3/ أن فيه إعمالاً للحديثين جميعاً؛ لأن القول بالاصفرار قول بالمثلين وزيادة.
4/ أنه قول؛ وحديث جبريل فعل؛ والقول مقدم على الفعل.
الدليل الثاني: لأنها صلاة حَدَّ الظلُّ أولَها، فيُحَدُّ به آخرُها، كالظهر.
المناقشة: يناقش بأنه قياس في مقابلة النص فيردّ.
وقد استدلوا على امتداد وقت الضرورة إلى الغروب بأدلة القول الثاني.
الترجيح: أرجح الأقوال القول الثاني لصراحة أدلته وقوتها.
ثالثاً: صلاة المغرب.
أجمع أهل العلم على أن وقت المغرب يبدأ بغروب الشمس. ومن أدلتهم:
الدليل الأول: حديث جبريل ? وفيه: ثم مكث حتى إذا غابت الشمس جاءه فقال: قم فصلّ المغرب، فقام فصلاها حين غابت الشمس سواء.
وجه الدلالة: أنه أَمّه حين غابت الشمس، فدلّ على أنها لا تصح قبله.
الدليل الثاني: حديث أبي موسى ? المتقدم، وفيه: ثم أمره فأقام بالمغرب حين وقعت الشمس.
وجه الدلالة: أن النبي ? قال للسائل: "الوقت بين هذين"، فدل على أن المغرب يدخل وقتها بغروب الشمس.
الدليل الثالث: حديث سلمة بن الأكوع ?: أن رسول ? كان يصلي المغرب إذا غربت الشمس وتوارت بالحجاب".
وجه الدلالة: أن هدي النبي ? كان المبادرة بأداء الصلاة في أول وقتها، ولو صح أداء المغرب قبل الغروب لفعل؛ لكن لما كان لا يصلي إلا بعد الغروب؛ دلّ على أنه أول وقتها.
واختلفوا في نهاية وقتها على قولين:
القول الأول: أن وقتها متسع، وأنه يمتد إلى مغيب الشفق. وهذا قول الحنفية، وهو رواية عند المالكية، والقديم من قولي الشافعي، ومذهب الحنابلة.
ثم اختلف أصحاب هذا القول في تحديد الشفق؟ وسيأتي.
القول الثاني: أن وقتها مضيّق بقدر الاستعداد لها وفعلها. وهذا هو المذهب عند المالكية والشافعية.
أدلة أصحاب القول الأول:
الدليل الأول: حديث عبدالله بن عمرو ? قال: قال رسول الله ?: "ووقت صلاة المغرب ما لم يغب الشفق".
وجه الدلالة: أنه حدّ آخر وقت المغرب بمغيب الشفق؛ فدلّ على جواز تأخيرها إليه.
الدليل الثاني: حديث أبي موسى ?. وفيه: ثم أخّر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق. ثم قال في آخره: "الوقت بين هذين".
وجه الدلالة: أن النبي ? حدّ للسائل آخر وقت المغرب بمغيب الشفق؛ وليس بقدر الاستعداد لها وفعلها.
الدليل الثالث: حديث أبي قتادة ?: أن رسول الله ? قال: "ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى".
وجه الدلالة: أن وقت الصلاة لا يخرج حتى يأتي وقت التي تليها، والعشاء لا يدخل وقتها حتى يغيب الشفق بالإجماع؛ فدل على أنه آخر وقت المغرب.
الدليل الرابع: لأنها إحدى الصلوات، فكان لها وقت متسع، كسائر الصلوات.
الدليل الخامس: لأنها إحدى صلاتي جمع، فكان وقتها متصلاً بالتي تليها؛ كالظهر والعصر.
الدليل السادس: لأن ما قبل مغيب الشفق وقت تصح فيه استدامتها؛ فصح فيه ابتداؤها، كأول وقتها.
أدلة أصحاب القول الثاني:
الدليل الأول: حديث إمامة جبريل ?، ففي اليوم الأول يقول الراوي: ثم مكث حتى إذا غابت الشمس جاءه فقال: قم فصلّ المغرب، فقام فصلاها حين غابت الشمس سواء.
وفي اليوم الثاني: ثم جاءه للمغرب حين غابت الشمس وقتا واحدا لم يزل عنه فقال: قم فصلّ، فصلى المغرب.
وجه الدلالة: أنه صلى به في اليومين في وقت واحد، ولو كان لها وقت آخر لبيّنه له كما فعل في سائر الصلوات.
المناقشة: نوقش هذا الدليل من وجوه:
1/ إنما بيّن جبريل ? هنا أوقات الفضيلة، ولم يبيّن أوقات الجواز، بدليل أنه صلى العصر في اليوم الثاني عند مصير الظل مثليه ولم يؤخرها إلى الغروب مع أن وقت الجواز والضرورة ممتد إليه، فدلّ على أنه أراد وقت الفضيلة.
2/ إذا لم يمكن الجمع فإن الأحاديث الدالة على خروج وقت المغرب بمغيب الشفق أصح لأنها في الصحيح، وحديث جبريل في غير الصحيح.
3/ أن حديث جبريل متقدم، والأحاديث التي تدل على أن آخر الوقت هو مغيب الشفق متأخرة، فهي ناسخة له.
4/ أن الأخذ بأحاديث مغيب الشفق إعمال لها ولحديث جبريل، أما الأخذ بحديث جبريل ففيه إهمال لبعض الأدلة، وإعمال الأدلة أولى من إهمالها.
الدليل الثاني: لأنها من الصلوات الخمس المفروضات، فوجب أن يكون وقتها كجنس عددها شفعاً ووتراً، كسائر الصلوات.
المناقشة: يناقش بأنه قياس مردود لأنه في مقابلة النص.
¥