تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو حبيب التتاري]ــــــــ[10 - 03 - 10, 11:26 م]ـ

وأيضاً قد شاء من الفقهاء الرجوع عن قول إلى قول فهذا القول الذي يخالف الخبر الصحيح يجوز أن يكون قولاً مرجوعاً عنه فيكون كلا قول فكيف يترك الحديث الثابت بإسناده لاحتمال النسخ ولا يترك الرواية الخالية عن السند لاحتمال رجوع قائله بل الظاهر أنه لم يبلغه الحديث ولو بلغه لرجع إليه أو كان ذلك المروى مذهبه فبلغه الحديث وترك مذهبه بالحديث ورجع إليه إحساناً للظن به فإنه إن خالف الحديث لقلة المبالاة والتهاون به سقط عدالته فلا يقبل روايته وفتواه وكذلك قولهم يترك النص لاحتمال كونه مؤولاً قلنا احتمال التأويل إما أن يكون ناشياً عن قرينة أو خفاء فيه كما إذا كان مشتركاً أو مشكلاً أو مجملاً مثلاً أو لا فإن كان الثاني فلا عبرة للاحتمال أصلاً إذ المراد من الكلام ظاهره عند خلوه عن قرينة تصرفه عنه والعقلاء لا يستعملون الكلام في خلاف الأصل عند عدم القرينة وإلا لبطل فائدة التخاطب والفرار عن ظل جدار غير مايل لتوهم السقوط ينسب إلى السفه ولا كذلك إا كان مايلاً وإن كان الأول فإن قدر على ترجيح أحد المعاني المحتملة بالرأي فيعمل بها ترجح عنده وإن لم يقدر على الترجيح وكان جواب المسئلة مما اشتهر وظهر وانجلى عن أصحابنا ارجو أن يسع الاعتماد عليه والعمل به إنشاء الله تعالى ألا ترى إلى قول العلماء أن التمسك في الأصول بالكتاب والسنة وإجماع الأمة مع المجانبة عن الهوى والبدعة وفي الفروع بالمجمع عليه ثم بالأحوط ثم بالأوثق دليلاً ثم بقول من ظن أنه أعلم وأورع.

وأيضاً كما أن التأويل محتمل في الحديث كذلك يحتمل في فتوى الفقيه فإن جاز فهم المراد من الفتوى لظهوره جاز فهم المراد من الحديث أيضاً لظهوره وليس الفقيه بأقدر على التفهيم من النبي صلى الله عليه وسلم فهذا القول الذي أحدثوه وحكيناه عنهم من لزوم الإعراض عن سنن النبي وأحاديثه صلى الله عليه وسلم بالشبه التي وصفناها أحقر وأصغر من أن ينقل ويثار ذكره إذ هو قول محدث وكلام خلف يستنكره أهل العلم وحججهم داحضة عند العقلاء وأما الحمقى فلا يلتفت إليهم فلا حاجة في رده بأكثر مما شرحنا إذ قدر المقالة وقائليها القدر الذي وصفناه والله المستعان على دفع ما خالف السنة ومذهب أهل السنة وعليه التكلان واعلم وفقط الله وإيانا لمرضاته أن الواجب على كل أحد يقدر على التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها وثقات الناقلين لها عن غيرهم أن لا يعمل إلا بما يعرف صحتها والستارة في ناقليها والدليل على ما قلنا قول الله عزوجل يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا وأخرج مسلم عن ابن سيرين أنه قال رضي الله عنه إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم.

