من معاملتهم أشد ما يمكن.
وله كلام جيد في تقدير المحذوف في لا إله إلا الله:
قال: قد أفادت جملة (لا إله إلا هو) التوحيد لأنها نفت حقيقة الألوهية عن غير الله تعالى. وخبر" لا" محذوف دل عليه ما في" لا "من معنى النفي لأن كل سامع يعلم أن المراد نفي هذه الحقيقة فالتقدير لا إله موجود إلا هو، وقد عرضت حيرة للنحاة في تقدير الخبر في هاته الكلمة …الخ ()
كما تعرض للخلاف في مسمى الإيمان فأطال فيه إطالة خرجت عن حد التفسير () وتورط فيها ورطة كبيرة كما سيأتي في نهاية حديثنا عن هذا التفسير.
وله ردود ومناقشات مع الفرق ومن ذلك:
حملته في المقدمة الثالثة على تفسير الباطنية وقد عرج على التفسير الإشاري وخرجه تخريجًا يوحي بقبوله له وقال في بعض أنحائه: ورأيت الشيخ محيي الدين يسمي هذا النوع سماعًا ولقد أبدع. ()
وقد تعرض للإباضية وقولهم في الإيمان ()
كما تعرض لبعض الخلافات بين الأشاعرة والمعتزلة ()
وابن عاشور يؤخذ عليه أنه ينقل عن أناس معروفين بالزيغ في باب الاعتقاد فهو ينقل عن ابن سينا () وأمثاله إذ يقول بعد ذكر كلام للرازي:
قلت: ولم يسم الإمام المرتبة الثالثة باسم والظاهر أنها ملحقة في الاسم في المرتبة الثالثة أعني العبودية لأن الشيخ ابن سينا قال في الإشارات: العارف يريد الحق لا لشيء غيره ولا يؤثر شيئًا على عرفانه وتعبده له فقط لأنه مستحق للعبادة ولأنها نسبة شريفة إليه لا لرغبة أو رهبة ا. هـ فجعلهما حالة واحدة. ()
كما ينقل عنه مرة ثانية بعدها بصفحة فيقول:
وأقل منه قول الشيخ ابن سينا في الإشارات: لما لم يكن الإنسان بحيث يستقل وحده بأمر نفسه إلا بمشاركة آخر من بني جنسه وبمعاوضة ومعارضة تجريان بينهما يفرغ كل واحدة منهما لصاحبه عن مهم لو تولاه لنفسه لازدحم على الواحد كثير وكان مما يتعسر إن أمكن، وجب أن يكون بين الناس معاملة وعدل يحفظه شرع يفرضه شارع متميز باستحقاق الطاعة، ووجب أن يكون للمحسن والمسيء جزاء من عند القدير الخبير، فوجب معرفة المجازي والشارع، وأن يكون مع المعرفة سبب حافظ للمعرفة ففرضت عليهم العبادة المذكِّرة للمعبود، وكررت عليهم ليستحفظ التذكير بالتكرير ا. هـ ()
وتقدم نقله عن ابن عربي. ()
كما تأثر بمن لديه انحراف في عقيدته ونقل عنه كثيرا أمثال الزمخشري، وهو يثني على الغزالي وينقل عنه كثيرًا أيضا. ()
ثالثا: موقفه من تفسير القرآن بالقرآن:
ومن مواضع تفسير ابن عاشور للقرآن بالقرآن وهي تكاد تكون نادرة وغير مباشرة قوله:
? يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم ? () قال: وقيل: أريد بالذين آمنوا الذين أظهروا الإيمان فتكون خطابا للمنافقين فيؤول قوله ? الذين آمنوا? بمعنى أظهروا الإيمان فيكون تهكما بهم على حد قوله ? وقالوا ياأيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون ? () فيكون خطابا للمنافقين …الخ. ()
وقال: والعلو في قوله ? ولتعلن علوا كبيرا? () مجاز في الطغيان والعصيان كقوله كقوله ? إن فرعون علا في الأرض ? () وقوله ? إنه كان عاليا من المسرفين? () وقوله ? ألا تعلوا علي وأتوني مسلمين ? () تشبيها للتكبر والطغيان بالعلو على الشيء لامتلاكه تشبيه معقول بمحسوس. ()
رابعا: موقفه من تفسير القرآن بالسنة:
وأفرد ابن عاشور المقدمة الثالثة من مقدماته العشر: في صحة التفسير بغير المأثور ومعنى التفسير بالرأي وقد انتقد فيها كتب التفسير بالمأثور حتى تجاوز الانتقاد إلى ذكر ما ليس بحقيقة كقوله: وإن أرادوا بالمأثور ما روي عن النبي ? وعن الصحابة خاصة وهو ما يظهر من صنيع السيوطي في تفسيره الدر المنثور. لم يتسع ذلك المضيق إلا قليلا ولم يغن عن أهل التفسير فتيلا. ()
وهذا غير صحيح فالدر المنثور جامع لأقوال التابعين وبعض تابعي التابعين أكثر مما جمع عن الصحابة.
وقد انتقد الطبري وقال عن طريقته: وذلك طريق ليس بنهج وقد سبقه إليه بقي ابن مخلد ولم نقف على تفسيره، وشاكل الطبري فيه معاصروه، مثل ابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم، فلله در الذين لم يحبسوا أنفسهم في تفسير القرآن على ما هو مأثور مثل الفراء وأبي عبيدة من الأولين، والزجاج والرماني ممن بعدهم، ثم الذين سلكوا طريقهم مثل الزمخشري وابن عطية. ()
¥