وأما ما قاله المؤلفان إن جماعة التبليغ يحتجون بالرؤيا: فقد سألت الشيخ الحمداوي فقلت: هناك من يقول إن جماعة التبليغ يحتجون بالرؤيا فما رأيكم؟
فقال: هذا بهتان على الجماعة نحن لا نقول بهذا، ولا قاله أحد من الأئمة، والرؤيا عمل بها الجماعات الصوفية كالتيجانية، ولكن ليس هناك من الأئمة من يقول هذا، والشيطان يُلبّس عليهم حتى أنهم يدّعون أنهم يرون رسول الله في الحقيقة، ولكن نحن لا نقول بهذا، بل هذا لا يجوز ولا أحد يقول بهذا، وابن تيمية تصدى له، وليس عندنا مذهب يخالف السلف، والسلف لا يقولون بهذا، والذي ينسب هذا إلى الجماعة، فهذا كذب على هذه الجماعة لأنه لم يعرف منهجها" أ. هـ.
وأما قول المؤلفين أن الجماعة تحتج بالكثرة؟
فجوابه: يقول الشيخ بالمبوري: "يا جماعة الدعوة لا يأتي في قلوبكم أن جميع الأحزاب قليلون ونحن كثيرون!! فإذا يأتي هذا في قلوبنا يحصل كما حصل في حنين"
قلت: فأين هذا من قول المؤلفين هداهما الله.
فائدة: وجه المؤلفان في كتابهما "طريقة التبليغ" لجماعة التبليغ ووقع أثناء كلامهما الآتي:
جـ -الحفظ- وحفظهما:
1 - وهو وسيلة للحفاظ على العلم من الضياع، أو أن تتطرق إليه آفة النسيان فيدخل في الحديث ما ليس منه، وهذا دليل على عدم جواز رواية الحديث بالمعنى.
ويقول المؤلفان في الصفحة التالية في ردّهما على الذين قالوا بعدم الاحتجاج بالحديث باللغة: "والتي أسسوها على ثلاثة أركان هشة" ثم ذكرا الأول منها ثم قالا:-
2 - جواز رواية الحديث بالمعنى، وفيما سبق دليل قاطع على أن هذا افتراء، فرسول الله اشترط الحفظ في الراوي، وأن يُبلّغ الحديث كما سمعه دون زيادة أو نقصان، فكيف ينقُضون شرطاً اشترطه الصادق الأمين" أ. هـ.
أقول إن قولهما - على جواز رواية الحديث بالمعنى - افتراء تسرع منهما يقول الحافظ العراقي في ألفيته:
وليرويَ باللفظ من لا يعلمُ
أجاز بالمعنى وقيل لا الخَبَرْ
مدلولها وغيره فالمُعْظَمُ
والشيخ في التصنيف قطعاً قد حَظَرْ
يقول السخاوي -رحمه الله-: "والمعتمد الأول وهو الذي استقر عليه العمل، والحجة فيه أن في ضبط الألفاظ والجمود عليها ما لا يخفى من الحَرَجِ والنَّصَبِ المؤدي إلى تعطيل الانتفاع بكثير من الأحاديث، حتى قال الحسن: لولا المعنى ما حدثنا.
وقال الثوري: لو أردنا أن نحدثكم بالحديث كما سمعناه ما حدثناكم بحرف واحد.
وقال وكيع: إن لم يكن المعنى واسعاً فقد هلك الناس.
وأيضاً فقد قال الشافعي: "وإذا كان الله -عز وجل- برأفته بخلقه أنزل كتابه على سبعة أحرف مُعَرِّفَةً منه، بأن الحفظ قد يَزِلَّ لتحلّ لهم قراءته، وإن اختلف لفظهم فيه ما لم يكن في اختلافهم إحالةُ معنىً، كان ما سوى كتاب الله أولى أن يجوز فيه اختلاف اللفظ ما لم يحل معناه …" أ. هـ كلام السخاوي.
وممن ذهب إلى جواز ذلك من السلف يحيى بن سعيد القطان والزهري وحماد بن سلمة وغيرهم من أهل العلم، كما نقل ذلك عنهم السخاوي -رحمه الله-.
وأما استدلال المؤلفين على عدم رواية الحديث بالمعنى بحديث "نضّر الله امرءاً" والذي في بعض طرقه حفظها".
يقول السخاوي (): "وحديث نضّر ال"له ربما يتمسك به للجواز لكونه مع ما قيل أنه r لم يحدث به سوى مرة واحدة":-
رُوِيَ بالألفاظ مختلفة: "كرم الله، ومن سمع، ومقالتي، وبلّغه وأفقه، ولا فقه له، مكان نضر الله، وامرؤ، ومنا حديثاً، وأدّاه، وأوعى، ليس بفقيه" أ. هـ.
قلت: وغاية ما في الحديث أنه يدّل على الاستحباب فقط، إذ أنه لا يحمل في منطوقه ولا مفهومه ما يمنع من رواية الحديث بالمعنى، وإن كان الأفضل أن يأتي به الراوي كما هو حتى تناله بركة دعاء النبي r والله أعلم بالصواب.
توضيح ما كتبه مؤلف رسالة الطريق
إلى جماعة المسلمين
وكان من بين من تكلّم في جماعة التبليغ مؤلف رسالة "الطريق إلى جماعة المسلمين" وسنكتفي بتوضيح ما لم يرد ذكره في بحث الشيخ الهلالي.
يقول المؤلف -رحمه الله- تحت عنوان بعض أفكار جماعة التبليغ:
ز- لا يرون أن يدعو الفرد منهم في نفس البلد التي هو منها، بل على أهل المدينة الفلانية أن يدعو أهل المدينة الفلانية الأخرى، والعكس … مُعلّلين ذلك بما يلي:
1 - بأن الله تعالى يقول:] كنتم خير أمة [() إلى خارج بلادها.
¥