تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

للدعوة فكل ما ذكرته واضح، ولكن للعلماء دون غيرهم، وأما أن تلحق العوام بالعلماء فهذا فيه نظر وهو قياس مع الفارق.

ومن هنا ينشأ الإشكال الثاني ألا وهو هل كان الرسول r يخرج العوام للدعوة إلى الله؟

فأقول وبالله التوفيق: إن خروج العوام في زمنه r ثابت حيث أنه r كان يأتيه الأعرابي فيعلمه r شرائع الإسلام ثم يرسله إلى قومه فيرجع إلى قومه يدعوهم إلى ما قد علمه من النبي لتقرير ذلك إليك هذين الحديثين اللذين أخرجهما البخاري في صحيحه في باب "ما جاء في العلم" حدثنا عبد الله بن يوسف قال حدثنا الليث عن سعيد هو المقبري عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر أنه سمع أنس بن مالك يقول: "بينما نحن جلوس مع النبي r في المسجد دخل رجل على جمل فأناخه في المسجد ثم عقله ثم قال لهم: أيكم محمد والنبي r متكئاً بين ظهرانيهم فقلنا هذا الرجل الأبيض المتكئ فقال ابن عبد المطلب فقال له النبي r قد أجبتك فقال الرجل إني سائلك فمشدد عليك بالمسألة فلا تجد على نفسك فقال سل عما تريد فقال: أسألك بربك ورب من قبلك آلله أرسلك إلى الناس كلهم فقال: اللهم نعم. قال: أناشدك بالله آلله أمرك أن نصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة فقال: اللهم نعم. قال: أناشدك بالله آلله أمرك أن نصوم هذا الشهر من السنة. قال: اللهم نعم. قال: أناشدك بالله آلله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا فتقسمها على فقرائنا. فقال: اللهم نعم. فقال الرجل: آمنت بما جئت به وأنا رسول من ورائي من قومي وأنا ضمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر".

وهذا الحديث واضح على ما ذكرت من أن العامي يقوم بالدعوة إلى الله حيث أن النبي r علم ضمام فرائض الإسلام وبعد ذلك ذهب ضمام إلى قومه يدعوهم إلى الله -عز وجل- وإلى الإسلام والدليل على أن ضماما -رضي الله عنه- لم يكن من العلماء ما يأتي:

أولاً: أنه سأل رسول الله r عن أصول الشريعة كسؤاله للنبي r آلله أرسلك إلى الناس كافة وكذلك سؤاله عن فرائض الشرع تدل دلالة واضحة على أنه عامي يتثبت من النبي عن ذلك، حيث أنه ثبت في صحيح مسلم عن ثابت () عن أنس أن ضماما قال للنبي (فإن رسولك زعم) وهذا لا شك ليس شأن العالم والدليل على أن ضماماً لم يكن عالم () أوضح من أن يستدل عليه كسؤاله عن الصلاة والزكاة وغيرها فأنت ترى أن النبي أجاز لضمام أن يقوم بالدعوة مع أن العلماء الذين أرسلهم النبي قد قاموا بهذه المهمة فدل ذلك على أن العامي يشرع له القيام بالدعوة وهو مدار المسألة. وأما الحديث الثاني الذي يبين أن النبي r كان يرسل العوام للدعوة ففيما أخرجه البخاري في كتاب العلم تحت باب "تحريض النبي وفد عبد القيس على أن يحفظوا الإيمان والعلم ويخبروا من ورائهم".

قال البخاري حدثنا محمد بن بشار قال حدثنا غندر قال حدثنا ثعلبة عن أبي جمرة قال كنت أترجم بين ابن عباس وبين الناس فقال: إن وفد عبد القيس أتوا النبي r فقال: "من الوفد أو من القوم. قالوا: ربيعة. فقال: مرحباً بالقوم أو بالوفد غير خزايا ولا ندامى. قالوا: إنا نأتيك من شقة بعيدة، وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر، ولا نستطيع أن نأتيك إلا في شهر حرام، فمُرنا بأمر نخبر به من ورائنا ندخل به الجنة. فأمرهم بأربع. أمرهم بالإيمان بالله 0عز وجل- وحده قال: تدرون ما الإيمان بالله وحده؟ قالوا: الله أعلم ورسوله قال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وتعطوا الخمس من المغنم، ونهاهم عن الدباء والحنتم والمزفت. قال شعبة ربما قال النقير وربما قال المقير. احفظوه وأخبروا من ورائكم".

ووجه الدلالة واضح جداً لقيام العامي بالدعوة إلى الله حيث أن النبي إنما اكتفى بتعليمهم أركان وفرائض الإسلام، ثم أمرهم بالدعوة وتبليغ العلم، وأنت ترى أن الإمام البخاري قال في تبويبه "باب ترغيب النبي وفد عبد القيس على أن يحفظوا الإيمان والعلم ويخبروا من ورائهم" فقال البخاري: والعلم مع أنهم إنما قاموا بجزء من العلم لا غالبه، فدل ذلك على أن المسلم يقوم بتبليغ ما علمه من أجزاء العلم وإن قل وإن كان غير عالم، ولكنه لا يدعو إلا لما يعلم دون ما لا يعلم، ولما تكلم الإمام النووي في شرحه لمسلم عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بين أن الأمر والنهي يختلف باختلاف الشيء فقال: "فإن كان من الواجبات

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير