كَمَا أَنَّ اَلْمَلِكَ عَبْدِ اَلْعَزِيزِ بْنِ سُعُودٍ كَانَ يَثِقُ بِهِ, وَيَعْتَمِدُ عَلَيْهِ فِي مُحَارَبَةِ اَلْبِدَعِ, وَكَانَ مُفْتِي اَلدِّيَارِ اَلْحِجَازِيَّةِ فِي سُورِيَةَ () وَقَدْ أَمَرَ اَلْمَلِكُ عَبْدُ اَلْعَزِيزِ بِطَبْعِ شَرْحِ اِبْنِ بَدْرَانَ لِلرَّوْضَةِ عَلَى نَفَقَتِهِ, وَذَلِكَ سَنَةِ 1342 هِـ.
عَلَاقَتُهُ بِعَالِمِ اَلْكُوَيْتِ
اِمْتَدَّتْ عَلَاقَةُ اَلْعَلَّامَة اِبْنِ بَدْرَانَ فِي اَلْجَزِيرَةِ, فَكَانَ لَهُ صِلَةٌ وَثِيقَةٌ بِالْعَالِمِ اَلْعَلَّامَة اَلشَّيْخِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ دِحْيَانَ, ذَاكَ اَلْعَالِمُ اَلْجَلِيلُ, فَكَانَتْ بَيْنَهُمَا مَوَدَّةٌ وَصِلَةٌ مَتِينَةٌ مِنْ مُرَاسَلَةٍ عِلْمِيَّةٍ وَمُذَاكَرَاتٍ فِقْهِيَّةٍ, حَتَّى وَصَلَ بِهَا اَلْحَالُ إِلَى أَنْ صَارَتْ فِي مُؤَلَّفٍ مُسْتَقِلٍّ أَلَّفَهُ اِبْنُ بَدْرَانَ جَوَابًا عَلَى أَسْئِلَةِ اِبْنِ دِحْيَانَ عَلَّامَة اَلْكُوَيْتِ () كَمَا أَنَّ بَيْنَهُمَا رَسَائِلَ وَدِيَةً مِمَّا حَدَا بِالْعَلَّامَة اِبْنِ بَدْرَانَ أَنْ يَقُولَ لِلشَّيْخِ عَبْدِ اَللَّهِ بْنِ دِحْيَانَ: "وَأَرْجُوكُمْ لَا تَقْطَعُوا اَلْمُرَاسَلَةَ بَيْنَنَا" () وَقَدْ وَقَفْتُ عَلَى أَكْثَرِ مِنْ رِسَالَةٍ لِابْنِ دِحْيَانَ إِلَى اِبْنِ أُخْتِهِ أَحْمَدَ اَلْخَمِيسِ يَذْكُرْ فِيهَا وُصُولَ رَسَائِلِ اِبْنِ بَدْرَانَ إِلَيْهِ وَسُرُورَهُ بِهَا. رَحِمَ اَللَّهُ اَلْجَمِيعِ.
شَكْوَاهُ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ وَقِيَامُهمْ عَلَيْهِ
اُبْتُلِيَ اِبْنُ بَدْرَانَ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ اِبْتِدَاءً مِنْ أَهْلِ بَلْدَتِهِ دُومَا, اَلَّتِي أَخْرَجَهُ أَهْلُهَا مِنْهَا بَعْدَ أَنْ عَادَ إِلَيْهَا مِنْ سَفَرِهِ إِلَى أُورُبَّا وَالْمَغْرِبِ, حَيْثُ قَالَ عَلَى لِسَانِ دِمَشْقَ فِي كِتَابِ "مُنَادَمَةِ اَلْأَطْلَالِ":
" ... ثُمَّ لَجَجْتُ فِي اَلْهَجْرِ قَافِلاً إِلَى دُومَاكَ, جُرْثُومَةِ اَلْهَمَجِيَّةِ, اَلْعَرِيقَةِ بِبُغْضِ اَلْحُكَمَاءِ وَالْعُلَمَاءِ () فَذُقْتُ بِهَا أَلَمَ اَلتَّعَدِّيَ وَالْحَسَدَ.
وَأَضْنَى حُمُرُهَا اَلْمُسْتَنْفِرَةُ مِنْكَ اَلْعَقْلَ وَالْجَسَدَ, وَتَأَلَّبَ أُولَئِكَ اَلْمُتَوَحِّشُونَ عَلَيْهِ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اَلْحِكْمَةِ اَلَّذِي أَطْلَعُهُ اَللَّهُ فِي فُؤَادِكَ بِبَغْيِهِمْ وَحَسَدِهِمْ, قَلَبُوا لَكَ ظَهْرَ اَلْمِجَنِّ, وَرَمَوْك بِالْإِفْكِ لِيَسُوقُوا لَكَ اَلْمِحَنَ. . " ().
وَمَنَ اَلْأَسْبَابِ اَلَّتِي أُخْرِجَ مِنْ أَجْلِهَا: مَا ذَكَرَهُ فَخْرِيُّ اَلْبَارُودِيُّ () فِي "مُذَكِّرَاتِهِ " () حَيْثُ قَالَ: ". . . اَلشَّيْخُ عَبْدُ اَلْقَادِرِ بَدْرَانَ, أَحَدُ عُلَمَاءِ قَصَبَةِ دُومَا, اَلْفُقَهَاءِ عَلَى اَلْمَذْهَبِ اَلْحَنْبَلِيِّ, وَهُوَ مِنَ اَلْعُلَمَاءِ اَلْمُجَدِّدِينَ. وَكَانَ لِسَانُهُ سَلِيطًا جَرِيئًا لَا يَهَابُ أَحَدًا, فَوَقَعَتْ مَرَّةً مُشَادَّةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَئِيسِ بَلَدِيَّةِ دُومَا صَالِحِ طَه, وَتَبَادَلاَ اَلْهِجَاءَ, وَعَلَى اَلْإِثْرِ اِسْتَصْدَرَ طَه مِنَ اَلْوَالِي أَمْرًا بِإِبْعَاد اَلشَّيْخِ بَدْرَانَ عَنْ دُومَا, فَانْتَقَلَ إِلَى دِمَشْقَ, وَحَلَّ ضَيْفًا عَلَيْنَا فِي بَيْتِنَا, مُدَّةَ سَنَتَيْنِ, حَتَّى اِنْتَهَتْ مُدَّةُ نَفْيِهِ. . . ".
كَمَا أَنَّ اِبْنَ بَدْرَانَ اِشْتَكَى مِنَ اَلْجَهَلَةِ اَلْمُتَعَالِمِينَ فِي زَمَانِهِ فَقَالَ: "وَمِمَّا اُبْتُدِعَ فِي زَمَانِنَا أَنَّهُمْ يَجْمَعُونَ أَهْلَ اَلْعَمَائِمِ, فَيَنْتَخِبُونَ مُفْتِيًا, وَيَحْصُرُونَ اَلْفَتْوَى فِيهِ, فَكَثِيرًا مَا يَنَالُ هَذَا اَلْمَنْصِبَ اَلْجَاهِلُ اَلْغَمْرُ اَلَّذِي لَوْ عُرِضَتْ عَلَيْهِ عِبَارَةُ بَعْضِ كُتُبِ اَلْفُرُوعِ مَا عَرَفَ لَهَا قَبِيلاً مِنْ دَبِيرٍ, فَنَسْأَلُ اَللَّهَ حُسْنَ اَلْعَافِيَةِ.
¥