ـ[أبو حبيب التتاري]ــــــــ[25 - 03 - 10, 05:27 م]ـ

ويجب الاجتهاد في ترجيح الروايات من الأحاديث والفتاوى بطرقه ووجوهه والذي يوجبه قوله تعالى ولا ـــــ ما ليس لك به علم حتى احتج به من منع اتباع الظن رأساً وأجابوا عنه بأن المراد بالعلم هو الاعتقاد الراجح المستفاد من سند سواء كان قطعياً أو ظنياً واستعماله بهذا المعنى شايع والقرينة على كون المراد ذلك إجماع الصحابة رضي الله عنهم على التعبد بأخبار الآحاد والقياس وهما لا يوجبان الأغالب الظن وعلى ذلك جرت سنة التابعين وفقهاء الحرمين والكوفة والبصرة ومن بعدهم من الفقهاء كما تواردت النقول عنهم في كتب الأصول والفروع وأيضاً أتباع الظن الراجح المستند إلى مأخذ شرعي إتباع الدليل القاطع الذي يوجب العمل به وهو إجماعهم على وجوب التعبد بخبر الواحد والقياس وإذا كان الأمر كما وصفنا لابد لنا من معرفة أمور فلنبين كلاً منها في فصل.

الفصل الأول

في بيان الأخبار وأحوال الرواة واعلم أن الأحاديث في عصرنا هذا قد ضبطت وجمعت في الكتب وأسندها الأئمة المشهورون بالنقل في كتب دوّنوها مخافة أن تنقطع سلسلتها لما ضاق دائرة حفظ الناس وفصر هممهم فطريق معرفة الحديث في تلك الأعصار هو الرجوع إلى كتب الأئمة الموثوق بهم في علم الحديث فالصحيح ما صححوه والضعيف ما ضعفوه والبحث عن أحوال الرواة في زماننا هذا كالمتعذر لطول المدة وكثرة الوسايط ولا يشترط في الرجوع إلى السنن المعتبرة أن يكون لها بها رواية إلى مؤلفيها لما ذهب إليه الفقهاء كافة من أنه لا يتوقف العمل بالحديث على سماعه بل إذا صحت عنده النسخة من الكتب المعتمدة التي صحت نسبتها لمؤلفيها كالكتب الستة وغيرها ثبت الاحتجاج بها والعمل بمضمونها واعتبار مجموع ما ذكره أهل الحديث من الشروط في رواة الحديث ومشايخه قد تعذر الوفاء بها في هذا الزمان فلو شرطنا ما شرطوا لأدى إلى تعطيل الأحاديث والواجب علينا المحاذرة من انقطاع طرقها.

ومن طلب الحق من التقليد فمهما استقصى تعارضت عند الأقوال فيبقى متحيراً أو مايلاً إلى بعض الأقاويل بالتشهي وكل ذلك قصور بل ينبغي أن يطلب الحق بطريقه وذلك بالبحث عن مداركه.

فنقول أنه قد اشتهر أن الصحابة كانوا يعملون على كتب النبي صلى الله عليه وسلم نحو كتابه لعمرو بن حزم وبعث كتباً إلى الآفاق لتبليغ الرسالة كما بعث إلى قيصر وإلى كسرى وإلى النجاشي وإنما بعث ليدعوهم إلى دينه وليقيم الحجة عليهم فهذا دليل قطعي على وجوب العمل بالكتب لا يبقى معه عذر في المخالفة وإذا وجب العمل بالكتب الصحيحة المعتمدة وكان الاعتماد عليها لا يشترط في مشايخ الحديث في هذا الزمان ما قد شرطوه في القرون الأولى لأن العبرة عندهم إنما كانت للرواة والحفاظ فشرطوا ما شرطوا ليتحقق الاعتماد والثقة وأما الآن فالعبرة للكتب المعتمدة والنسخة المعتبرة فيكتفى في أهلية الشيخ بكونه مسلماً بالغاً عاقلاً غير متظاهر بالفسق والسخف وفي ضبطه بنسخة غير مبهم قوبل على أصل معتمد والاستظهار بأصول متعددة أحرى وأوثق وإذا قال الإنسان في عصرنا هذا قال النبي عليه السلام كذا يقبل إن كان معروفاً في جملة الأحاديث وإن لم يكن معروفاً لا يقبل لأن الأحاديث ضبطت وجمعت فما لا يعرف في كتب أصحاب الحديث منها في وقتنا هذا فهو غير ثابت.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير