ومثل: الأعمش ومنصور، عن إبراهيم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ...
وكذلك: يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة وعكرمة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ....
وكذلك: قول الحسن: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
وشبه ذلك من الأسانيد التي لا يُسمِّى فيها التابعيُ الصحابيَ الذي سمع النبيَ صلى الله عليه وسلم.
ومثال ذلك: ما حدثناه إبراهيم بن محمد، قال: حدثنا /7أ/أحمد بن محمد، قال: حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن شدة الحر من فيح جهنم، فإذا اشتد الحر فأبردوا عن الصلاة ... الحديث ".
قي نظائر لهذا كثيرة، يرسلها التابعون.
ومن ذلك أيضًا: ما حدثناه أحمد بن محمد بن بدر القاضي بالفسطاط، قال: حدثنا الحسين بن محمد بن داود – يعرف بمأمون - قال: حدثنا محمد بن هشام، قال: حدثنا الفضل بن العلاء، قال: حدثنا طلحة بن عمرو، عن عطاء، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه مضطجعًا ... الحديث.
فأرسله عطاء عن عمر؛ لأنه لم يدركه.
وكذلك سائر ما يرد من مثل هذا مما يعلم أن الناقل لم يلق المنقول عنه، ولا لحقه من طريقٍ بينة أو مشاهدته، وشبه ذلك من الوجوه التي يرتفع بها سماعه عنه.
فصل
ومن المرسل ضربٌ صعبٌ يتعذر معرفته إلا على من تبحر في الحديث، وكثر وعرف طرق النقل، وميزها؛ لكون ظاهر ذلك مسندًا.
ومثال ذلك: ما حدثناه خلف بن إبراهيم بن محمد المقرئ، قال: حدثنا عبد الواحد بن أحمد بن أبي الخطيب، قال: حدثنا الحسن بن عبد الأعلى الصنعاني، قال: حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن محمد بن واسع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة /7ب/ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أقال نادمًا أقاله الله نفسه يوم القيامة، ومن كشف عن مسلم كربة كشف الله عنه كربة من كرب الآخرة يوم القيامة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ".
هذا إسنادٌ من نظر إليه من غير أهل صناعة الحديث لم يشك في سنده باتصاله، وليس كذلك، بل هو مُرسلٌ في موضعين؛ لأن معمر بن راشد – على ثقته وإمامته – لم يسمع من محمد بن واسعٍ شيئًا، ومحمد بن واسع أيضًا – على جلالته وعدالته – لم يسمع من أبي صالحٍ شيئًا، فبين كل واحدٍ منهما فيه رجلٌ.
وهذا مثل ضربه الأعداد كبيرة ترد من الآثار، ولا يميزها إلا أهل الصنعة المخصوصون بمعرفة ذلك.
فصل
وأكثر من تروى عنه المراسيل
من أهل المدينة: سعيد بن المسيب
ومن أهل مكة: عطاء بن أبي رباح
ومن أهل الكوفة: إبراهيم بن يزيد النخعي
ومن أهل البصرة: الحسن بن أبي الحسن البصري
ومن أهل الشام: مكحول الدمشقي
ومن اهل مصر: سعيد بن أبي هلال
وقد ترد مراسيل كثيرة عن غير هؤلاء من التابعين
وأصح المراسيل مراسيل سعيد بن المسيب؛ لأنه من أولاد الصحابة، وأبوه من أصحاب الشجرة، وقد أدرك سعيدُ عمرَ وعثمان وعليًا وطلحة والزبير وسائر العشرة، وليس في التابعين من أدركهم وسمع منهم غير سعيد/8أ/ وقيس بن أبي حازم، ومع هذا فإنه فقيه أهل الحجاز ومفتيهم، وأول الفقهاء السبعة الذين يَعُدُّ مالكُ بن أنس إجماعهم إجماع كافة الناس، وهم: سعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وعروة بن الزبير، وخارجة بن زيد بن ثابت، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وسليمان بن يسار. وبعضهم يجعل سالم بن عبد الله مكان أبي سلمة.
وأيضًا فقد تأمل العلماء مراسيله فوجدوها بأسانيد صحيحة، وهذا الشرائط لا توجد في مراسيل غيره.
باب ذكر بيان الموقوف من الآثار وأنواعه
قال عثمان بن سعيد: وهذا باب منه جليّ لا يخفى على الطالبين، ومنه خفي لا يعرفه إلا أهل الصنعة
فأما الجلي من ذلك فما ورد من الآثار موقوفة على الصحابة لا يجاوزون بها
وذلك مثل أن يُروى الحديث مسندًا إلى الصحابي من غير إرسالٍ، فإذا بلغ الصحابي قال: إنه كان يقول كذا وكذا، وكان يفعل كذا وكذا، وكان يأمر بكذا وكذا ... وشبه ذلك من اللفظ
ومثل ذلك نحو: الزهري، عن سالم، عن أبيه موقوفًا
ونحو: مالك، عن أيوب وعبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر أنه قال ...
ونحو: زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر ... موقوفًا
وشبه ذلك ما هو موقوفٌ على الصحابة.
¥