تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قُلْتُ: فَإِذَا كَانَ الْمُغِيْرَةُ الأَزْدِيُّ الَّذِي تَوَحَّدَ ابْنُ حِبَّانَ بِتَوْثِيقِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ غَيْرُهُ جَرْحَاً وَلا تَعْدِيلاً، وَلَمْ يُفَسَّرْ سَبَبٌ يَسْقُطُ بِهِ حَدِيثُهُ مِمَّنْ تَطْمَئِنُ النَّفْسُ لِتَصْحِيحِ حَدِيثِهِ وَقَبُولِهِ، فَهَلْ اخْتَلَفَ حَالُهُ عَنْ حَالِ سَالِفِهِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ؟؟.

وَلا يَنْبَغِي أَنْ يَفُوتُكَ أَنَّ قَوْلَهُ عَنِ الْمُغِيْرَةِ: «لا يُعْرَفُ بِمَا يَسْقَطُ حَدِيثُهُ» إِذَا كَانَ دَلِيلاً عَلَى تَوْثِيقِهِ وَتَصْحِيحِ رِوَايَتِهِ، فَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولُ عَنْهُ كَمَا قَالَ الأَلْبَانِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ «فَهَلْ عَلِمْتَ فِيهِ تَوْثِيقَاً؟، فَإِنَّ عَدَمَ الْجَرْحَ لا يَسْتَلْزِمُ التَّوْثِيقَ كَمَا لا يَخْفَى، فَالأَحْسَنُ فِى الإِفْصَاحِ عَنْ حَالِهِ الْقَوْلُ بِأَنَّهُ: لا يُعْرَفُ حَالُهُ»!!.

وَهَذَا الْقُوْلِ لَيْسَ لَنَا، وَلا مِنْ مَذْهَبِنَا فِي جَرْحِ الرِّجَالِ، وَتَوْهِينَ الأَخْبَارِ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ إِلْزَامِ الشَّيْخِ بِلازَمِ قَوْلِهِ، لِئَلا تَتَضَارَبَ أَحْكَامُهُ عَلَى الأَشْبَاهِ وَالنَّظَائِرِ، وَإِلاَّ فَقَبُولُ رِوَايَةِ كُلٍّ مِنَ الْمُغِيْرَةِ وَإِبْرَاهِيمَ، وَاعْتِمَادِ تَوْثِيقِهِمَا هُوَ الرَّاجِحُ عِنْدَ النَّظَرِ الصَّحِيحِ، فَلَيْسَ بَيْنَهُمَا تَبَايُنٌ بِحَالٍ تُوجُبُ الْفَرْقَ فِي الْحُكْمِ، وَإِنْ كَانَ ثَمَّ اخْتِلافٌ يُذْكُرُ، فَالْمُغِيْرَةُ قَدْ تَنَاوَلَهُ بَلَدِيُّهُ أَبُو الْفَتْحِ الأَزْدِيُّ بِالْجَرْحِ، وَأَمَّا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَارِثِ الْجُمَحِيُّ فَلَمْ يُصَبْ بِأَدْنَى جَرْحَةٍ.

وَنَزِيدُكَ إِيْضَاحَاً بِمِثَالٍ ثَانٍ، وَهُوَ حَدِيثُ «جَاءَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَلَمَةَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَبَقِيَ مِنْ بِرِّ أَبَوَيَّ شَيْءٌ أَبَرُّهُمَا بِهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا؟، فَقَالَ: نَعَمْ، الصَّلاةُ عَلَيْهِمَا، وَالاسْتِغْفَارُ لَهُمَا، وَإِنْفَاذُ عَهْدِهِمَا مِنْ بَعْدِهِمَا، وَصِلَةُ الرَّحِمِ الَّتِي لا تُوصَلُ إِلاَّ بِهِمَا، وَإِكْرَامُ صَدِيقِهِمَا».

أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ (3/ 497)، وَالْبُخَارِيُّ «الأَدَبُ الْمُفْرَدُ» (35)، وأَبُو داوُدَ (5142)، وَابْنُ مَاجَهْ (3664)، وَالرُّويَانِيُّ «الْمُسْنَدُ» (1460)، وَابْنُ حِبَّانَ (419)، وَالطَّبَرَانِيُّ (19/ 267/592) و «الأَوْسَطُ» (8/ 65/7976)، وَالْحَاكِمُ (4/ 154)، وَالْبَيْهَقِيُّ «الْكُبْرَى» (4/ 28) و «شُعَبُ الإِيْمَانِ» (6/ 199/7896)، وَالْخَطِيبُ «مُوَضِّحُ الأَوْهَامِ» (1/ 76،77)، وَالْمِزِّيُّ «تَهْذِيبُ الْكَمَالِ» (21/ 56) جَمِيعَاً مِنْ طَرِيقِ أَسِيدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدٍ مَوْلَى بَنِي سَاعِدَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي أُسَيْدٍ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ السَّاعِدِيِّ مَرْفُوعَاً.

قَالَ أبُو عَبْدِ اللهِ الْحَاكِمُ النَّيْسَابُورِيُّ: «صَحِيحُ الإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ»، وَأَقَرَّهُ الْحَافِظ الذَّهَبِيُّ.

قُلْتُ: وَهُوَ كَمَا قَالا، فَهَذَا إِسْنَادٌ رِجَالُهُ ثِقَاتٌ كُلُّهُمْ؛ غَيْرُ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ السَّاعِدِيِّ، تَفَرَّدَ بِالرِّوَايَةِ عَنْهُ ابْنُهُ أَسِيدٌ. وَذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي «الْجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ» (6/ 195/1072)، فَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ جَرْحَاً وَلا تَعْدِيلاً.

وَقَدْ ذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي «الثِّقَاتِ» (5/ 166/4396)، وَاحْتَجَّ بِهِ فِي صَحِيحِهِ.

وَأَمَّا الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ، فَقَالَ «السِّلْسِلَةُ الضَّعِيفَةُ» (2/ 62): «هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ، رِجَالُهُ ثِقَاتٌ كُلُّهُمْ غَيْرُ عَلِيِّ بْنِ عُبَيْدٍ مَوْلَى أَبِي أُسَيْدٍ، لَمْ يُوَثِّقْهُ غَيْرُ ابْنِ حِبَّانَ، وَلَمْ يَرْوِ عَنْهُ غَيْرُ ابْنِهِ أَسِيدٍ، وَلِهَذَا قَالَ الذَّهَبِيُّ: لا يُعْرَفُ، وَقَالَ الْحَافِظُ: مَقْبُولٌ اهـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير