ولما كانت هذه بدعة عم في الدين ضررها واستطار في الخلق شررها وجب كشف العطاء عن الأحاديث الموجبة للعمل والقائمة حجة بالإرشاد إلى الفرق بين الثابت منها وغير الثابت لأن لا يقع الناس في الهلاك والضلال. وقد كنت صنفتُ في التنبيه على مثل هذه البدعة الشائعة والضلالة المستوعبة كتبا ورسائل احتوت على دقائق واعتاصت على أفهام العامة فقدحوا فيها وخاضوا فيما لم يهتدوا به ولكن مقتضى الحال عند ذوي الدين والبصائر النظر إللى كافة الخلق بالرحمة وترك المماراة والنصيحة فنشرع بإذن الله ونتوكل عليه ونعوذ بالله من شرو ر أنفسنا.< o:p>
فيقال لهؤلاء المخترعين هذا القول الذي وصفناه هل تجدون هذا الذي قلتم عن أحد يلزم قوله وإلا هلموا دليلا على ما زعمتم. فإن ادعوا قول أجد من علماء السلف بما زعموا من كون الأخبار الثابتة بنقل الثقات حجة على المجتهدين فقط، لا على غيرهم طولبوا به ولن يجدوا هم ولا غيرهم إلى إيجاده سبيلا، وإن ادعوا فيما زعموا دليلا يحتج به يقال: ما ذلك الدليل؟ فإن قالوا إن الحديث يحتمل الوضع يقال: ليس الذي يقوم حجة خبر كل من نصب نفسه محدثاً بل ما رواه وأسنده الأئمة المتقنون المعروفون بالصدق والأمانة والثقات الراسخون في العلم عن قوم مرضيين عندهم وصححوه مثل مالك بن أنس ومسلم بن حجاج القشيري ومحمد بن إسماعيل البخاري و محمد بن إدريس الشافعيّ و أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ومحمد بن عيسى الترمذي و سليمان بن الاشعت السجستاني وغيرهم من الأئمة المعروفين وكتبهم بأسانيدهم بين العلماء معتمدة مشهورة حتى قالوا إن الحديث إذا نسب إليهم فكأنما أسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنهم قد فرغوا من الإسناد وأغنونا عنه ومن ثم لزم الأخذ بنص أحدهم على صحة السند أو الحديث أو ضعفه. فكما أن المجتهد يعتمد على ثبوت الخبر على الإسناد من جهة الثقات فكذلك غيره وكما أن خبر الواحد الثقة عن الواحد الثقة حجة يلزم به العمل على المجتهد وهو محجوج به فكذلك غيره وكما يجب علينا الاتقاء من حديث لا يعرف صحة صحة مخارجه والستارة في ناقليه فكذلك على المجتهد.
للكتاب البقية
< o:p>
ـ[عبد القاهر]ــــــــ[26 - 04 - 09, 04:10 ص]ـ
لكن أخي الكريم أين الكتاب؟
ـ[أبو حبيب التتاري]ــــــــ[26 - 04 - 09, 11:25 ص]ـ
الكتاب مطبوع فقط. فاكتبه في الوورد شيئا فشيئا
ـ[أبو حبيب التتاري]ــــــــ[27 - 04 - 09, 09:33 م]ـ
وأيضا إن الخبر يقين بأصله لأنه من حيث أنه قول الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحتمل الخطأ وإنما الشبهة باعتبار النقل حيث يحتمل السهو النسيان وقول الفقيه يحتمل الخطأ بأصله إذ هو يجتهد فيخطيء ويصيب وأما باعتبار نقله فأكثره خال عن السند أصلا. فكما أن وضع الخبر محتمل وصحة الإسناد يدفعه فكذلك وضع الرواية محتمل ولا اسناد حتى يدفعه.
والصحابة رضي الله عنهم كانوا متفقين على ترك الرأي بالسنة وهو حجة شرعية فكيف لا يترك التقليد بها وهو ليس بحجة أصلا. ألا ترى إلى قول العلماء أنه يسقط العمل بالحديث إذا ظهر مخالفته من الراوي بعد الرواية واما من غيره فلا يقدح في الحديث وإن كان من أئمة الصحابة إذا كان ممن يجوز أن يخفى عليه ذلك الحديث كما روى ان النبي عليه السلام رخص للحائض في ترك الطواف الصدر ثم صح عن ابن عمر رضي الله عنهما انها تقيم حتى تطهر فتطوف فلا يترك به العمل بالحديث المرخص لأن الحديث الصحيح واجب العمل به
ـ[أبوعبدالله وابنه]ــــــــ[26 - 06 - 09, 12:18 ص]ـ
جزاك الله خيراً يا أخي على التعريف بآثار علماء تلك الديار
ولا سيما من له مثل هذا النفس العزيز في عصره ومصره
غفر الله للمسلمين والمسلمين
لو تفضلت بتعريف المؤلف إلى إخوانك، وتوضيح فكرة الكتاب ومضمونه
وحبذا أن تكتب موضوعاً مستقلاً عن التاريخ العلمي لبلادكم ولا سيما في العصور الأخيرة ..
فإنه يلاحظ وجود عدد من العلماء بل مطابع وكتب ومؤلفات عديدة فكأن الحركة العلمية كانت ذات نشاط
ولو أمكن تصوير بعض تلك الكتب لكان من كمال إفادتك بارك الله فيك
ـ[أبو حبيب التتاري]ــــــــ[21 - 10 - 09, 10:22 م]ـ
إن شاء الله نحاول أن نأتي بشيء من تاريخنا وتراثنا
ـ[أبو حبيب التتاري]ــــــــ[10 - 03 - 10, 11:25 م]ـ
فلا يترك العمل به بمخالفة بعض الصحابة إذا أمكن عمل خلافه على وجه وقد أمكن بأن يقال إنما أفتى بخلافه لأنه خفي عليه النص ولو بلغه لرجع إليه فالواجب على من بلغه أن يعمل به هذا في فقهاء الصحابة رضي الله عنهم فكيف فيمن دونهم وقد صح عن الشافعي رضي الله أنه قال إذا صح الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فاتركوا قولي فإنه مذهبي وقال علي بن محمد القاري وهذا مذهب كل مسلم.
وأما قولهم الحديث يحتمل النسخ والتأويل قلنا إذا ظهر ناسخه فلا نزاع في سقوط العمل به وإن لم يظهر فلا يترك العمل بالدليل الثابت لاحتمال النسخ بل يعمل به حتى يظهر ناسخه ولو صار الدليل متروكاً بكل احتمال لم يبق دليل معمولاً به إلا نرى إلى ما نقله أصحاب الأصول عن أبي حنيفة ومحمد وحسن بن زياد رضي الله عنهم أن الحديث وإن كان منسوخاً لا يكون أدنى درجة من الفتوى ما لم يبلغه النسخ وقول أبي يوسف ليس للعامي أن يأخذ بظاهر الحديث محمول على عامي لا يعرف طرق الحديث وأقسام النظم وأحكام التعارض وغيره من الأصول مما يحتاج إليه في ترجيح بعض الرواية على بعض.
¥