تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأغذية التى قررها القرآن الكريم للفضيلة والرزيلة لاتحصى كثرة، إلا أن الهدف الذى وضعه نصب عين العامل، هدف واحد لاتعدد فيه وهو وجه الله سبحانه وتعالى محضاً خالصاً، وهذا تعبير روحى عن معنى آداء الواجب لذاته، وهو معنى نجده فى القرآن فى أكثر من ألف موضع. كلها تحث على الفضيلة لما لها من قيمة ذاتية بغض النظر عن كل آثارها" [40] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn40) ، وبهذا يتضح لنا أن قانون الأخلاق فى الإسلام ليس ضيق النظرة أو أحادى الجانب كما هو الشأن فى كثير من النظريات الأخلاقية،وإنما هو قانون يمتاز بهيبته فى النفوس وشموله وكماله الذى لا يرنو إليه أى كمال. حيث انضوى تحت جناحيه العناصر الفردية، والاجتماعية، والإنسانية ومن قبل ذلك الإلهية. فى تناسق رائع لامثيل له فى أى دين أو مذهب أخلاقى.< o:p>

v موقف قانون الأخلاق الإسلامى من العقل والضمير كمصدريين للإلزام:< o:p>

تعرضنا فيما سبق لبيان ماهية القانون الأخلاقى فى الإسلام، ومن الأهمية بمكان أن نبين موقفه من المقاييس الأخلاقية السابقة. ومن ثم نقول إن قانون الأخلاق الإسلامى لايقف على طول الخط موقف المعارض من المقاييس الأخلاقية السابقة، وإنما موقفه منها موقف الناقد، المنتقى، والموجه.ومن هذا المنطلق تصدرت نظرته إليها، و التى تتبلور فى قبوله لها، ولأحكامها فى ضوء مرجعية معصومة تستند إليها،وفى ضوء ضوابط تحيط بها من كافة جنباتها لئلا تزيغ أو تضل. وإذا كان قانون الأخلاق الإسلامى مصدره الوحى الإلهى فليس معنى هذا أنه يتصادم مع ما يقرره العقل الإنسانى،وكيف يكون هذا وهما فى نظر الإسلام يجمعهما مصدر واحد. كما أن أحكام العقل المحفوفة بالضوابط الشرعية التى تمنعها من الضلال محل تقدير من الإسلام وتشريعاته، بل فى كثير من الأحوال تعد نوعاً من الاجتهاد الذى يؤجر عليه صاحبه. وإذا نحى العقل جانباً فى بعض المجالات التى تعلو فوق إدراكه،فهذا ليس حطا من شأنه وإنما هو تكليف له وفق الوسع والطاقة، وتفريغ له لمهمته التى تكمن فى عمارة الكون والحياة. أما بالنسبة للضمير فأمره كذلك معتبر فى ضوء المرجعية المعصومة التى عنها تصدر أحكامه،وفى ضوء الضوابط الشرعية التى يراعيها كى لا يضل أو يشقى،ومن هنا فالضمير المعتبر لدى قانون الأخلاق الإسلامى هو الضمير الموجه والمستنير بفضل تعاليم الكتاب والسنة. وهو الضمير الذى حددت له الواجبات ووضحت له المحرمات بصورة تدفعه وتهيئه للالتزام بما يجب،والتنزه عما هو محرم.وهو الضمير الذى له مقياس ثابت وحكم محدد فى قضايا الأخلاق.ومن ثم كان ل ه اعتباره فى القرآن الكريم حيث يقول الحق سبحانه:" بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ " القيامة (14).وكذلك له منزلة فى السنة المطهرة حيث يقول النبى r " إذا أراد الله بعبد خيراً جعل له واعظاً من نفسه يأمره وينهاه " [41] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn41) وقوله r لوابصة ابن معبد رضى الله عنه " جئت تسأل عن البر؟ قلت نعم قال: البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك فى النفس وتردد فى الصدر،وإن أفتاك الناس وأفتوك " [42] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn42) وحتى عند الحساب بين يدى رب العزة والجلال يكون لسلطان الضمير هذا الدور الهام الذى يعبر الحق سبحانه وتعالى عنه بقوله " اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا" الإسراء (14). ومن خلال التصور السابق للضمير فى قانون الأخلاق الإسلامى كان قول الإمام الغزالى الذى يعبر فيه عن أهمية الضمير فى ترسيخ الأخلاق المهنية " للمراقب فى عمله نظران: نظر قبل العمل،ونظر فى العمل؛ أما قبل العمل فلينظر أن همته وحركته:أهى لله خالصة،أم لهوى النفس ومتابعة السلطان؟ فيتوقف فيه ويتثبت حتى ينكشف له ذلك بنور الحق؛فإن كان لله تعالى أمضاه، وإن كان لغير الله استحيا من الله وانكشف عنه. وأما النظر الثانى للمراقب عند الشروع فى العمل، فذلك يتفقد كيفية العمل ليقضى حق الله فيه، ويحسن النية فى إتمامه ويتعاطاه على أكمل ما يمكنه" [43]

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير