تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عَلَى أَنَّ اِخْتِصَاصَ وَاحِدٍ بِمَنْصِبِ اَلْإِفْتَاءِ, لَا يَقْبَلُ اَلْحَاكِمُ اَلْفَتْوَى إِلَّا مِنْهُ - 35 لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا فِي اَلْقُرُونِ اَلْأُولَى, وَإِنَّمَا كَانَ اَلْإِفْتَاءُ مَوْكُولاً إِلَى اَلْعُلَمَاءِ اَلْأَعْلَامِ, وَاسْتَمَرَّ ذَلِكَ إِلَى أَنْ دَخَلَ اَلسُّلْطَانُ سَلِيمُ اَلْعُثْمَانِيُّ دِمَشْقَ سَنَةَ اِثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ وَتِسْعِ مِائَةٍ مِنَ اَلْهِجْرَةِ وَامْتَلَكَهَا, فَرَأَى كَثْرَةَ اَلْمُشَاغَبَاتِ بَيْنَ اَلْمُبْدِعِينَ لِلْعِلْمِ, خَصَّصَ إِفْتَاءَ كُلِّ مَذْهَبِ بِرَجُلٍ مِنْ عُلَمَائِهِ اَلْأَفَاضِلِ قَطْعًا لِلْمُشَاغَبَاتِ, ثُمَّ طَالَ اَلزَّمَنُ فَتَوَلَّى هَذَا اَلْمَنْصِبَ اَلْجَلِيلَ كَثِيرٌ مِمَّنْ لَا يَدْرِي مَا هِيَ اَلْأُصُولُ وَمَا هِيَ اَلْفُرُوعُ, فَوُسِّدَ اَلْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ, وَأُعْطِيَ اَلْقَوْسُ غَيْرَ بَارِيهَا " ()

وَقَالَ فِي هَذَا اَلصِّنْفِ أَيْضًا: ". . . لَا سِيَّمَا فِي زَمَانَنَا هَذَا اَلَّذِي صَارَ فِيهِ اَلْعِلْمُ جَدَاوِلَ بِلَا مَاءٍ وَخِلَافًا بِلَا ثَمَرٍ, وَعَمَائِمَ كَالْأَبْرَاجِ, وَأَكْمَامٍ كَالْأَخْرَاجِ, وَالْعَلَمُ عِنْدَ اَللَّهِ تَعَالَى " ()

وَأَمَّا حَسَدُهُمْ لَهُ فَقَدْ ذَكَرَهُ اِبْنُ بَدْرَانَ غَيْرَ مَرَّةٍ, فَمِنْهُ قَوْلُهُ -حِينَمَا أَلْفَ "شَرْحَ اَلرَّوْضَةِ"-: "ثُمَّ إِنِّي مَارَسْتُ هَذَا اَلْكِتَابَ مُنْفَرِدًا عَنْ كَثْرَةِ اَلْمَوَادِّ, وَالْخِلِّ اَلصَّادِقِ اَلْمَوَّادِّ, مَعَ تَرَادُفِ بَلَايَا وَمِحَنٍ, وَحَسَدٍ حَتَّى عَلَى اَلْوُجُودِ فِي هَذَا اَلْكَوْنِ, وَانْدِرَاسِ اَلْعِلْمِ وَقَبَضِ اَلْعُلَمَاءِ " ()

هَذَا حَالُ اِبْنِ بَدْرَانَ مَعَ أَهْلِ بَلَدِهِ وَزَمَانِهِ, وَمَا ذَاكَ إِلَّا مِنْ غُرْبَةِ اَلْحَقِّ بَيْنَهُمْ, فَاَللَّهُ اَلْمُسْتَعَانُ.

صِفَاتُهُ وَثَنَاءُ اَلْعُلَمَاءِ عَلَيْهِ

أَثْنَى عَلَى اِبْنِ بَدْرَانَ كُلُّ عَالِمٍ مُنْصِفٍ عَرَفَ قَدْرَهُ وَفَضْلَهُ, قَالَ اَلْعَلَّامَة خَيْرُ اَلدِّينِ اَلزِّرِكْلِيّ: "فَقِيهٌ أُصُولِيٌّ حَنْبَلِيٌّ, عَارِفٌ بِالْأَدَبِ وَالتَّارِيخِ. . . حَسَنَ اَلْمُحَاضَرَةِ, كَارِهًا لِلْمَظَاهِرِ, قَانِعًا بِالْكَفَافِ, لَا يُعْنَى بِمَلْبَسٍ أَوْ بِمَأْكَلٍ, يَصْبُغُ لِحْيَتَهُ بِالْحِنَّاءِ, وَرُبَّمَا ظَهَرَ أَثَرُ اَلصَّبْغِ عَلَى أَطْرَافِ عِمَامَتِهِ. ضَعُفَ بَصَرُهُ قَبْلَ اَلْكُهُولَةِ, وَفُلِجَ فِي أَعْوَامِهِ اَلْأَخِيرَةِ. وَلِيَ إِفْتَاءَ اَلْحَنَابِلَةِ " ().

وَقَالَ اَلْأُسْتَاذُ أَدْهَمُ الْجِنْدِيُّ: "وَبَرَعَ - أَيْ اِبْنُ بَدْرَانَ - فِي سَائِرِ اَلْعُلُومِ اَلْعَقْلِيَّةِ وَالْأَدَبِيَّةِ وَالرِّيَاضِيَّةِ, وَتَبَحَّرَ فِي اَلْفِقْهِ وَالنَّحْوِ, فَكَانَ -رَحِمَهُ اَللَّهُ- عَلَمًا مِنْ اَلْأَعْلَامِ ".

وَقَالَ أَيْضًا: "كَانَ شَيْخًا جَلِيلاً زَاهِدًا فِي حُطَامِ اَلدُّنْيَا, مُتَقَشِّفًا فِي مَلْبَسِهِ وَمَسْكَنِهِ وَمَعِيشَتِهِ. . . كَانَ -رَحِمَهُ اَللَّهُ- ذُا قُرْعَةٍ طَوِيلَةٍ اِمْتَدَّتْ إِلَى أَسْفَلِ رَقَبَتِهِ, أَعْمَشَ اَلْعَيْنَيْنِ, شَبِيهَ اَلْحُورَانِيّ وَابْنِ اَلْحَافِظِ فِي اَلْخِلْقَةِ, يَمْتَازُ بِمَنَاقِبِهِ اَلْحَمِيدَةِ" ()

وَقَالَ اَلْعَلَّامَة اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَللَّهِ بْنُ خَلَفٍ بْنُ دِحْيَان اَلْحَنْبَلِيّ - رَحِمَهُ اَللَّهُ تَعَالَى-: "اَلْعَلَّامَة اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَلْقَادِرِ بْنُ أَحْمَدَ بَدْرَانَ, مُدَرِّسُ اَلْجَامِعِ اَلْأُمَوِيِّ, وَشَيْخُ اَلْحَنَابِلَةِ فِي اَلْبِلَادِ اَلثَّوْرِيَّةِ, وَمُحَدِّثُ اَلشَّامِ, وَأَحَدُ أَعْضَاءِ اَلرِّئَاسَةِ اَلْعِلْمِيَّةِ بِدِمَشْقَ".

وَقَالَ أَيْضًا: "اَلْعَلَّامَة اَلْمُحَقَّقُ اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَلْقَادِرِ بْنُ أَحْمَدَ بَدْرَانَ, خَاتِمَةُ اَلْمُحَقِّقِينَ فِي اَلشَّامِ. . . " ()

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير