حَاشِيَتِهِ عَلَيْهِ إِلَى بَعْضِ مَزَايَاهُ, وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: "فَتَأَمَّلْتُهُ فَوَجَدْتُهُ سَهْلَ اَلْعِبَارَةِ, وَاضِحَ اَلْمَعَانِي, وَهُوَ عَلَى صِغَرِ حَجْمِهِ إِذَا تَأَمَّلَهُ اَلذَّكِيُّ لَا يَحْتَاجُ فِي فَهْمِهِ إِلَى مَوْقِفٍ, وَيَنْتَفِعُ بِهِ اَلصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ, وَهُوَ مِنْ اَلْمُتُونِ اَلْمُتَعَدِّدَةِ فِي اَلْمَذْهَبِ ".
وَنَظَرًا لِقِيمَة اَلْكِتَابِ اَلْعِلْمِيَّةِ عُنِيَ بِهِ اَلْفُقَهَاءُ اَلْحَنَابِلَةُ وَتَنَاوَلُوهُ بِالتَّدْرِيسِ وَالشَّرْحِ وَالتَّعْلِيقِ, فَمِنْ أَشْهَرِ ذَلِكَ: اَلشَّرْحُ اَلنَّفِيسُ اَلْمُسَمَّى بْـ "كَشَفِ اَلْمُخَدِّرَاتِ وَالرِّيَاضَ اَلْمُزَهَّرَات شَرْحِ أَخْصَرِ اَلْمُخْتَصَرَات " لِمُؤَلِّفِهِ اَلْفَقِيهِ اَلنِّحْرِيرِ اَلْعَلَّامَة اَلشَّيْخِ.
وَكَانَ شَيْخُنَا اَلْعَلَّامَة فَقِيهُ عَصْرِهِ اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ حُمَيْدٍ رَئِيسُ مَجْلِسِ اَلْقَضَاءِ اَلْأَعْلَى ـ رَحِمَهُ اَللَّهُ ـ يُثْنِي كَثِيرًا عَلَى هَذَا اَلشَّرْحِ; لِمَا اِحْتَوَاهُ مِنْ تَحْرِيرَات دَقِيقَةٍ, وَفَوَائِدَ جَمَّةٍ نَفِيسَةٍ عَلَى اِخْتِصَارِهِ.
وَقَدْ سَمَتْ هِمَّةُ اَلْأَخِ اَلْفَاضِلِ, وَالْأَدِيبِ اَلْأَرِيبِ فَضِيلَةِ اَلشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ نَاصِرٍ اَلْعَجَمِيِّ إِلَى إِعَادَةِ طَبْعٍ, وَتَحْقِيقِ كِتَابِ "أَخْصَرِ اَلْمُخْتَصَرَات" مَعَ حَاشِيَتِهِ اَلنَّفِيسَةِ لِلْعَلَّامَة اِبْنِ بَدْرَانَ, وَقَدْ عَلَّقَ عَلَى هَذِهِ اَلْحَاشِيَةِ بِتَعْلِيقَاتٍ وَجِيزَةٍ مُفِيدَةٍ, وَثَّقَ فِيهَا اَلنُّقُولَ, وَعَزَا اَلْأَحَادِيثَ إِلَى أُصُولِهَا, كَمَا تَرْجَمَ فِي اَلْمُقَدِّمَةِ بِتَرْجَمَةٍ حَافِلَةٍ لِلْعَلَّامَة اِبْنِ بَدْرَانَ.
فَجَزَاهُ اَللَّهُ عَلَى هَذَا اَلْعَمَلِ اَلْحَسَنِ خَيْرَ اَلْجَزَاءِ, وَبَارَكَ فِي جُهُودِهِ فِي نَشْرِ كُتُبِ اَلتُّرَاثِ اَلنَّافِعَةِ, فَإِنَّ لَهُ جُهُودًا كَثِيرَةً فِي هَذَا اَلْمَجَالِ تُذْكَرُ فَتُشْكَرُ. وَصَلَّى اَللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحِبَهُ.
وَكَتَبَهُ
اَلرَّئِيسُ اَلْعَامُّ لِشُئُونِ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ اَلنَّبَوِيِّ
وَإِمَامُ وَخَطِيبُ اَلْمَسْجِدِ اَلْحَرَامِ
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اَللَّهِ بْنُ سَبِيلٍ
كَلِمَةُ اَلْعَلَّامَة اَلْأُصُولِيِّ
اَلشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ اَلْأَشْقَرِ
بِسْمِ اَللَّهِ اَلرَّحْمَنِ اَلرَّحِيمِ
كَانَ مِنْ عَادَةٍ فُقَهَائِنَا مُلَاحَظَةُ قُدُرَاتِ اَلطَّلَبَةِ عَلَى اَلتَّحْصِيلِ, وَمِنْ هُنَا اِتَّبَعُوا سَنَةً جَمِيلَةً, فَقَدْ قَدَّمُوا مِنَ اَلْمَعْلُومَاتِ اَلْفِقْهِيَّةِ إِلَى اَلْأُمَّةِ بِأَنْوَاعٍ مُخْتَلِفَةٍ مِنْ اَلْعَرْضِ, لِكَيْ تُتَاحَ اَلْفُرْصَةُ لِأَكْبَرِ قَدْرٍ مِنَ اَلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَلَقَّوْا عِلْمَ أَحْكَامِ اَلشَّرْعِ حَسْبَ مَقْدِرَةِ كُلٍّ مِنْهُمْ, وَمَا أُتِيحُ لَهُ مِنْ اَلْوَقْتِ وَالْفِطْنَةِ.
وَمِنْ هُنَا نَجِدُ فِي كُلِّ مَذْهَبٍ مِنَ اَلْمَذَاهِبِ اَلْمُعْتَبَرَةِ: اَلْكُتُبَ اَلْمُطَوَّلَةَ, وَالْمُتَوَسِّطَةَ, وَالْمُخْتَصَرَةَ, وَنَجِدُ اَلْكُتُبَ اَلْمُسْتَوْعِبَةَ لِلِاسْتِدْلَالِ, وَالْمُقْتَصِدَةَ فِيهِ وَالْخَالِيَةَ مِنْهُ. وَمِنْ جُمْلَةِ فَوَائِدِ اَلْمُخْتَصَرَاتِ: أَنْ يُحِيطَ اَلطَّالِبُ بِمَجْمُوعِ الْمَوْضُوعَاتِ اَلرَّئِيسِيَّةِ لِلْفِقْهِ, فَتَتَرَكَّزُ فِي ذَاكِرَتِهِ وَفَهْمِهِ مُنْذُ اَلصِّغَرِ, ثُمَّ لَا يَزَالُ يَتَوَسَّعُ فِي اَلْبِنَاءِ عَلَى اَلْأُسُسِ اَلَّتِي اِسْتَقَرَّتْ لَدَيْهِ كُلَّمَا عَلَا سِنُّهُ, وَتَوَسَّعَتْ مَدَارِكُهُ, وَنَمَتْ مَقْدِرَتُهُ عَلَى اَلِاسْتِيعَابِ.
¥