ومثال ذلك: ما أخبرناه عبد الملك بن الحسين، قال: حدثنا محمد بن عبد الله، قال: حدثنا محمد بن يعقوب، قال: حدثنا بحر بن نصر، قال: حدثنا ابن وهب، قال أخبرني محمد بن عمرو، عن ابن جريج، عن سليمان بن موسى، قال: قال جابر بن عبد الله: إذا صمتَ فليصم سمعك وبصرك من المحارم، ولسانك من الكذب، ودع/9ب/ أذى الخادم، وليكن عليك وقارٌ وسكينةٌ، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء.
فهذا الحديث يتوهمه من ليس الحديث من صناعته أنه موقوفٌ على جابر فقط، وهو موقوفٌ ومرسل قبل التوقيف؛ لأن سليمان بن موسى الأشدق لم يسمع من جابر، ولم يره، بينهما عطاء بن أبي رباح. في نظائر لهذا كثيرة لا يعرفها إلا أهل التمييز من أصحاب الحديث.
قال أبو عمرو: ومحمد بن عمرو الذي روى عنه ابن وهبٍ ليس بابن علقمة المدني؛ لأنه لم يلقه ولا روى أيضًا عن ابن جريج، وهو رجلٌ آخر يعرف باليافِعي، شيخ من أهل مصر مشهور.
فصل
ومن الموقوفات أيضًا ما هي مسندة في الأصل إلا أن بعض الرواة يقصر بها فلا يسندها، ويوقفها على الصحابي، ويسندها غيره فتعد في جملة المسندة، ولا يعرف ذلك إلا من الفرسان من حفاظ الحديث.
ومثال ذلك: ما أخبرناه أحمد بن فراس، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد المقرئ، قال: حدثني جدي، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن منصور، عن ربعي بن حراش، عن أبي مسعود، قال: فيما حفظ من كلام النبوة؛ إذا لم تستحي فاصنع ما شئت.
فهذا الحديث قصر به ابن عيينة عن منصور، وتابعه روح بن القاسم عنه على ذلك، فأوقفاه، وأسنده الثوري وشعبة/10أ/ وغيرهما، عن منصور
فحدثنا سلمون بن داود بن سلمون القروي بها، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي ببغداد، قال: حدثنا موسى بن سهل، قال حدثنا روح بن عبادة، قال: حدثنا شعبة والثوري، قالا: حدثنا منصور، عن ربعي، قال: سمعت أبا مسعودٍ عقبة بن عمرو البدري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن مما أدركنا من كلام النبوة الأولى؛ إذا لم تستحي فاصنع ما شئت ".
وحدثنا حمزة بن علي البغدادي، قال: حدثنا عبد الله بن القاسم بن أبي خلاد، قال: حدثنا أبو خليفة، قال: حدثنا القعنبي، قال: حدثنا شعبة، عن منصور، عن ربعي، عن أبي مسعود البدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم: " إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى؛ إذا لم تستحي فاصنع ما شئت ".
وهذا مَثَلٌ لأعداد من الحديث ترد على نحو هذا.
باب ذكر بيان المقطوع من الآثار وتمثيله
قال عثمان بن سعيد: والمنقطع من الأسانيد هو غير المرسل، وهو ما يرد من قول التابعين، وذلك مثل الزهري، عن سعيد أنه قال ...
ومثل الزهري وهشام بن عروة، عن عروة أنه قال: ....
ومثل الأعمش ومنصور، عن إبراهيم أنه قال: .....
وعن الحسن أنه قال: .....
وشبه ذلك مما يقوله التابعي.
ومن المنقطع أيضًا نوعان خفيان قل ما يوجد في الحفاظ للسنن من تمييزهما
فالنوع الأول مثاله: ما حدثناه محمد بن عبد الله المالكي، قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم، قال: حدثنا سلم بن عبد العزيز، عن يونس، عن /10ب/ ابن وهب، قال وأخبرني مسلمة بن علي، عن عبد الرحمن بن زيد، قال: حدثني رجلٌ، عن النواس بن سمعان الكناني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من قلبٍ إلا وهو بين أصبعين من أصابع ربك، فإذا شاء أن يقيمه أقامه، وإذا شاء أن يزيغه أزاغه ".
وأنبأنا أبو محمد الصقلي، قال: حدثنا محمد بن عبد الله، قال: حدثنا عثمان بن السماك، قال: حدثنا أيوب بن سليمان، قال: حدثنا أبو روح عبد العزيز بن موسى اللاحوني قال: حدثنا هلال بن حق، عن الجريري، عن أبي العلاء – وهو ابن الشخير، عن رجلين من بني حنظلة، عن شداد بن أوس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُعلم أحدَنا أن يقول في الصلاة:" اللهم إني أسألك الثبات في الأمور كلها وعزيمة الرشد، وأسألك قلبًا سليمًا، ولسانًا صادقًا، وأسألك شكر نعمتك وحسن عبادتك وأستغفرك لما تعلم، وأعوذ بك من شر ما تعلم، وأسألك من خير ما تعلم ".
فهذا وشبهه منقطع لجهالة الرجل الذي بين عبد الرحمن وبين النواس، والرجلين اللذين بين أبي العلاء وشداد.
فصل
وقد يرد الحديث وفي إسناده رجلٌ غير مسمىً، وليس بمنقطع، وذلك إذا قصَّر بعض الرواة عن تسميته، وسماه غيره.
¥