تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(د) بعد التضحيات تظهر نتيجة الدعوة والدعاء، فبتضحية الصديق الأكبر -رضي الله عنه- كان بها لدخول أمثال حمزة وعمر -رضي الله عنهما- في الإسلام.

والمقصود اليوم كذلك هو القيام بالدعوة مع ملاحظة هذه الأمور المتقدمة، فقد يأتي أهل القوة والسلطة، ولكن ينبغي أولاً وجود أهل التضحية والدعوة والدعاة ومثل هذا القسم من الناس وهؤلاء لا يأتون إلا بالجهد المتواصل والمستمر، فمما لاشك فيه أن أصحاب الحكومات والقوة خضعوا في خلافة عمر -رضي الله عنه- لكن عمر نفسه أولاً خضع أمام أهل الدعوة والتضحيات، ولهذا نفهم أن الأصل في تكوين القوة والطاقة هو جهد الدعوة والتبليغ الذي بسببه ينشأ الاستعداد للتضحية والدعوة والدعاة، وعندما يحب الله تعالى هذه التضحيات ويرضاها ويتقبلها، فإما أن يهدي الله أهل الطاقة والقوة ويأتي بقلوبهم إلى الدين وإما أن يهلكهم ويفنيهم.

يقول صاحب الهداية عن البخاري: "جاء الخباب وسأل النبي r وهو متوسد ببردة في ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شدة يقول الخباب: يا رسول الله، ألا تدعو الله لنا. فقعد وهو محمر وجهه فقال: قد كان من قبلكم يمشط بأمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه وليمكنن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء ومكة إلى حضرموت ما يخاف إلا الله -عز وجل-" وفي رواية "ولكنكم تستعجلون" البداية ج3، ص…

الفائدة: وضح الرسول r هذه الحقيقة وهي أن سنة الله تعالى وقانونه الذي لا يتغير أنه بدون تقديم التضحيات والجهد فإن باب الفتوحات والبركات لا يفتح، فإذا كان المقصد هو إحياء الدين فعلينا أن نقدم التضحيات تلو التضحيات فإذا تقبل الله هذه التضحيات فهو يبدل الحال بقدرته العظيمة ولكن من طبع هذا الإنسان العجلة فهو يحب أن ينتهي من عمله بسرعة وهو يريد كذلك استعمال هذه السرعة في قيام الدين والدعوة إلى ذات الله -عز وجل- مع أن الدعوة إلى الله لا تقوم إلا التضحيات".

إنه لتقوية الإيمان وتطبيق أوامر الله لا بد من أداء الدعوة والقيام بعمل الدعوة إلى الله بشكل جماعي وجعل نشر الدين وإشاعته هو المقصد ولإقامة هذا المقصد التمرين والتدريب على التضحية بكل حائل ومانع وملاقاة الناس وزياراتهم فرداً فرداً والتكلم معهم بالحكمة واللين والرجاء وترك اللذات النفسية والراحة الجسمانية لحصول لذة الإيمان والتجول في العالم بيتاً بيتاً وبلدة بلدة ودولة دولة، وبدون أي مقصد ظاهري أو باطني إلا الدعوة إلى الله ونشر الدين وإشاعته، والسفر والتنقل لهذا الجهد العظيم والصبر على كل خسارة جسمية ومالية، من أجل القيام بهذا العمل وهو الطريق الأساسي والسبيل الأقوم لأصحاب الدعوة.

قلت: ثم قال الشيخ: "الدعوة بطريق الجولات في عهد الرسالة" ثم قال: "السفر إلى الطائف للدعوة". "مات أبو طالب وازداد البلاء على رسول الله r بشدة، فعمد إلى ثقيف يرجو أن ينصروه ويأووه، فوجد ثلاثة نفر، هم سادة ثقيف وهم أخوة: عبد ياليل ابن عمرو وحبيب ابن عمرو ومسعود ابن عمرو، وعرض عليهم نفسه وشكا إليهم البلاء وما انتهك قومه منه، فقال أحدهم: أنا أسرق ثياب الكعبة، إن كان الله بعثك بشيء قط، وقال الآخر: والله لا أكلمك بعد مجلسك هذا كلمة واحدة أبداً، لإن كنت رسولاً لأنت أعظم شرفاً وحقاً من أن أكلمك، وقال الآخر: أعجز الله أن يرسل غيرك" وفي رواية: "فقام رسول الله r من عندهم وقد يئس من خير ثقيف، قال لهم إن فعلتم ما فعلتم فاكتموا، فكره رسول الله r أن يبلغ قومه خبره فيزدادوا عليه جرأة وله إيذاء.

وبعد الجولة الخصوصية، ابتدأ في الجولة العمومية في القبائل، واجتمعوا يستهزؤن برسول الله r وقعدوا له صفين على طريقه، وأخذوا بأيديهم الحجارة فجعل لا يرفع رجله ولا يضعها إلى رضخوها بالحجارة وهم في ذلك يستهزؤن ويسخرون، فلما خلص منهم وقدماه تسيلان الدماء عمد إلى حائط من كرومهم فأتى ظل حبلة من الكرم .. ".

قلت: ثم ذكر الشيخ بقية القصة ودعاء النبي "اللهم إليك أشكو .. " ثم قال الشيخ:

الفائدة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير