2 - الدعوة إلى فرائض الله واجتناب نواهيه والتزام أوامره، وهذه دعوة عملية. قال ابن تيمية () رحمه الله، (فالرسل متفقون في الدين الجامع للأصول الاعتقادية والعملية، فالاعتقادية كالإيمان بالله وبرسُلِه واليوم الآخر، والعملية كالأعمال العامة المذكورة في الأنعام والأعراف، وسورة بني إسرائيل، كقوله تعالى:
] قل تعالوا أتلُ ما حرم ربكم عليكم [().
وقوله:] وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه [().
إلى آخر الوصايا. و قوله:
] قل أمر ربي بالقسط وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين [().
وقوله:
] قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون [() أهـ.
خلاصة بحثنا هذا، أن دعوة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، إنما هي دعوة عقائدية ودعوة عملية.
والله الموفق،،،،،
بسم الله الرحمن الرحيم
نحمده سبحانه ونصلي ونسلم على نبيه الكريم، وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
أما بعد.
" أهمية العقيدة في حياة الأمة الإسلامية:
إن الله -سبحانه وتعالى- خلق البشرية جميعاً لإقامة التوحيد، حيث قال الله في كتابه الكريم:
] وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون [() الآية.
قال ابن كثير: "أي إنما خلقتهم لأمرهم بعبادتي، لا لاحتياجي إليهم، وقال ابن أبي طلحة عن ابن عباس: "إلا ليعبدون" أي إلا ليُقِرّوا بعبادتي طوعاً أو كرهاً وهذا اختيار ابن جرير، وقال ابن جريج: إلا ليعرفون، وقال الربيع بن أنس: إلا ليعبدون، أي إلا للعبادة، وقال السُّدى: من العبادة ما ينفع ومنها ما لا ينفع:
] ولئن سألتهم من خلق السماوات والأرض ليقولن الله [.
هذا منهم عبادة وليس ينفعهم مع الشرك، وقال الضحاك: المراد بذلك المؤمنون" أهـ.
فأصل وجود البشرية هو إقامة التوحيد الخالص، وكما قيل: "وبضدها تتبين الأشياء" فالتوحيد ضد الشريك، والإيمان ضد الكفر، والسنة ضد البدعة.
فالواجب الأول الذي أمر الله به عباده، هو العقيدة الصحيحة بذات الله -تبارك وتعالى- في ربوبيته، وألوهيته، وأسماءه وصفاته.
وبدون العقيدة والإيمان، فلا تكون للإنسانية أية قيمة، بل تفقد الإنسانية قيمتها، حتى تكون أقل شأناً من البهائم، وقد وضح الله ذلك في كتابه الكريم حيث قال تعالى:
] ولقد ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس، لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعينٌ لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون [().
قال ابن كثير: "يقول تعالى: (ولقد ذرأنا لجهنم) أي خلقنا وجعلنا لجهنم (كثيراً من الجن والإنس) أي هيأناهم لها وبعمل أهلها يعملون فإنه تعالى لما أراد أن يخلق الخلق، علم ما هم عاملون قبل كونهم، فكتب ذلك عنده في كتاب قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، كما ورد في صحيح مسلم، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif قال: "إن الله قدر مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء".
وفي صحيح مسلم أيضاً، من حديث عائشة بنت طلحة، عن خالتها عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنها قالت: دُعي النبي http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif إلى جنازة صبي من الأنصار، فقلت: يا رسول الله طوبى له، عصفور من عصافير الجنة لم يعمل السوء، ولم يدركه، فقال رسول الله http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif : " أو غير ذلك يا عائشة إن الله خلق الجنة، وخلق لها أهلاً وهم في أصلاب آبائهم، وخلق النار وخلق لها أهلاً وهم في أصلاب آبائهم".
ويتابع ابن كثير فيقول: "لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها".
"يعني ليس ينتفعون بشيء، من هذه الجوارح التي جعلها الله سبباً للهداية".
ثم يتابع ابن كثير تفسيره فيقول: (بل هم أضل) أي من الدواب لأنها قد تستجيب مع ذلك لراعيها إذا أبس بها، وإن لم تفقه كلامه بخلاف هؤلاء، ولأنها تفعل ما خلقت له إما بطبعها وإما بتسخيرها، بخلاف الكافر فإنه إنما خلق ليعبد الله ويوحده، فكفر بالله وأشرك به، ولهذا من أطاع الله من البشر كان أشرف من مثله من الملائكة في معاده، ومن كفر به من البشر، كانت الدواب أتم منه ولهذا قال تعالى:
¥