تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبعد أن انتهيت من البحث المتقدم والذي وضحت فيه أن الجهاد لا يصح إلا بخليفة، يقود الأمة إلى ميدان الجهاد، أرجع فأقول وحيث أن الجهاد فرض فلا بد للأمة أن يقوموا بشروطه حتى يحين وقته ومن بين هذه الشروط كما تقدم شرط وجود الخليفة، وحيث أنه تقرر في الأصول أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب ()، فأقول فالواجب على المسلمين في وقتنا الحاضر تربية الأمة على الكتاب والسنة حتى يأتي الوقت المناسب لتنصيب الخليفة، وهذه المرحلة يطلق عليها مشائخ جماعة التبليغ التدريب والتربية، ويسميها غيرهم التصفية والتربية، وعلى كل فالواجب على كل جماعة قصدت للدعوة إلى دين الله تعالى، أن يكون لها وسائل لتحقيق مقصدها وقد تختلف الوسائل من جماعة إلى جماعة بسبب اختلاف ظهور المصلحة العامة للدعاة إلى الله تبارك وتعالى، وهذا الاختلاف في اتخاذ الوسائل لا حرج فيه إن شاء الله تعالى، مع مراعاة الشروط الشرعية. وهنا نوضح إن شاء الله تعالى الوسائل المتخذة عند جماعة التبليغ، وسأستخلص وسائل جماعة التبليغ () من خلال الكتاب الذي ألفه أحد كبار مشائخ التبليغ، فلنشرع في تلخيص الكتاب مستعينين بالله وحده دون أحد سواه.

يقول الشيخ الأنصاري في سبب تأليفه لكتابه: "في سفر الجماعات للدعوة والتبليغ في العالم الإسلامي جاءت هناك ضرورة لعرض طريقة أعمال الدعوة من جولات وخروج ودعوة عمومية وخصوصية وغيرها وذلك على ضوء الكتاب والسنة لأنه لا بد لشيئين في هذه البلاد:

1 - الدعوة بالأخلاق والإكرام.

2 - الدعوة إلى الله على منهاج الرسول r ومنهاج الصحابة الكرام -رضي الله عنهم أجمعين-".

في الإسلام كانوا يعرفون أن تبليغ الدين أهم من التجارات والمشاغل المختلفة فهم عندما قالوا لا إله إلا الله محمد رسول الله، قاموا منذ البداية ووضعوا نصب أعينهم إنقاذ الملايين من البشر إلى طريق النجاة، وربطوا علاقة هذه النفوس بمالك الملك ولكن من المحزن في هذا الزمان أن من قال هذه الكلمة آلاف المرات وكذلك من هم مشغولين في الصلوات والعبادات لا يقدمون ولو حتى بجهد بسيط لنشر دين الله، لهذا علينا الاقتداء بمسلمي العهد الأول في تضحيتهم للدين كي نجعل في حياتنا الحركة والتنقل للدين كما كانوا، وعلى منهاجهم.

"للدعوة العمومية: إن السابقين في هذه الأمة جعلوا الدعوة إلى الله مقصد حياتهم من أول يوم عرفوا فيه الإسلام وآمنوا به حتى إن موتهم وحياتهم كانت لأجل الدعوة فقد كان الصديق -رضي الله عنه- تاجراً ولكنه بعد الإيمان أصبح مشغولاً بدعوة الناس إلى الله ليلاً ونهاراً، وفي هذه الأثناء كان يلتقي بأنواع الناس ويتحمل منهم شتى أنواع المشقات والعناء والأذى، ومع كل هذا فهو لم يجلس عن هذا العمل ولا ليوم واحد فهو يتكلم إلى الناس واحداً واحداً ويدعوهم إلى الإسلام حتى إذا انقضت فترة من الزمن على الدعوة الانفرادية ودخل في الدين قرابة ثمانية وثلاثين رجلاً ألح أبو بكر -رضي الله عنه- على الرسول r في الظهور بالدعوة، والجهر بها في المسجد الحرام، وفي المجامع العامة ولكن الرسول r دعا إلى الانتظار والتريث لقلة عدد المسلمين بحيث لا يمكنهم تحمل المشقات والعذاب في سبيل الجهر بالدعوة.

ومع زيادة الإلحاح والطلب المتوالي ظهر ميدان الدعوة العمومية فقام الصديق الأكبر داعياً إلى الله تعالى".

قلت: ثم أورد الشيخ قصة أبي بكر في الظهور وما لقيه في ذلك اليوم من الشدائد ثم قال: "إن هذه القصة تبين لنا في إحدى جوانبها نموذجاً من التضحيات وفي الطرف الآخر درساً عملياً للدعاة من الأجيال القادمة ففي المجمع العمومي في حال أداء الدعوة لا ينبغي على القائمين بحمل الدعوة الاجتماع في مكان، بل عليهم أن يتفرقوا في المجمع حتى إذا اقتضت الضرورة للكلام بعد الخطاب العام والتشكيل يكون في ذلك اليسر والسهولة" ..

(ب) بعد تقديم التضحيات للدعوة على الداعي أن لا يتحول فكره، بل عليه أن يبق مستمراً بفكر الهداية حتى لا يأتي الاختلاف والتفرق في الدعوة نتيجة لما أصابه من أذى ومشقات فهذا هو الفكر الحقيقي والصديق الأكبر وهو في هذه الحال كان فكره إسلام أمة وهدايتها.

(جـ) الدعاء قبل أداء الدعوة سنة نبوية، لأن الهداية بيد الله تعالى، لهذا قبل مخاطبة الناس ينبغي أولاً الدعاء أمام الله تعالى بالعجز والتذلل وطلب الهداية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير