تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

بغير عمد كما أشار إليه تعالى في قوله: (ولولا رجال مؤمنون) الآية" انتهى قول الحافظ وهو واضح فيما نريد به الاستدلال، ثم قال الحافظ: "وفي هذه القصة جواز التشبيه من الجهة العامة وإن اختلفت الجهة الخاصة، لأن أصحاب الفيل كانوا على باطل محض، وأصحاب هذه الناقة كانوا على حق محض، لكن جاء التشبيه من جهة إرادة الله منع الحرم مطلقاً، أما من أهل الباطل فواضح وأما من أهل الحق فللمعنى الذي تقدم ذكره" انتهى فأنت ترى أن بالحافظ استدل بالحديث والآية الكريمة (ولولا رجال مؤمنون .. ) على أن الله مَنَعَ رسوله وصحابته من دخول الحرم لوجود المستضعفين من الرجال والنساء، وهذا واضح في تقرير ما أردت الاستدلال عليه بأنه لا قتال بدون تمييز الصفوف.

وقد قال البخاري في نفس الباب السابق بعد أن ورد الحديث "تزيلوا: إنمازوا" انتهى وقال القرطبي في قوله تعالى: (ولولا رجال مؤمنون…) "يعني المستضعفين من المؤمنين بمكة وسط الكفار، كسلمة بن هشام، وعيّاش بن أبي ربيعة، وأبي جندل ابن سهيل، وأشباههم (لم تعلموهم) أي تعرفوهم. وقيل لم تعلموهم أنهم مؤمنون. (أن تطئوهم) بالقتل والإيقاع بهم: يقال وطئت القوم أي أوقعت بهم، إلى أن قال القرطبي " (لم تعلموهم) نعت لِ (رجال) و (نساء) وجواب لولا محذوف: والتقدير ولو أن تطؤوا رجالاً مؤمنين ونساءٌ مؤمنات لم تعلموهم لأذن الله لكم في دخول مكة ولسلطكم عليهم، ولكن صانَ من كان فيهم يكتم إيمانه خوفاً" إلى أن قال القرطبي: " (لو تزيلوا) أي تميزوا قاله الكتيبي وقيل لو تفرقوا قاله الكلبي وقيل لو زال المؤمنون من بين أظهر الكفار لعذب الكفار بالسيف قاله الضحاك ولكن الله يدفع بالمؤمنين عن الكفار" ثم قال القرطبي: "هذه الآية دليل على مراعاة الكافر في حرمة المؤمن إذ لا يمكن إذاية الكافر إلا بإذاية المؤمن.

قال أبو زيد قلت لابن القاسم: أرأيت لو أنَّ قوماً من المشركين في حصن من حصونهم وحصرهم أهل الإسلام وفيهم قومٌ من المسلمين أسارى في أيديهم أيحرق هذا الحصن، قال سمعت مالكاً وسئل عن قوم من المشركين في مراكبهم بالنار ومعهم الأسارى في مراكبهم فقال مالك لا أرى ذلك لقوله تعالى لأهل مكة: (لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذاباً أليماً) وكذلك لو تترس كافر بمسلم لم يجز رميه وإن فعل ذلك فاعل فأتلف أحد من المسلمين فعليه الدية والكفارة، فإن لم يعلموا فلا دية ولا كفارة، وذلك أنهم إذا علموا فليس لهم أن يرموا فإذا فعلوه صاروا قتلة خطأ، والدية على عواقلهم فإن لم يعلموا فلهم أن يرموا، وإذا أبيحوا الفعلة لم يجز أن يبقى عليهم فيها تباعة.

قال ابن العربي: وقد قال جماعة أن معناه لو تزيلوا عن بطون النساء وأصلاب الرجال وهذا ضعيف لأن من في الصلب أو في البطن لا يوطأ ولا تصيب منه معرة، وهو سبحانه قد صرح فقال: (ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطؤهم) " وذلك لا ينطبق على من في بطن المرأة وصلب الرجال وإنما ينطبق على مثل الوليد بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة وأبي جندل ابن سهيل وكذلك قال مالك: وقد حاصرنا مدينة الروم فحبس عنهم الماء فكانوا ينزلون الأسارى يستقون له الماء فلا يقدر أحد على رميه بالنبل فيحصل لهم دون اختيارنا، وقد جوز أبو حنيفة وأصحابه والثوري الرمي في حصون المشركين وإن كان أسارى من المسلمين وأطفالهم ولو تترس كافر بولد مسلم رمى المشرك وإن أصيب أحد من المسلمين فلا دية فيه ولا كفارة، وقال الثوري: فيه الكفارة ولا دية، وقال الشافعي بقولنا وهذا ظاهر، فإن التوصل إلى المباح بالمحظور لا يجوز لا سيما بروح المسلم فلا قول إلا ما قاله مالك -رضي الله عنه-" انتهى كلام القرطبي وفيما تقدم من أقوال أهل العلم كفاية فيما نريد به الاستدلال وهو أنه لا قتال إلا بعد تميز الصفوف وهذا واضح جداً. والله المستعان.

" الشرط الثالث: التربية:

إذا ثبت أنه لا جهاد -بمعنى القتال- إلا بإمام كما بينت ذلك وإن الجهاد متوقف على وجود الإمام فكذلك لا إمام ولا خلافة إلا بعد الإيمان والعمل الصالح. والإيمان والعمل الصالح لا يكون إلا بتربية الأمة على ذلك، وهذا واضح جداً في كتاب الله ومن ذلك قوله تعالى:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير