تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم يأتي اعتلاق اسمه" الغفور" باسمه" الحليم" في سبع آيات ليشير إلى أن المغفرة كانت لذنوب فيها إساءة للأدب مع الله تعالى،كأن يحلف الإنسان بالله استهانة واستخفافا، أو يتجرأ على محارم الله تعالى، ويتسور فوق مناهيه بالتصريح بخطبة المتوفى عنها زوجها، دون مراعاة لحرمة الميّت أو مصاب زوجته.

وقد تكون الإساءة في عدم الثقة في نصر الله يوم التقى الجمعان.

وقد تكون الإساءة بكثرة السؤال للرسول –صلى الله عليه وسلم وكأن الدين قد نقص منه شيء.

كل ذلك إساءة للأدب مع الله تعالى تستدعي حلمه ومغفرته؛ لذلك اقترن اسمه" الغفور" باسمه" الحليم"؛ لأن "الحليم" هو الذي لا يستفزه التقصير.

وقد تقدم في كل ذلك اسمه" الغفور" لأن الحديث كان فيها للمؤمنين.

أما إذا جاء الحديث عن الكافرين فإن الحلم والإمهال هو المقدم لأن الكافر في حاجة إلى إمهال لعله يثوب ويرجع فيحوِّل كفره إلى إيمان فيكون أهلا للمغفرة ليتم هذا النسق .... " كفر فإمهال فإيمان فمغفرة "

أما اعتلاق المغفرة باسمه" العزيز" فقد جاء خمس مرات وكلها لبيان القدرة والغلبة وكأن المغفرة هنا قد أحاطت بالعزة حتى لا تنعكس على الخلق بالعذاب.

أما اسمه" العفو" فقد قرن" بالغفور" عند الحديث عن الرُّخص والأعذار التى تطرأ في حياة المؤمنين فتحاط مخالفاتهم بالعفو والمغفرة تبشيرا بأن الله لايكلف نفسا إلا وسعها.

وفي اعتلاق اسمه" الشكور" معنى آخر وهو ما يشير إليه قوله تعالى "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان "فالحديث عن المؤمنين أو عن أعمالهم الصالحة وهذا يعني أن المغفرة لهم مغفرة شكر.

ثم يأتي الاسم الأخير وهو "الودود" وفيه تصل المغفرة إلى أبهى صورها وأعلي درجاتها لأنها مغفرة محب ولم يأت ذلك إلا مرة واحدة، ولقوم استرخصوا أرواحهم، وألقوا بأنفسهم في النار إيمانا بالله رب العالمين؛فكانت المغفرة لهم مغفرة ودود،وتلك أعلى مراتبها.

هذا وإن هذا البحث يوصي أهل البيان بالنظر في توزيع أسماء الله تعالى داخل كل سورة وما في ذلك من هندسة قرآنية عالية تنم عن دلالات لا حصر لها.

كما يوصي بالنظر في وجوه الدلالة الكامنة خلف التعبير عن أسماء الله تعالى مرة بالاسم ومرة بالفعل، وأثر السياق و المقام في ذلك.

وبعد:

فهذا جهد المقل،فإذا كان من صواب فالحمد لله في الأولى والآخرة، و إلا فإني أسأل الله – تعالى – أن تشملني مغفرته ورحمته إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

سعيد جمعة

جامعة الأزهر الشريف

فرع شبين الكوم

ثبت بالمصادر والمراجع

1 - الإتقان في علوم القرآن للإمام جلال الدين السيوطي الشافعي وبهامشه كتاب إعجاز القرآن للباقلاني –دار الفكر –بيروت لبنان.

2 - إرشاد العقل السليم إلي مزايا القرآن الكريم لمحمد بن محمد العمادي أبي السعود ت /951 هـ دار إحياء التراث العربي بيروت.

3 - أساس البلاغة للإمام جار الله أبي القاسم محمود بن عمر الزمخشري دار الفكر بيروت ط / الثانية 1399 هـ.

4 - أسماء الله الحسني لعبد الله بن صالح بن عبد العزيز الغصن دار الوطن السعودية ط/ الأولي 1417 هـ.

5 - الأسماء والصفات للحافظ أبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي ت /458 هـ تحقيق عبد الله الحاشدي السوادي للتوزيع جدة السعودية.

6 - الإيضاح في علوم البلاغة للخطيب القزويني ت /عبد الحميد هنداوي مؤسسة المختار القاهرة ط / الأولي 1419 هـ.

7 - البرهان في علوم القرآن لمحمد بن بهادر الزركشي تحقيق /محمد أبو الفضل إبراهيم دار المعرفة للتراث بيروت.

8 - التبيان في تصريف الأسماء لأحمد حسن كحيل مطبعة السعادة القاهرة الطبعة الرابعة.

9 - التعريفات لعلي بن محمد بن علي الجرجاني ت /816 هـ تحقيق إبراهيم الإبياري دار الكتاب العربي بيروت الطبعة الأولي.

10 - تفسير أسماء الله الحسني لأبي إسحق إبراهيم بن السري الزجاج ت/ 311هـ تحقيق أحمد يوسف الدقاق دار الثقافة العربية دمشق 1974م.

11 - تفسير البحر المحيط لمحمد بن يوسف الشهير بأبي حيان الأندلسي ت /745 هـ دار الكتب العلمية بيروت لبنان.

12 - تفسير البيضاوي ت /791 هـ تحقيق عبد القادر عرفات الحشا حسونة دار الفكر بيروت.

13 - تفسير التحرير والتنوير لمحمد الطاهر بن عاشور دار سحنون للنشر والتوزيع تونس.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير