تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

التوازن النفسى ويحقق الاستقرار الاجتماعى على أحسن ما يكون. ومما يجب أن ينتبه المؤمن إليه بل أن يعتقده وهو مذعن أن أى جريمة قد يأتيها خفية دون أن يراه أحد من الناس، وإن لم تأخذ وصف الجريمة فى الدنيا فإنها جريمة كاملة الأركان أمام الله سبحانه وتعالى. لأنه هو المطلع على خفايا الأمور ومكنونات الصدور والضمائر، ولا يحتاج سبحانه فى حسابه الأخروى إلى إكمال أركان الجريمة كما تعارف الناس فى الدنيا عيها من خلال شهود وغيرهم. وحتى هذه فهى غير عسيرة عليه سبحانه، لأن الشهود يومئذ من داخل الإنسان نفسه بل هى الأعضاء والجوارح التى تسطنق فتنطق بما وقع منها من أفعال. يقول الله عز وجل"يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" النور (24). ويقول سبحانه "وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ " فصلت (21). ومن ثم ورد عن العلماء ما يعرف بالحكم ديانة والحكم قضاء، إذ قد ينفصلان فيكون الإنسان بريئاً قضاء لعدم توفر أدلة الإدانة ضده،بيد أنه مؤاخذ ديانة طالما هو الفاعل الحقيقى والعكس كذلك صحيح،ومن ثم يوضح النبى صلى الله عليه وسلم ذلك بقوله " إنما أنا بشر مثلكم تختصمون إلىَ ولعل أحدكم يكون ألحق بحجته فأقضى له، فمن قضيت له بحق أخيه فإنما هى قطعة من جهنم فليأخذها " [46] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn46) ومما لاشك فيه أن مراعاة مقتضى هذه المراقبة ذات أثر اجتماعى خطير فى حياة الناس. إذ تغلق فراغاً كبيرا تعجز التشريعات البشرية التى لا نصيب لها من التوجيه إلا حسب ما تقتضيه الظواهر. من هذا المنطلق كان للمراقبة دورها الكبير فى حماية المجتمع وتقوية أركان الفضيلة فى مجال المهنة وغيرها، يقول المولى عز وجل "مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ" المجادلة (7) ويقول تعالى " وهو معكم أينما كنتم " ويقول سبحانه "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ " ق (16).ويقول الأستاذ/محمد قطب " إذا فرضنا أن الدولة من عندها تعاقب على الجرائم الخلقية حين تضبطها،فهى لن تستطيع أن ترى كل جريمة ولا أن تتعقب كل مجرم وسيفلت منها كثير من الجرائم بلا إثبات ولا عقاب ..... وإنما يحتاج الامتناع عن الجريمة الخلقية إلى الارتباط بالله" [47] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn47) .

(2) العقل المدرك:< o:p>

وهو مستوى اعتبره قانون الأخلاق الإسلامى بجانب الإلزام الذاتى. واعتماد قانون الأخلاق له ضمن مستويات الإلزام يأتى فى ضوء وجود مرشد معصوم يهديه إذا ضل ويرده إلىحياض الحق عند الانحراف.ولهذا لابد من ربط العقل بسلطة عليا ينحسم معها الخلاف وينقاد الجميع لها.وهذه السلطةليست إلا خالق الإنسان العليم بأمره وبما يصلحه ويفسده وهو الله سبحانه وتعالى " أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" الملك (14). وعلى هذا فإن اعتبار العقل كركن من أركان الإلزام يقوم على أساس أن العقل موجه بالشرع،فالشرع هو السلطة العليا التى تحجب عن العقل هواه وترشده حينما يتردد ويحتار، وإذا كان العقل عرضة للخطأ والقصور،فإن هذا يحول بينه وبين إدراك ما هو واجب. في حين نرى الوحى المعصوم مبرأ من ذلك كله لأنه تنزيل العليم الخبير. وذلك الوحى يتمثل فى"القرآن الكريم والسنة الصحيحة وما يتفرع عنهما من أصول تشريعية أخرى كإجماع المسلمين واستنباطات أئمتهم فى الفقه والفروع " [48] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn48) ولا يعنى هذا وجود ازدواجية تناقضية فى مصدر الإلزام الخلقى بين الوحى الإلهى والعقل المدرك،فالوحى هو المصدر وهو الحاكم أولاً

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير