تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبوحاتم]ــــــــ[10 - 11 - 03, 03:40 ص]ـ

العدد: (58)

انتهاء سريان الرخصة:

تنتهي رخصة الفطر بانقطاع صفة السفر عن المسافر, وذلك بدخوله إلى المكان الذي يجمع الإقامة به مدة تقطع حكم السفر كما بيناها سابقا, إذ كان دخوله إلى هذا المكان قبل طلوع الفجر، فإذا تحقق هذان الشرطان - وهما: نية الإقامة والدخول قبل الفجر - وجب عليه إنشاء نية الصوم لليوم الذي يشهد طلوع فجره مقيما وهذا باتفاق أهل العلم, لأنه شهد بعضاً من الشهر صحيحاً مقيماً وقد قال تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}،

فإن علم أنه سيدخل إلى محل الإقامة بعد الفجر فلا يجب عليه أن يبيت نية الصوم بل له أن يدخل إلى دار الإقامة بنية الفطر، وهذا أيضاً باتفاق أهل العلم،.

لكن الخلاف بين العلماء فيمن وصل بالفعل إلى دار الإقامة قبل الزوال وكان على نية الفطر, فالمالكية والشافعية, يجيزون له الاستمرار على الفطر بدون كراهة عند المالكية وعلى الأصح عند الشافعية،

ووجه هذا القول: أنه كان وقت إنشاء النية - وهو طلوع الفجر - مسافراً، وقد عمل بالرخصة التي تبيح له الفطر, وما دام قد انتهى وقت إنشاء النية, فمن حقه أن يستمر على فطره، وله أن يفعل كل ما يفعله المفطر من أكل وجماع وغير ذلك، إلا أن الشافعية استحبوا له ألا يظهر الفطر عند من يجهل عذره حتى لا يهتم ويعاقب …

ورواية مرجوحة عند أحمد؟ يمنع مثل هذا الشخص من الجماع أثناء فطره هذا،.

أما الحنفية؟ فقد أوجبوا على من وصل إلى دار إقامته قبل الزوال: أن يمسك بقية يومه؟

ووجهتهم على هذا القول؟ أن هذا الشخص قد انقطعت عنه الرخصة بوصوله إلى دار إقامته في وقت يصح فيه إنشاء نية الصوم وهو ما قبل الزوال، لذلك وجب عليه إنشاء نية الصوم [1].

مبنى كل من الرأيين:

اعتبار علماء الحنفية أن وقت إنشاء نية الصوم لا ينتهي بطلوع الفجر بل يستمر إلى ما قبل الزوال؟ إنما يرجع لحديث عائشة رضي الله عنها " دخل النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال هل عندكم شيء فقلت: لا، قال: فإني صائم، ثم أتانا يوماً آخر، فقلت يا رسول الله أهدى لنا حيس، فقال: "أرينه فلقد أصبحت صائما" فأكل " [2].

لكن الفرق شاسع بين إنشاء النية في صوم واجب كرمضان وبين إنشائها في صوم التطوع، فإن النية في صيام رمضان يجب أن تكون من طلوع الفجر وتستمر إلى غروب الشمس قال تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} (البقر: الآية 187)، فأوجب تعالى الإمساك للصوم من طلوع الفجر،

وبما أن صيام رمضان واجب فإن الإمساك من طلوع الفجر فيه واجب،.

وهذا بخلاف صوم التطوع؟ فإنه مبني على المسامحة، فقد سئل مجاهد عن المعنى المراد من حديث عائشة رضي الله عنها فقال: ذاك بمنزلة الرجل يخرج الصدقة من ماله فإن شاء أمضاها وإن شاء أمسكها رواه مسلم في صحيحه، وقد جاء هذا القول مرفوعاً متصلا بحديث عائشة المتقدم عند النسائي عن طريق مجاهد أيضاً [3] ..

أما القول بأن النية في صيام رمضان لا بد أن تكون من طلوع الفجر فهو يتمشى مع صريح القران الكريم {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} - ومع ما جاء في الحديث الشريف من رواية حفصة رضي الله عنها " من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له " [4] قال صاحب التحفة: وقد صححه ابن خزيمة وابن حبان وقال الحاكم في الأربعين: صحيح على شرط الشيخين، وقال في المستدرك: صحيح على شرط البخاري، وقال الدار قطني: رواته كلهم ثقات، وصحح البخاري والنسائي وقفه على ابن عمر. [5]

لكن ما قاله صاحب التحفة عن موقف النسائي من هذا الحديث؟ يحتاج إلى وقفة: فقد أورد النسائي أربع روايات متصلة مرفوعة عن ابن عمر عن حفصة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أورد له ست روايات عن ابن عمر عن حفصة، ثم رواية عن حفصة وعائشة برواية ابن شهاب عنهما ثم أورد له روايتين عن ابن عمر [6] فلا أدري لماذا اختار أن يعبر عن موقف النسائي من الحديث: بأنه اختار صحة الوقف على ابن عمر مع كل هذه الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن حفصة؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير