تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإن كانت المخالفة بتوثيق راوٍ ضعفه أو تركه غيره؛ فمن المعلوم والمتقرر لدى أهل العلم بالحديث ورجاله أنَّ اختلاف الأئمة في الرواة تعديلاً و تجريحاً من أظهر ما يكون فالمطالع لـ (تهذيب الكمال) للحافظ المزي مثلاً يجد أمثلة كثيرة جداً جداً في هذا الباب، وهذا مبني على اختلاف اجتهاداتهم، ونظرهم، وإذا كان الأمر كذلك فإنَّ الأمر ينظر له بمنظار قواعد أهل العلم عند تعارض الجرح والتعديل بين النقاد، وهي قواعد يعرفها أهل الفنِّ!.

ثالثاً: مما يدلُّ على اعتبار أهل العلم بتوثيق الحافظ العجلي.

تقدم في الترجمة المختصرة للحافظ العجلي مكانته وتقدمه في الفن، وأن كتابه في (الجرح والتعديل) كتاب عظيم النفع دال على سعة حفظه واطلاعه، لذا فقد مضى الأئمة على اعتماد أقوال العجلي، وحكايتها، بل والرد على من جهَّل راوياً وثبت توثيق العجلي له.

ومما يذكر في هذا المقام أنَّ الإمام الذهبي قد ذكره وعدَّه من الأئمة المعتمدين في الجرح والتعديل في كتابه (ذكر من يعتمد قوله في الجرج والتعديل) (الطبقة الخامسة: رقم 286/ص179) وأول مَنْ ذكر في هذه الطبقة الإمام البخاري.

و ذكره أيضاً الحافظ السخاوي في كتابه (الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ) فصل (المتكلمون في الرجال) (344)، وكذا في كتابه الماتع (فتح المغيث) (4/ص 358 - ط علي حسين) مبحث (معرفة الثقات والضعفاء).

و سأعرض هنا جملة من العلماء أُدلل بهم على ما قدَّمتُ قبلُ:

/ شيخ الإسلام أحمد بن عبدالحليم الحراني (ت 728هـ)، في مواطن من كتبه، فمثلاً:

أ/ قال في (اقتضاء الصراط المستقيم) (1/ص236):" وأما عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان: فقال يحيى ابن معين وأبو زرعة وأحمد بن عبدالله: ليس به بأس .. ".

قلت: أحمد بن عبدالله هو العجلي، فأنت تراه يعول على كلام العجلي وينقله من غير وصمه بالتساهل أو نحوه.

ب/ وقال أيضاً (المصدر السابق) (1/ 237):" وأما أبو منيب الجرشي: فقال فيه أحمد بن عبدالله العجلي: هو ثقة، وما علمت أحداً ذكره بسوء وقد سمع منه حسان بن عطية، وقد احتج الإمام أحمد وغيره بهذا الحديث".

قلت: لم يذكر شيخ الإسلام أحداً وثقه إلا العجلي، فنقل قوله من غير تعقب, معتمداً عليه!!

ج/ وقال أيضاً كما في (مجموع الفتاوى) (24/ 349) مجيباً عمن تكلم في راوٍ يسمى: عمر بن أبي سلمة، بأنَّ شعبة تركه، وتكلم فيه بعض الأئمة، فقال:" الجواب على هذا من وجوه:

أحدها: أن يقال كل من الرجلين قد عدَّله طائفة من العلماء، وجرحه آخرون، أما عمر فقد قال فيه أحمد بن عبدالله العجلي: ليس به بأس، وكذلك قال يحيى بن معين: ليس به بأس، وابن معين وأبو حاتم من أصعب الناس تزكية .. ".

قلت: ظاهر من كلامه اعتماده في الجواب على قول العجلي وابن معين، في معارضة من جرَّحه!.

2/ الإمام الحافظ مؤرخ الإسلام شمس الدين أحمد بن عثمان الذهبي (ت741هـ)، تكلم في مواطن من كتبه، ففي بعضها اعتماد على توثيقه حيث يقول (وثقه العجلي) ويسكت ولا يتعقب، ومنها ما يعتبر قوله في الراوي جرحاً أو تعديلاً ويحكيه مع أقوال أئمة آخرين، فمثلاً:

أ/ أبان بن إسحاق المدني، ترجم له في (الميزان) (1/ص5) وقال:" قال ابن معين وغيره: ليس به بأس، وقال أبو الفتح الأزدي: متروك. قلت- أي الذهبي-: لا يترك، فقد وثقه أحمد العجلي، وأبو الفتح يسرفُ في الجرح وله مصنف كبير إلى الغاية في المجروحين، جمع فأوعى، وجرح خلقاً بنفسه لم يسبقه أحد إلى التكلم فيهم، وهو المتكلم فيه".

تنبيه: حصل في المطبوع من (الميزان) خطأ، حيث جاء فيه (وثقه أحمد والعجلي) فالواو زائدة، وهي خطأ، ينظر تعليق الدكتور بشار عواد على (تهذيب الكمال) للحافظ المزي (2/ص6) ترجمة (أبان بن إسحاق).

ب/ أسلم بن الحكم، ترجم له في (الكاشف) (1/رقم 343/ 242) وقال:" .. وثَّقه العجلي".

فلم ينقل توثيقه عن غيره!

ج/ عبدالله بن فروخ، عن مولاته عائشة، ترجم له في (الميزان) (2/ رقم4505/ 471) مصدراً قول أبي حاتم فيه وهو:" مجهول" ثم علَّق فقال:" قلتُ: بل صدوق مشهور، حدث عنه جماعة، وثَّقه العجلي، وما ذكر أبو حاتم له إلا راوياً واحداً، وهو مبارك بن أبي حمزة الزبيدي، وقال: مبارك أيضاً مجهول.". ينظر قول أبي حاتم في (الجرح والتعديل) لابنه (5/رقم638/ 137).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير