تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن ... فقمت فتتبعت القرآن, أجمعه من الرقاع والأكتاف والعسب وصدور الرجال) (). فقام زيد بهذه المهمة خير قيام بما أوتي من عزيمة وصبر وبما لقي من عون من صحابة رسول الله ?.

فإذا كان الصحابة ? مطعوناً فيهم كما يروي البعض فكيف نطمئن إلى أن ما نقرأه من القرآن هو عين ما نزل على محمد ?, إن المرء لا يستطيع إلا أن يشك في خبر من هو مطعون فيه, إن لم يردّه جملة وتفصيلاً.

والقران الكريم نفسه يحثنا على هذا المنهج القويم فيقول: ? يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ? ().

فيجب التأكد من خبر الفاسق, وكيف التأكد من خبر جميع رواته مطعون فيهم إلا قليلاً منهم, وليس لنا طريق لنقله سواهم, وعلى هذا يجب رد خبرهم جملة وتفصيلاً وإهمال ما جاء به من حكم وأحكام مهما كان شأنها في الدين وموقعها من الشريعة.

قد يقول قائل اننا لا نطعن في جميع الصحابة ? , وإنما نطعن في بعضهم, فلا يلزم من كلامنا الطعن في صحة نقل القرآن. أقول: هذا كلام باطل, لأن القرآن نقل عن الصحابة ? بمجموعهم لا عن أشخاص معينين منهم, فقد يكون من وقع عليه الطعن وافر الحظ في عملية جمع القرآن وتدوينه, أو ممن كان يكتب الوحي بين يدي رسول الله ?.

ثانياً: الطعن في السنة المطهرة

إذن فالقران منقول عن عموم الصحابة ? بغض النظر عن كونهم معدلين من قبلكم ايها الطاعنون أ غير معدلين, وفي هذه الحالة يكون القرآن الكريم مشكوكاً فيه, فيحتمل أن يكون صحيحاً ويحتمل أن يكون غير ذلك , وهذا الشك ليس بأهون من القطع في عدم صحته.

يقول الشيخ محمد أبو زهرة: (ومن أنكر الاحتجاج بالسنة فلا يمكن أن يكون من المسلمين, لأن السنة تبليغ النبي ? وهي المفسرة للقرآن الكريم وهي بابه النوراني الذي ندخل منه, من فصلها عن القرآن فقد فصل القرآن عن نبيه) ().

وقد أمرنا تعالى بالعمل بها فقال: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ? () وقال سبحانه: ? وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا? () وقال أيضاً: ? مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً? ().

ويقول الدكتور خليل إبراهيم السامرائي: (والسنة مع القرآن على جهتين: الأولى: بيان وتفسير ما جاء في القرآن, ففي القرآن آيات مجملة, أو مطلقة أو عامة فالسنة هي التي بينت المراد منها بتفصيل المجمل, وتقييد المطلق, وتخصيص العام ... والثانية: إضافة أحكام جديدة لم يرد بها نص من القرآن, فقد حرمت السنة لبس الحرير والذهب على الرجال, وحرمت لحم الحمار الأهلية وكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطيور) ().

فإذا كان للسنة هذه المنزلة فكيف يسوغ لنا أن نطعن في نقلها ونحن نعلن أن الطعن فيهم (أي الصحابة) لا يبقى معه ذكر للسنة المشرفة, فهم وحدهم الذين تلقوها عن رسول الله ? وهم وحدهم الشهود عليها, فإذا رفضناهم فإلى مَن نيمم وجوهنا؟! وعلى من نعتمد في معرفة هدي نبينا ?؟

وفي أمثال هؤلاء يقول الشيخ محمد أبو زهرة: (إن هؤلاء الذين يسمحون لأنفسهم بالنيل من صحابة رسول الله ? إنما يريدون أن يهدموا السنة ويكذبوا على الأمة) ().

وينقل ابن حجر عن الخطيب البغدادي قول أبي زرعة: (إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب النبي ? فأعلم أنه زنديق وذلك أن الرسول ? حق والقرآن حق وما جاء به حق وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة وهؤلاء الزنادقة يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة) ().

وحينما سأل هارون الرشيد أحد الزنادقة قبل أن يضرب عنقه: لماذا كان الصحابة ? أول ما تتجهون إلى تشويه صورتهم؟ أجابه قائلاً: لأننا إذا تمكنا من الطعن فيهم نكون قد أبطلنا نقلة الشريعة, فإذا بطل الناقل أوشك المنقول أن يبطل ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير