وهاهنا مسألة وهي أن الشيخ الهلالي ذكر في أثناء بحثه عشرة شيوخ وقال أنهم من مشائخ التبليغ وكبراءهم مع أنهم ليسوا من مشائخ التبليغ كما سيأتي النقل في ذلك عن بعض علماء التبليغ، فهذا يجعلني لا أعتمد على من يقول فيهم الشيخ الهلالي أنهم مشائخ التبليغ، والله أعلم.
ثم بدأ الشيخ الهلالي بتلخيص جزء لمحمد أسلم فقال:
مبادئ جماعة التبليغ
الأسس والمبادئ التي دعا إليها محمد إلياس الحنفي الديويندي بعد إنشاء جماعة التبليغ هي:
1 - الكلمة الطيبة لا إله إلا الله محمد رسول الله.
2 - إقامة الصلوات.
3 - العلم والذكر.
4 - إكرام كل مسلم.
5 - الإخلاص.
6 - النفر في سبيل الله. أ. هـ.
وقبل أن أبدأ بنقل ما علق الشيخ الهلالي على هذه المبادئ لا بد من بيان أمر هام وهو أن ما ذكره الشيخ محمد أسلم -رحمه الله- من ذكر هذه الصفات الستة حق لا مرية فيه إلا أنه لا بد أن نقول إنهم يقولون: "أن هذه الأشياء وسائل لإقامة الدين" وهذا هو الذي قاله الشيخ إلياس في رسالته التي أرسلها إلى الملك عبد العزيز الأول وقد تقدم ذلك.
ثم بدأ الشيخ الهلالي بالتعليق على ما كتبه الأخ محمد أسلم فقال: "قال "محمد تقي الدين":
1 - الكلمة الطيبة لا إله إلا الله محمد رسول الله:
فإنها لا تنفع إلا من قالها بلسانه وعرف معناها واعتقد بقلبه. وعمل بكل ما تقتضيه، فإن أبا بكر الصديق ومعه أصحاب رسول الله r كلهم قاتلوا بني حنيفة قتال الكفار وسبوا ذريتهم وغنموا أموالهم وهم يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله، ويصومون ويصلون ويحجون، لما امتنعوا من أداء الزكاة لخليفة رسول الله r لأن أداء الزكاة لخليفة رسول الله من مقتضيات شهادة أن لا إله إلا الله محمد رسول الله، ومن مقتضياتها أيضا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن مقتضياتها أيضاً الحب في الله والبغض في الله والموالاة في الله، والمعاداة في الله" أ. هـ.
أقول: وكل هذا حق لا مرية فيه، ولكن لننظر ما الذي توصل به الشيخ من هذا الكلام النفيس، يقول الشيخ بعد أن ذكر ما تقدم: "فمن والى أعداء الله المشركين عبّاد القبور وأصحاب الطرائق المتصوفة الضالة، ودعا إلى بدعة السياحة المقتبسة من دين البراهمية، وأبى أن يصلي صلاة رسول الله r واكتفى بصلاة المذهب الحنفي وهي مخالفة لصلاة رسول الله r ، ويضاف إلى ذلك أن الإفتاء بالتقليد والقضاء بالتقليد من الشرك الأكبر" ثم يختتم المؤلف تعليقه فيقول: "فظهر بهذا أن القاعدة الأولى من قواعدهم وهي الشهادتين. لا تصح مع تقليدهم للمذهب في العبادات والعقائد وتقليدهم المتصوفة في السلوك".
أقول بالنسبة لما يقوله أهل التبليغ في الشهادتين فقد تقدم ذلك في الفصل الثاني، فليرجع إليه، ولكن هاهنا نقاط أرى أنه من الواجب بيانها، وفيما يلي ذكرها ..
اتهام المؤلف لهم أنهم يفتون بالتقليد، وكذلك اتهامه لهم أنهم يكتفون بصلاة الأحناف. ولا يصلون صلاة الرسول r.
أما بالنسبة للاتهام الأول فهو غلط، حيث أن المؤلف لم ينقل ذلك عنهم نصّاً، ومثل هذا فهو غير مناسب عند أهل العلم كما تقدم مثله كثير. وكذلك فإن المعلوم من مشائخ أهل التبليغ وجماعاتهم أن من أهم أصول دعوتهم "عدم التدخل في الخلافيات والفتاوى".
يقول الشيخ بالمبوري: "ونحن نحذركم ألا تتدخلوا في الفتوى بل نُحّول السائل إلى أهل العلم في بلده".
وقول الشيخ الهلالي: "أنهم يفتون بالتقليد" فهذا غير ثابت لأنه كسابقه لم يُنقل عن معيّن يرده، كذلك الآتي وهو أنني سألت الشيخ زين العابدين فقلت له: ما رأيكم يا شيخ بالمذاهب الأربعة؟ فقال: كلها طيبة. قلت: فإذا جاء حديث رسول الله r ورأيته مخالفٌ لمذهبي ماذا أفعل؟
قال: ارجع إلى أهل العلم في مذهبك من الشافعية لعل هذا الدليل يكون حجة للشافعية لا عليهم.
قلت: فإذا تيقنت أن المذهب مخالف للحديث ماذا أفعل .. ؟
قال: دع مذهبك واتبع الحديث.
هذا بالنسبة للاتهام الأول الذي ذكره الشيخ الهلالي.
أما بالنسبة للاتهام الثاني وهو أن جماعة التبليغ يصلون صلاة المذهب الحنفي، وجواب ذلك فيه شيء من التفصيل.
¥