تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ونقل الالكائي عن أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سألت أبي وأبا زرعة عن مذاهب أهل السنة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار وما يعتقدان من ذلك فقالا: "أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازاً وعراقاً وشاماً ويمناً فكان من مذهبهم … إلى أن قال: فإن الجهاد ماض منذ بعث الله عز وجل نبيه http://www.binatiih.com/go/images/smiles/salla.gif إلى قيام الساعة مع أولي الأمر من أئمة المسلمين لا يبطله شيء".

فقد تقرر من كل ما تقدم أن الجهاد لا يكون إلا بإمام وهذا ما أردت إثباته على رفعه الدليل الشرعي والله أعلم إلا أن ها هنا نظر وهو ما تقدم من الأحاديث دلنا على اشتراط الإمام وهكذا ما نقلته عن السلف إلا إن السلف قد أجازوا للرجل أن يدافع عن نفسه إذا عرض له اللصوص والخوارج، فكيف يكون التوفيق في ذلك، فأقول: إن المتقرر أن الجهاد دفاعي وابتدائي، والدفاعي أن يدافع الرجل عن نفسه وماله كما تقدم عن الإمام أحمد وابن المديني، والابتدائي وهو الجهاد الذي به يكون نشر الدين في العالم كله، فالجهاد الذي من الدرب الأول يشترط فيه الإمام كما ذكر ذلك أهل السنة إنما له أن يدافع فقط حتى يذهب عن نفسه الضرر وأما الثاني فلا يكون إلا بإمام وإنما أجزنا للأول أن يدافع لأن الأحاديث أجازت له ذلك، حيث أمر بالقتال، ولم يؤمر بالقتل، ولذلك عقب الإمام أحمد بقوله: "فجميع الآثار في هذا إنما أمر بقتاله، ولم يؤمر بقتله، ولا اتباعه ولا يجهز عليه إن صرع أو كان جريحاً وإن أخذوه أسيراً فليس له أن يقتله ولا يقيم عليه الحد ولكن يرفع أمره إلى من ولاه الله فيحكم فيه" وهكذا عقب ابن المديني للتفرقة بين الجهاد الدفاعي والهجومي فقال: "وجميع الآثار إنما أمر بقتاله ولم يؤمر بقتله" فأنت ترى أنهم جعلوا السبب الذي من أجله شرع الجهاد الدفاعي أنه أمر فقط بمجرد الدفاع عن النفس فله ذلك ولم يؤمر بالابتداء فليس له ذلك، فبهذا يتبين فقه المسألة وهو أنه لا جهاد إلا بإمام إلا أن يكون دفاعاً لرد عدوان فيشرع بدون إمام كما هو الحال في فلسطين وأفغانستان والله المستعان ونشرع بعد ذلك في بيان الشرط الثاني.

" الشرط الثاني: لا يجوز الجهاد دون تميز الصفوف:

ومعنى هذا أنه لا يجوز للأمة الإسلامية، أن تبدأ بالقتال لبلد كافر قبل أن يحصل هناك تميز للصف، بمعنى أنا لو فرضنا دولة كافرة فيها رجال مؤمنون ونساء مؤمنات، فلا يجوز القتال حينئذ حتى يتميز ويخرج المؤمنون من أظهر الكفار، وأما إذا لم يستطع هؤلاء المؤمنون أن يخرجوا من هذه البلدة الكافرة، فيحرم حينئذ قتال هؤلاء الكفار حرمة لدماء المسلمين، فإن قيل: ما الدليل على هذا الذي أثبته شرطاً مع أن الجهاد إنما جاء في كتاب الله بالعمومات والمطلقات؟ فهذا الشرط الذي ذكرته يحتاج إلى دليل خاص، فأقول: هذا الشرط قد ثبت باعتباره في الكتاب والسنة، فأما في الكتاب قوله تعالى في سورة الفتح:

] هو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيراً * هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحارم والهدي معكوفا أن يبلغ محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم، ليدخل الله في رحمته من يشاء، لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليما [().

فأنت ترى أن الله -جل جلاله- كف أيدي الكفار عن المؤمنين ومنعهم عن قتال المسلمين وكذلك منع المسلمين عن قتال الكفار، ثم بين الله -جل جلاله- العلة في عدم القتال، فقال تعالى:] ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات [بمعنى أنه لولا وجود رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لأذنا لكم أيها المؤمنون في قتال الكفار] لو تزيلوا [أي تميز المؤمنون عن الكفار] لعذبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليماً [بقتالكم لهم، فأنت ترى أن الله منع المؤمنين من قتال الكفار لوجود فئة مؤمنة مستضعفة لا تستطيع الخروج من بين أظهر الكفار.

يقول ابن كثير في تفسيره "فقوله سبحانه وتعالى:

] وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيراً [

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير