عبارة عن الانحلال والأوامر التي هي التكاليف فتنها موظفة على الجهال بعلم الباطن فإذا نالوا علة الباطن وضعت عنهم أغلال التكاليف وسعدوا بالخلاص منها) ().

ونقل لنا جولدزيهر () تصوراتهم في آيات القرآن فقال: (إن آيات الكتاب سهلة يسيرة ولكنها على سهولتها تخفي وراء ظاهرها- أي حسب تصورات الإسماعيلية- معنى خفياً مستتراً ويتصل بهذا المعنى الخفي معنى ثالث يحير ذوي الأفهام الثابتة ويعييها, والمعنى الرابع ما من أحد يحيط به سوى الله واسع الكفاية من لا شبيه له وهكذا نصل إلى معان سبعة الواحد تلو الآخر ففي كل مرحلة أو درجة أعلى من سابقتها يصبح المعنى الباطني والرمزي المتعلق بالمرحلة السابقة أساساً للقيام بتأويلات أخرى أعظم دقة والتواءً إلى أن تبخر تبخراً تاماً موضوع التفسير الإسلامي الذي كان الأساس الأول منذ البداية) ().

وقد كان لتأويلاتهم الفاسدة هذه الأثر الكبير في ذوي النفوس الضعيفة الذين يرون في التكاليف الشرعية أعباءً تنوء بها كواهلهم فأخذ الناس يتهافتون على دعوتهم إشباعاً لشهواتهم الدنيئة. وقد ذكر ابن مالك رحمه الله في كشف أسرار الباطنية الكثير من ضلالاتهم التي لسبوها على العوام باسم التأويل واليك جانيا منها:-

قال ابن مالك:-

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير