تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يقول الشيخ بالمبوري -حفظه الله- "الدنيا دار الأسباب، ولكن الله مسبب الأسباب، يرى في هذه الدنيا الشيء من الشيء والولد من الأب، ولكن في الحقيقة الله -سبحانه وتعالى- هو المؤثر في الأشياء، نحن نرى أن الحب من الثمر ولكن الأصل أن الله خالق الحب والنوى ولكن ترى الأشياء من الأشياء، ولكن الله هو مسبب الأسباب، ولكن نحن لا نرى قدرته.

الله سبحانه وتعالى قادر على تعمير حياة الإنسان وتخريبها ()، والله ليس بحاجة إلى أي سبب ولما أراد الله تعمير حياة يوسف، عمرها في السجن، ولما أراد الله تخريب (1) حياة فرعون وقارون خرب (1) حياتهم في العزة والملك.

الحمد لله الذي أخرج هذه الدعوة لندعو إلى كتاب الله وسنة رسوله ونرجع إليهما، الحمد لله الذي أخرج هذا العمل لتوحيد الألوهية، والربوبية، وأسماء الله وصفاته.

الله عز وجل علم نبيه أن يركز على الإيمان والنبي علم أصحابه الإيمان واليقين الصحيح، وبضدها تتميز الأشياء، التوحيد ضد الشرك، نصرف أنفسنا لله ولا نتوجه لغير الله، سواء صنم يعبد، أو قبر يزار، بل كل هذا شرك، ولكن الشرك، شرك دون شرك، وكفر دون كفر، وكذلك اليقين.

ولذلك ركز النبي على هذا اليقين والتوحيد الخالص، حتى أن النبي أراد ربط الإنسان بالتوحيد عن طريق الصلاة، فعند الدخول في الصلاة التكبير، وهكذا الركوع، كل هذا لتوحيد الألوهية، وإذا أتى توحيد الألوهية، يأتي توحيد الربوبية، وكل جهد مثل الحلقات وغيرها هو لهذا اليقين.

ولكن الدعوة إلى أي شيء؟ إلى الله وحده لا شريك له وأن الله () كما نعبد الله وحده ونعترض على أهل الأصنام فكذلك نحن ننكر عبادة غير الأصنام، وكذلك ننكر على الذين عندهم الشركيات. لو تقابل أهل الشرك الحقيقي، مع أهل الشرك المجازي، فيغلب أهل الشرك الحقيقي، ومعنى الشركي الحقيقي، هو عبادة الأصنام، والمجازي الاعتماد على غير الله، وهذا لا يخرج عن كلية الإيمان ولكن يعذب صاحبه بقدر ما أشرك مع الله الأسباب.

حقيقة الإيمان أن نتيقن على ذات الله ولا نتأثر إلا به، والله أمر نبيه:] يا أيها المدثر * قم فأنذر * وربك فكبر [()

فقدم لفظة ربك على التكبير وهذا يفيد الحصر، أي لا تكبر غير ربك.

معية الله بالصفات الإيمانية الصبر والتقوى والإحسان، وهذا هو زبدة الإيمان، وأنا أقول إن الإيمان بذات الله أن لا نعتمد على غير الله، ولا رجاء بغير الله، ولا استعانة بغير الله، ولا نستعين إلا بالله، ولا نعبد إلا الله، ولا نسجد لغير الله، ولا نركع للأصنام ولا نقوم لغير الله، فإذا أخرجنا من قلوبنا الخوف من غير الله، والرجاء من غير الله، بعد ذلك تأتينا نصرة الله".

ويقول الشيخ زين العابدين: عرفنا أن محمداً وجميع الأنبياء ركزوا جهدهم على تعليم الأمة، وصبروا وأخذوا أضعاف مدة تعليمهم في الإيمان على تعليم الأعمال فما هو الإيمان؟

الإيمان هو لا إله إلا الله، وهذا نفي وإثبات، فالإنسان إذا كان قلبه متعلق بالأسباب والقوة، وقوة السلاح، وقوة الأشياء المادية، وقوة الملك والمال، ويجد قلبه متأثراً بالأحجار سواء أحجار الجاهلية، أو الأحجار الإلكترونية، فكلها أحجار، فإذا رأى الإنسان ذلك، يجتهد ويخرج من هذه الشركيات، حتى يكون قلبه متعلق بالله الأحد، الذي يفعل ولا يستعين بأحد، والصمد الذي يفعل ولا يحتاج إلى شيء.

قوم ثمود كانوا أساتذة العالم في البناء، والله أخرج لهم ناقة من الجبل، ويروى أنها كانت حامل ووضعت حملها، كل ذلك ليعلم الله خلقه بأني أنا الخالق، أخلق الولد بدون أب، والناقة من الجبل، وعيسى من غير أب، وآدم من غير أب وأم، كل ذلك لبيان قدرة الله، لأن الإنسان كثيراً ما يربط بين الأسباب، ويعتقد أن فيها النفع والضر، فهذا معنى لا إله إلا الله، تخرج من قلوبنا الاعتماد على غير الله، فالله إذا شاء يخلق العزة مع قلة العدد، تلك الإرادة التي علمها رسول الله ابن عباس: "واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك بشيء إلا قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك بشيء إلا قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف" الأمة بحاكمهم ومحكوميهم لا تأثير لهم في شيء.

الخلاق هو الله صاحب الإرادة هو الله، فإذا خلي قلب الإنسان من كل المخلوقات فعند ذلك يأتي اليقين، فيجد قلبه متقبلاً اليقين

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير