تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

عندما وصل مصعب وأسعد بن زرارة إلى المدينة المنورة أخذوا بتعليم من أسلم منهج الإسلام ودعوا من لم يسلم بعد ذلك إلى الإسلام "أخرج ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وغيره: أن أسعد بن زرارة خرج بمصعب بن عمير يريد به دار بني عبد الأشهل، ودار بني ظفر على بئر يقال له مرق فجلسا في الحائط، واجتمع إليهما رجال ممن أسلم، وسعد بن معاذ وأسيد بن حضير يومئذ سيداً قومهما من بني عبد الأشهل، وكلاهما مشرك على دين قومه فلما سمعا به، قال سعد لأسيد: لا أبا لك، انطلق إلى هذين الرجلين اللذين آتيا دارينا ليسفها ضعفاءنا فأزجرهما وأنههما أن يأتيا دارينا فإنه لولا أسعد بن زرارة مني حيث قد علمت كَفَيْتُك ذاك هو ابن خالتي ولا أجد عليه مقدما" (البداية، ج3، ص152).

مما تقدم يتضح لنا كيف كان أصحاب النبي r يدعون الناس ويقدمون تبليغ دين الله تبارك وتعالى.

أولاً: فهم اجتمعوا عند بئر مرق ومن ثم أخذوا يتشاورون فيما بينهم في الطريقة التي سيدعون بها الناس.

ثانياً: يتضح من كلام سعد بن معاذ وأسيد بن حضير أن المسلمين أرادوا الذهاب للأحياء والبيوت المختلفة لدعوة أهلها. حيث قال سعد فازجرهما وانههما أن يأتيا دارينا"

والدار تشمل بيوت القبيلة كلها، فعن الصحابة الكرام -رضي الله عنهم- أخذوا الجولات في الأحياء والحارات والمشورة، وأعمال الدعوة في هذا الزمان، وإنما الفرق الذي بيننا وبينهم أنهم كانوا يدعون الناس إلى الإسلام وإلى ترك الشرك وعبادة الأصنام، ونحن في هذا الزمان ندعو الناس لتعلّم الإسلام والعمل به، والقيام عليه، ولكن عدم اشتراك الناس بالعمل بهذا المنهاج والأسلوب هو الظن منهم بأن الدعوة بهذه الكيفية لم تثبت بدليل.

قلت: وبعد هذا ذكر الشيخ: "-الهجرة والنصرة- فقال: قال تعالى:] ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة [() قرآن كريم.

إن الإسلام دين عالمي ليس كمثل الأديان الأخرى جاء لمنطقة أو عائلة أو بلدة، فلذلك لا بد لتبليغ مثل هذا الدين من أمة يستطيعون القيام به وإيصال دعوته إلى سائر أنحاء العالم، أمة يسهل عليها ترك الأولاد والبيوت والأشغال والأوطان، أمة يسهل عليها التجول في العالم دولة دولة، أمة قادرة على تحمل المشاق ومضارة الأموال من أجل إقامة الدين، لذلك أمر الصحابة الكرام -رضوان الله عليهم- زيادة على ما كانوا يتحملون في مكة المكرمة من المشاق والصعاب والأذى بالتمرن بالهجرة وترك بيوتهم وأوطانهم، وأقاربهم وكل ما لديهم من أشغال وأشياء لدين الله تعالى، وليكون ذلك درساً لهم عملياً في ترك كل محبوب ومرغوب من أَجْلِ إقامة الدين وإعلاء كلمته، ففي البداية كانت الهجرة للحفاظ على دينهم وإيمانهم وأنفسهم، ولكن بعدما وصلوا إلى المدينة المنورة خرجوا للدعوة إلى الله وإلى دينه العزيز "سيأتي ذكر ذلك في الصفحات القادمة" وفي النهاية أخذت الدعوة صورة الجهاد وفي هذا الحديث إشارة إلى هذه العوامل التدريجية: "لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا" يعني لا هجرة بعد فتح مكة ولكن ينبغي أن تبقى نية الجهاد والهجرة موجودة، وعلامة ذلك أنه في أي وقت يطلب منكم النفر لدين الله فانفروا، لقد وضع الرسول r في الجملة الأخيرة من هذا الحديث أن أساس الهجرة والجهاد هو أن تكون هناك عاطفة قوية للنفر في سبيل الله موجودة، فلقد بلغ بعد فتح مكة مقدار التضحية والاستعداد للهجرة منتهاه، والآن للمحافظة على عاطفة النفر في سبيل الله فهذه المرحلة، أي مرحلة التدريب بالهجرة، انتهت بفتح مكة وحل في مكانها النفر بصورة الجهاد ولكن من الممكن أن تحتاج الأمة للتدريب والتمرين مرة ثانية، فلذلك ينبغي أن تكون النية موجودة دائماً .. ولكن جهاد ونية "فإذا اقتضت الضرورة فعلى هذه الأمة أن تقوم مرة ثانية بمرحلة التدريب من طريق ترك الأشياء والأهل والبلد حتى توجد فيهم مادة النفر في سبيل الله تعالى من جديد ولا يبقى أمام الأمة المسلمة أي حاجز أو عائق عن النفر والخروج في سبيل الله" أ. هـ.

قلت: ثم بعد ذكر الشيخ هجرة الصحابة إلى الحبشة ثم قال:

الفائدة:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير