تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1/ أنه لا يسلّم بأن أشد الحر في المدينة يكون عند مصير ظل كل شيء مثله، بل إن أشد الحر –في المدينة وغيرها- يكون عند أول وقت الظهر. ودليل ذلك: أن هدي النبي ? كان أداء الصلاة في أول وقتها؛ فإذا اشتد الحر أمر مؤذنه بتأخير الأذان وشرع للناس الإبراد بالصلاة.

2/ أنه لو سُلّم أن أشد الحر هو عندما يكون ظل كل شيء مثله؛ فإنه يقال: إن الإبراد بالظهر يكون حينئذ بتقديمها أول قتها عند الزوال جمعاً بين حديث الإبراد وصريح حديث جبريل ? وحديث أبي موسى ?.

الدليل الثالث: أنا عرفنا دخول وقت الظهر بيقين؛ وهو زوال الشمس، وخروجه مشكوك فيه لتعارض الأدلة، فنبقى على اليقين حتى يرتفع بيقين، ولا نتيقن خروج الظهر إلا بمصير ظل كل شيء مثليه.

المناقشة: يناقش من وجهين:

1/ أنه استدلال بمحل النزاع؛ وهو ممنوع.

2/ أن خروج الظهر بمصير ظل كل شيء مثله متيقن؛ لأنه لا تعارض بين الأدلة؛ بل الجمع بينها ممكن.

أدلة أصحاب القول الثاني:

الدليل الأول: الحديث المتقدم في إمامة جبريل ? للنبي ?، وفيه: ثم مكث حتى إذا كان فيء الرجل مثله جاءه للعصر فقال: قم يا محمد فصلّ العصر ... ثم جاءه من الغد حين كان فيء الرجل مثله فقال: قم يا محمد فصلّ، فصلى الظهر ... وفي آخر الحديث قال له جبريل ?: ما بين هذين وقت كله.

وجه الدلالة: من وجهين:

1/ أن جبريل ? صلى بالنبي ? العصر في اليوم الثاني عند مصير ظل كل شيء مثله، فكان هذا بالضرورة آخر وقت الظهر.

2/ أن إمامة جبريل ? في اليوم الثاني كانت لبيان آخر وقت كل صلاة، ولم يؤخر الظهر إلى مصير ظل كل شيء مثليه، بل صلى به حينما كان ظل كل شيء مثله، فدلّ على أن هذا هو آخر وقت الظهر.

الدليل الثاني: حديث عبدالله بن عمرو بن العاص ? قال: قال النبي ?: "وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله ما لم تحضر العصر".

وجه الدلالة: أن وقت الظهر ممتد إلى انتهاء آخر ظل المثل.

الدليل الثالث: لأنها صلاة تجمع مع التي بعدها؛ فكان وقتها أقصر من التي تليها؛ كالمغرب.

الترجيح: القول الثاني أرجح من القول الأول لصراحة الأدلة التي تدل عليه وورودها على محل الخلاف؛ ولضعف الأدلة التي استدل بها أصحاب القول الأول وكثرة المناقشات عليها.

ثانياً: صلاة العصر.

اختلف العلماء في أول وقت العصر على ثلاثة أقوال -وخلافهم هذا مبني على خلافهم في آخر وقت الظهر-:

القول الأول: يبدأ وقت صلاة العصر من مصير ظل كل شيء مثليه. وهذا مشهور مذهب الحنفية.

القول الثاني: يبدأ من مصير ظل كل شيء مثله، بمعنى أن وقت الظهر ينتهي بدخول وقت العصر، فلا اشتراك بينهما ولا فاصل. وهو رواية عن أبي حنيفة اختارها صاحباه، وقول لبعض المالكية، وهو مذهب الشافعية والحنابلة.

القول الثالث: يبدأ قبل مصير ظل كل شيء مثله بقدر أربع ركعات، فيكون هذا القدر مشتركاً بين الظهر والعصر. وهو مشهور مذهب المالكية.

أدلة أصحاب القول الأول:

يمكن أن يُستدل لأصحاب هذا القول –وهم الحنفية- بالأدلة نفسها التي استدلوا بها على نهاية وقت الظهر؛ لأنهم لا يرون اشتراك الوقتين.

أدلة أصحاب القول الثاني:

الدليل الأول: حديث جابر ? المتقدم في إمامة جبريل ? للنبي ? وفيه: ثم مكث حتى إذا كان فيء الرجل مثله جاءه للعصر فقال: قم يا محمد فصلّ العصر ... ثم قال في آخره: ما بين هذين وقت كله.

وجه الدلالة: أن جبريل ? أمّ النبي ? العصر في اليوم الأول عند مصير ظل الرجل مثله؛ فدلّ على أنه أول وقت العصر وأنها لا تشرع قبله.

الدليل الثاني: حديث أنس بن مالك ?: أن رسول الله ? كان يصلي العصر والشمس مرتفعة حية، فيذهب الذاهب إلى العوالي والشمس مرتفعة.

وجه الدلالة: قال النووي: "والمراد بهذه الأحاديث وما بعدها –يعني أحاديث الباب- المبادرة لصلاة العصر أول وقتها، لأنه لا يمكن أن يذهب بعد صلاة العصر ميلين وثلاثة والشمس بعد لم تتغير بصفرة ونحوها إلا إذا صلى العصر حين صار ظل الشيء مثله، ولا يكاد يحصل هذا إلا في الأيام الطويلة"اهـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير