تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إلى أن أوضح الشاطبي فقال: "فمن ذلك أن النبي r سئل في أوقات مختلفة عن أفضل الأعمال وخير الأعمال وعرف بذلك في بعض الأوقات من غير سؤال فأجاب بأجوبة مختلفة كل واحد منها لو حمل على إطلاقه أو عمومه لاقتضى مع غيره التضاد في التفصيل ففي الصحيح أنه r " سئل أي الأعمال أفضل. فقال: إيمان بالله. قال: ثم ماذا؟ قال: الجهاد في سبيل الله. قال: ثم ماذا؟ قال: حج مبرور". وفي النسائي عن أبي أمامة قال أتيت النبي r فقلت مرني بأمر آخذه عنك فقال: "عليك بالصوم فإنه لا مثل له" في الترمذي: أي الأعمال أفضل درجة عند الله يوم القيامة. قال: "الذاكرين الله كثيراً والذاكرات" إلى أن قال الشاطبي: وفي مسلم أي المسلمين خير. قال: "من سلم المسلمون من لسانه ويده" وفيه سئل أي الإسلام خير. قال: "تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف" وفي الصحيح: "وما أعطي أحد عطاءً هو خير وأوسع من الصبر" وفي الترمذي: "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" وفيه: "أفضل العبادة انتظار الفرج" إلى أشياء من هذا النمط جميعها يدل على أن التفصيل ليس بمطلق ويشعر إشعاراً ظاهراً بأن القصد إنما هو بالنسبة إلى الوقت أو إلى حال السائل" أ. هـ.

وإنما مقصدي من هذا النقل الذي نقلته لك عن الشاطبي -رحمه الله- أن نفهم أن إعطاء وسائل تربوية قد يكون بحسب النظر إلى حال الناس أو حسب الوقت ولا يعني ذلك تخصيص ولا نفي لبقية شرائع الدين فمثلاً توجيهه r للشباب بقوله: "يا معشر .. فعليه الصوم" () لا يفهم منه صوم فقط وكذلك توجيهه r لبعض الصحابة للذكر والقرآن وإطعام الطعام وإقراء السلام كل ذلك كذلك إذن لا مانع أن يجتهد بعض أهل العلم كالقائمين بعمل التبليغ فيقولوا نجتهد على ست صفات حتى يأتي فينا بقية الدين فهذه وسائل وليس كل الدين وهذه بمثابة تعليم النبي r وسائل للسائل حتى يرقى من خلالها إلى لب الدين فكما أن توجيه أبي القاسم لبعض أصحابه لأن يلتزموا بصفات معينة لا يلزم منه حصر الدين في هذه الصفات فكذلك توجيه أهل العلم للعوام بصفات معينة لا يعني حصر الدين في صفات وإنما هذه وسائل شرعية لمقصد شرعي ونظر اجتهادي مصلحي للتربية والتعليم والحمد لله رب العالمين وأما عن حضور يوم الخميس فهذا ليس بشيء وسيأتي الجواب عليه ضمن مناقشتي مع بعض مشائخ التبليغ.

وأما انتقاد المنتقد لهذه الجماعة بأنهم لا يجمعون التبرعات الخ .. فجوابه أن ذلك يدخل ضمن ردي على من قال أن هذه الجماعة لا يستخدمون المنشورات وملخص الجواب أن ذلك وهو جمع المال لمصلحة شرعية يدخل في الفروض الكفائية التي لا تلزم كل أحد القيام بها. ثم أقول من أين علم المنتقد أنهم لا يفعلون ذلك؟ فإن قال لعدم ظهورها. قلت إن عدم ظهورها لا ينفي وجودها لأن مثل هذه الأعمال لا يلزم إظهارها ثم إنهم يقولون إننا لو فتحنا مجال التبرعات وأظهرناه لظن الناس أن مقصدنا المال فعند ذلك يعطوهم المال ويجلسون في بيوتهم وليس هذا من مقصد الجماعة قط.

خلاصة الأمر أن هذا من أضعف الانتقادات الموجهة إليهم. والله أعلم.

وأما قول المنتقد لماذا لا تقوم هذه الجماعة بتدريس مسائل الدين ويهتمون بالفضائل فقط فالجواب من عدة أوجه:

أولاً: أن هذا الانتقاد لا بد أولاً أن يقيد (ضمن خروجهم) وإلا فإنهم في مدارسهم في الهند والباكستان يُدّرسون المسائل.

ثانياً: لا بد من بيان حول هذا الانتقاد ومراد السائل هل يقصد بالمسائل المسائل العينية كتعليم الوضوء والصلاة مثلاً أم يقصد الخلافية فإن قصد الأول فقوله باطل لأننا نرى تاركي الصلاة يخرجون معهم فيعلمونهم ما لا بد منه من الأحكام وهذا الأمر أوضح من إيراد الوقائع للدلالة عليه فهو واضح أشد الوضوح في دعوتهم.

وإن كان يقصد الثاني فعند ذلك نقره على هذا الخبر حيث أنه عُلِم أنه من أصولهم ترك الخوض في الخلافيات. فعند ذلك يأتي الجواب فأقول 'ن هذا له وجهين من النظر أولهما العوام، ثانيهما العلماء.

أما الأول فلا يرد عليه النقد لأن عوامهم لا مدخل لهم في الخلافيات ولا الإنكار فيها وأما الأمور الواضحة فإنهم يجتهدون فيها ويبينوها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير